فضائل أبي هريرة في تاريخ الإسلام
فضائل أبي هريرة في تاريخ الإسلام
فضله في حفظ أحاديث النبي
قيل إنَّ أبا هريرة -رضي الله عنه- أسلم سنة سبعٍ للهجرة قبل وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بثلاث سنوات! فكيف يكون أكثر الصحابة روايةً للحديث، أكثر من أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وهم أقدم إسلاماً منه، والجواب على هذه الشبهة بما يأتي:
- ليس صحيحا أنَّه أسلم سنة سبع، بل هو هاجر سنة سبع، وإسلامه قديم قبل الهجرة.
- ملازمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد كان أبو هريرة طالبُ علمٍ نشيط، ترك الدنيا كُلّها وتفرَّغ لطلب الحديث، ولم يطلب أحدٌ من الصحابة الحديث كطلبه، فعن أبي هريرة قال: (إن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق، وإن إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم، وإن أبا هريرة كان يلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشبع بطنه، ويحضر ما لا يحضرون، ويحفظ ما لا يحفظون).
- دعوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- له بالحفظ، كما دعا لابن عباس بالفقه والتأويل، فاستُجيبت دعوته، فأصبح أعلمَ الناس بالفقه والتفسير، فكان أبو هريرة من أعلمِ الناس بالحديث بفضل دعوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (قلت: يا رسول الله، إني أسمع منك حديثا كثيرا أنساه؟ قال: ابسط رداءك فبسطته، قال: فغرف بيديه، ثم قال: ضمه فضممته، فما نسيت شيئا بعده).
- كان أبو هريرة واسع الحفظ.
- طلب أبو هريرة العلم، وروى الحديث عن الصحابة، وأكثر من الطلب عليهم.
- للصحابة موقفان من التّحديث؛ أحدهما التورّع؛ خشية الغلَط، وثانيهما؛ الجُرأة على التّحديث؛ خشية ضياع العلم، فكان أبو هريرة من الجريئين، أمّا الذين كانت رواياتهم قليلة فكانوا من المتورّعين، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (إن الناس يقولون أكْثَرَ أبو هريرة، ولولا آيتان في كتاب الله ما حدثت حديثا، ثم يتلو {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى)، إلى قوله {الرحيم}).
- كان أبو هريرة -رضي الله عنه- كثير السؤال، ويسأل عن كُلِّ ما لا يعلمه.
- كان من أهل الصُّفَّة لا عمل له، ولا تجارة، وكان أعزباً لا زوجة له ولا ولد يشغله عن العلم والحديث.
- خرج من المدينة إلى البحرين، وهذا يعني أنَّه سيصادف هناك أناساً لا علم لهم بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فاجتهد لذلك في نقل الحديث.
- طال عمره، فمات سنة 57 للهجرة، وهذا يعني شيئين:
- أنَّه كُلّما طال العمر زاد الحديث، وهذا معلوم.
- أنَّه سيأتي جيل جديد من التابعين يتعلَّمون الدين، وسيضطر من تأخر عمره كأبي هريرة أن يُحدِّثهم بكُلِّ شيء.
فضله في دعوته قومه للإسلام
يروي أبو هريرة -رضي الله عنه- معاناته مع أمِّه حتى أدخلها في الإسلام، فقد كان يدعوها للإسلام وكانت تقول في رسول الله قولا سيّئاً، فبكى أبو هريرة وذهب يشكو للنبيّ، وطلب منه أن يدعو لوالدته، فدعا النبيّ أن يهديها الله، فرجع أبو هريرة فرحاً بدعوة الرسول، وطرق الباب على والدته، فكانت قد اغتسلت ولبست خمارها وفتحت الباب، يقو أبو هريرة -رضي الله عنه- عن والدته: (ثُمَّ قَالَتْ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، قَالَ فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَتَيْتُهُ وَأَنَا أَبْكِي مِنَ الْفَرَحِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَبْشِرْ قَدِ اسْتَجَابَ اللهُ دَعْوَتَكَ وَهَدَى أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ خَيْرًا).
ثم قال أبو هريرة لرسول الله: (قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ادْعُ اللهَ أَنْ يُحَبِّبَنِي أَنَا وَأُمِّي إِلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيُحَبِّبَهُمْ إِلَيْنَا، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهُمَّ حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هَذَا - يَعْنِي أَبَا هُرَيْرَةَ - وَأُمَّهُ إِلَى عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ، وَحَبِّبْ إِلَيْهِمِ الْمُؤْمِنِينَ» فَمَا خُلِقَ مُؤْمِنٌ يَسْمَعُ بِي وَلَا يَرَانِي إِلَّا أَحَبَّنِي).
فضله في حفظه أمانة إمارة البحرين
ولّاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على البحرين، وولّاه عمر على البحرين -أيضا- ثم عزله؛ لأنّ ماله كثر، فلمّا تحقَّق من ماله وجده خالياً من الحرام، فأراد أن يُوّليه مرة أخرى فرفض أبو هريرة زُهداً في الدنيا.
مناقب أبي هريرة
مناقب أبي هريرة -رضي الله عنه- أكثر من أن تحصى، وفيما يأتي ذكر بعض مناقبه:
- من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكُلّ ما ثبت للصحابة من فضلٍ فقد لحق بأبي هريرة ذلك الفضل.
- م ن أكثر الصحابة رواية للحديث.
- فضل أبي هريرة في رواية الحديث الشريف، وطلبه للعلم، وقد دعا له النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- بكثرة الحفظ.
- بِرِّه الشديد لأمِّه، وحرصه على إسلامها، وتهذيب أخلاقها.
- عتقه لبعض عبيده.
- زهده في الدنيا، فقد كان يلزم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على شِبَع بطنه.
- استعمال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- له والياً على البحرين، واستعمله عمر- رضي الله عنه- كذلك.
إن فضل الصحابي الجليل أبي هريرة -رضي الله عنه- أجلّ من أن تُعبَّر عنه الكلمات، فهو حافظ الإسلام، وراوية المسلمين ومحدِّثهم، وهو من أكثر الناس حفظاً للحديث الشريف ورواية له، ويكفيه الفضل أنَّه من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.