عدد أحاديث سنن الترمذي
عدد أحاديث سنن الترمذي
لقد سخَّر الله -تعالى- لدينه من العلماء العدد الكثير، فمنهم من اهتم بالتفسير، ومنهم من اشتغل بالحديث، ومنهم من عكف على الفقه والأحكام، ومنهم من اجتهد في المسائل المستجدة على مرّ العصور والأزمان، ولقد كان علم الحديث من العلوم التي اشتغل فيها الكثير من العلماء، فاختلفت أساليبهم وقدراتهم؛ لكن أثمرت نتائجهم بعد عمل مضنٍ وجهدٍ عظيم، ومن هؤلاء العلماء أبو عيسى الترمذي.
لقد عني أبو عيسى الترمذي -رحمهُ الله- بجمع أحاديث الأحكام؛ لكنّه ميّز فيها ما بين الصحيح والضعيف، وليس هذا فحسب بل ذكر مذاهب الصحابة والتابعين والفقهاء في مختلف البلدان، وكتابه الجامع الكبير، والذي اشتُهِرَ بسنن الترمذي يُعتبر من أهم مصادر الأحاديث، ويبلغ عدد أحاديث جامع الترمذي (3956) حديثاً .
منهجية كتاب سنن الترمذي
لقد كان للإمام الترمذي منهجية معينة في كتابه، وهي كما يأتي:
- اختصر طرق الحديث اختصارًا لطيفًا
فيذكر أحدهم ويومئ إلى ما عداه، يقول الشيخ أحمد شاكر: "بعد أن يروي الترمذي حديث الباب يذكر أسماء الصحابة الذين رويت عنهم أحاديث في هذا الباب، سواءً أكانت بمعنى الحديث الذي رواه، أم بمعنى آخر، أم بما يخالفه، أم بإشارة إليه ولو من بعيد"، ولا شك أن هذا يدل على اطلاع واسع وحفظ عظيم.
- يذكر في أغلب الأوقات آراء الفقهاء وأقوالهم في المسائل الفقهية
وفي كثير من المسائل يشير إلى دلائلهم، ويذكر الأحاديث المتعارضة في المسألة، وهذا مهمٌ جدًا؛ إذ فيه المقصد من علوم الحديث وهو تمييز الحديث الصحيح من الضعيف، ليسهل الاستدلال والاحتجاج، ثم التطبيق والعمل.
- عكف على العناية في كتابه بتعليل الحديث
بأن يذكر درجته من الصحة أو الضعف، ويسهب في تفصيل التعليل والرجال، فكان كتابه مثالاً حياً لقواعد علوم الحديث، خصوصًا علم العلل، فيستفيد منه الجميع؛ العالم والمتعلّم، والباحث على حدٍ سواء.
التعريف بصاحب الكتاب
هو الإمام محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك الترمذي، وُلِدَ الترمذي في سنة (209هـ)، وكان يطلب العلم بالترحال؛ فرحل إلى خُراسان والعراق ومكّة والمدينة، ومن الذين تتلمذ على أيديهم: قتيبة بن سعيد، وإسحاق بن راهويه، ومحمد بن إسماعيل البُخاري، ومحمد بن عمرو السواق، ومحمود بن غيلان، وإسماعيل الفزازي، وأبو مصعب الزهري، وعلي بن حجر.
مما قيل عن الترمذي رحمهُ الله
لقد شهد العلماء للترمذي ب الورع والتقوى، وقوة الحافظة، والفهم العميق، ومما قيل عنهُ -رحمه الله- ما يأتي:
- قال ابن حبان -رحمه الله-: " كان أبو عيسى ممن جمع وصنَّف، وحفظ وذاكر".
- قال أبو سعد الإدريسي -رحمه الله-: "التِّرمِذي أحد الأئمة الذين يقتدى بهم في علم الحديث، صنف كتاب "الجامع" والتواريخ والعلل، تصنيف رجل عالم متقن، وكان يُضرَب به المثَل في الحفظ".
- قال الحاكم -رحمه الله-: "سمعت عمر بن علك يقول: مات البخاري فلم يخلف بخراسان مثل أبي عيسى، في العلم والحفظ، والورع والزهد، بكى حتى عمِي، وبقي ضريرًا سنيناً".