عدد آيات القرآن الكريم وحروفه
عدد آيات القرآن الكريم وحروفه
أجمع العلماء والمفسرين على أنّ القرآن الكريم يتكوّن من مئة وأربع عشرة سورة، وتعدّدت الأقوال في عدد حروف القرآن وكلماته وآياته كما يأتي:
- ورد عن عبد الله ابن عباس -رضي الله عنه- أن القرآن الكريم يتكوّن من (6616) آية، وعدد حروف القرآن تُقدّر ب (323671).
- نقل أبو عمرو الداني أنّ عدد آيات القرآن الكريم يتكوّن من (6204) آيات، وقيل (6014) آية، وقيل (6219) آية، وقيل (6225) أو (6226) آية، وقيل (6236) آية.
- ذكر الفضل بن شاذان عن عطاء بن يسار أنّ القرآن الكريم يتكوّن من (323015) حرفاً، وذكر عبد الله بن كثير أنّ عدد حروف القرآن هو (321180) حرفاً، ونقل سلام أبو محمد الحماني أنّ عدد حروف القرآن (340740) حرفاً.
- نُقل عن الحسن البصري وأبي العالية ونصر بن عاصم وعاصم الجحدري ومالك بن دينار أنّهم أحصوا عدد حروف القرآن وكلماته بأربعة أشهر؛ فوجدوا أنّه يتكوّن من (77439) كلمة، ويتكوّن من (323015) حرفاً.
ونصف القرآن يكون عند حرف الفاء من كلمة وليتلطّف في سورة الكهف في قوله -تعالى-: (فَابعَثوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُم هـذِهِ إِلَى المَدينَةِ فَليَنظُر أَيُّها أَزكى طَعامًا فَليَأتِكُم بِرِزقٍ مِنهُ وَليَتَلَطَّف وَلا يُشعِرَنَّ بِكُم أَحَدًا)، وثُلث القرآن الأول عند رأس الآية مئة من سورة التوبة، وثُلثه الثاني في سورة الشُّعراء عند رأس الآية مئة أو مئة وواحد، والثُلث الثالث إلى آخر القرآن، وقد قُسّم القرآن إلى سبعة أقسام؛ فالسُّبع الأول إلى حرف الدال في كلمة "صدّ" في قوله -تعالى-: (فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَىٰ بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا)، والثاني إلى حرف التاء في كلمة "حَبِطت" في قوله -تعالى-: (وَالَّذينَ كَذَّبوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الآخِرَةِ حَبِطَت أَعمالُهُم هَل يُجزَونَ إِلّا ما كانوا يَعمَلونَ).
والثالث إلى الألف الثانية من كلمة "أُكلها" في قوله -تعالى-: (مَثَلُ الجَنَّةِ الَّتي وُعِدَ المُتَّقونَ تَجري مِن تَحتِهَا الأَنهارُ أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها تِلكَ عُقبَى الَّذينَ اتَّقَوا وَعُقبَى الكافِرينَ النّارُ)، والرابع إلى حرف الألف في قوله -تعالى-: (لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا)، والخامس إلى حرف الهاء في قوله -تعالى-: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ)، والسادس إلى حرف الواو في كلمة السّوء في قوله -تعالى-: (وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّـهِ ظَنَّ السَّوْءِ)، والسابع إلى آخر القرآن.
ترتيب الآيات في القرآن الكريم
أجمع علماء الأمة الإسلامية على أنّ ترتيب آيات القرآن الكريم ثابتٌ كما نَزَل على الرسول -صلى الله عليه السلام- بواسطة الوحي جبريل -عليه السلام-، وليس هناك ما يدعوا للشك أو الخلاف فيه، وقد نُقل عن الإمام السّيوطي -رحمه الله- أنه قال: "الإجماع والنصوص المترادفة على أن ترتيب الآيات توقيفي لا شبهة في ذلك"، فعندما كان جبريل -عليه السلام- ينزل بالآيات على الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يُخبره بموضع الآية من السورة، ثمّ يأمر الرسول -عليه الصلاة السلام- كُتّاب الوحي بكتابة الآية كما بيّنها جبريل -عليه السلام-، وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقرأ الآيات مُتتابعة في الصلاة فرضاً كانت أم نفلاً، وكذلك عند موعظته لأصحابه، وكان الصحابة -رضوان الله عليهم- يكتبون الترتيب كما عرفوه من رسول الله ويعرضونه عليه حتّى انتشر في كل مكان، فأخذ النّاس الترتيب عن بعضهم البعض كما وصلهم.
طريقة معرفة الآية
انقسمت أقوال العلماء في طريقة معرفة الآيات لقولين كما يأتي:
- القول الأول: ثبت أنّ الطريقة في معرفة الآيات متوقّفةٌ على ما حدّده الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وذلك استناداً لأحاديث عِدّة كان الرسول قد حدّد بها مواضع الآيات وعددها في السورة الواحدة، مثل ما أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله- عن أُبي بن كعب -رضي الله عنه- أنّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (يا أبا المُنْذِرِ، أتَدْرِي أيُّ آيَةٍ مِن كِتابِ اللهِ معكَ أعْظَمُ؟ قالَ: قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ. قالَ: يا أبا المُنْذِرِ أتَدْرِي أيُّ آيَةٍ مِن كِتابِ اللهِ معكَ أعْظَمُ؟ قالَ: قُلتُ: {اللَّهُ لا إلَهَ إلَّا هو الحَيُّ القَيُّومُ} قالَ: فَضَرَبَ في صَدْرِي، وقالَ: واللَّهِ لِيَهْنِكَ العِلْمُ أبا المُنْذِرِ)، وما أخرجه الإمام الترمذي -رحمه الله- في سننه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنَّ سورةً من القرآنِ ثلاثون آيةً شَفعت لرجلٍ حتى غُفِرَ له، وهي تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ).
- وكذلك ما أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله- في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (أُمُّ القُرْآنِ هي السَّبْعُ المَثانِي والقُرْآنُ العَظِيمُ)، والسبع المثاني هي سورة الفاتحة وتتكون من سبع آيات، وما أخرجه أيضاً عن عقبة بن عمرو -رضي الله عنه- أنّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَن قَرَأَ بالآيَتَيْنِ مِن آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ في لَيْلَةٍ كَفَتاهُ)، ويوجد الكثير من الأحاديث التي تحتوي على تحديد العديد من الآيات وبيان عددها، وهذا يؤكّد أنّ العلم ببداية الآية ونهايتها مُتوقّفٌ على ما نقله الصحابة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
- ومن الأمور التي أكّدت على أنّ الآيات علمها توقيفيٌّ من الله -تعالى-؛ فواتح السور التي اعتُبر بعضها آية واحدة، وأخرى اعتبرت جزء من آية، كقوله -تعالى-: (المر تِلكَ آياتُ الكِتابِ وَالَّذي أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَبِّكَ الحَقُّ وَلـكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يُؤمِنونَ)، وقوله -تعالى-: (حم* عسق)، وقوله -تعالى-: (كهيعص)، وهذا التفريق لم يكن إلا بواسطة نبي الله محمد -صلى الله عليه وسلم-، ولا يستطيع أحد القياس فيه، وقد نُقل عن الإمام الزمخشري أنه قال: "علم الآيات توقيفي لا مجال للقياس فيه".
- القول الثاني: ذهبوا إلى أنّ علم الآيات يكون عن طريق السماع قياساً على طريقة تلاوة الرسول -عليه الصلاة والسلام- للقرآن الكريم، فما وقف عليه دائماً يكون نهاية الآية، وما وصله دائماً يكون جزء من الآية، وما وقف عنده مرة أو استمر بالقراءة عنده مرة أخرى فهو بذلك يحتمل الوجهين، ولا مانع من ذلك لأنّه لا يؤدّي إلى إنقاص آياتٍ أو إضافة آياتٍ، وإنّما هو مبنيٌّ على تعيين موضع الفصل أو الوصل، فمثلاً ذهب البعض إلى أنّ البسملة في سورة الفاتحة آية منها، وبذلك اعتبروا قوله -تعالى-: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ)، آية كاملة، وذهب آخرون إلى أنّ البسملة ليست بآية، وأنّ كلمة "عليهم" الأولى تفصل بين الآيتين، وبذلك تكون السُّورة سبع آيات من دون البسملة.