عجائب خلق الله في الكون
عجائب خلق الله تعالى في الكون
خَلَق الله -تعالى- هذا الكون وهذا الخلق بأحسن صورةٍ، وينبغي على العاقل أن ينظر في دقَّة صنع الله، ويتَّعظ من القدرة التكوينيَّة على الخلق، قال الله -تعالى-: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)، وعجائب هذا الكون كثيرةٌ، نذكر بعضها فيما يأتي:
عجائب خلق الله في الطبيعة
البرق والرعد والصواعق
قال الله -تعالى-: (هُوَ الَّذي يُريكُمُ البَرقَ خَوفًا وَطَمَعًا وَيُنشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ* وَيُسَبِّحُ الرَّعدُ بِحَمدِهِ وَالمَلائِكَةُ مِن خيفَتِهِ وَيُرسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصيبُ بِها مَن يَشاءُ وَهُم يُجادِلونَ فِي اللَّـهِ وَهُوَ شَديدُ المِحالِ)، فقد جعل الله -تعالى- هذه الظَّواهر الكونيَّة من مظاهر قدرته على الصُّنع، ودعا النَّاس أن يتفكَّروا فيها، حيث إنَّ هذه الظواهر من جنود الله -تعالى- يرحم بها من يشاء، وقد أفرد الله -تعالى- سورةً كاملةً باسم الرَّعد؛ ليبيِّن عظمة هذا الخلق العظيم.
المياه والبحار
قال الله -تعالى-: (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا)، لفت الله -سبحانه- الخلق إلى عظيم صنعه في خلق الماء، وجعله من الآيات المبهرات الدالَّات على وجوده.
وقد خلق الله -تعالى- الماء على أشكالٍ؛ فقد يكون قطراتٍ، وقد يكون بحراً زاخراً، وقد يجعله سحاباً، بل إنَّ أشكال تواجده آية من الآيات، فقد يجمعه الله في الأرض، أو يخرجه من عيون الماء، قال الله -تعالى-: (وَهُوَ الَّذي سَخَّرَ البَحرَ لِتَأكُلوا مِنهُ لَحمًا طَرِيًّا وَتَستَخرِجوا مِنهُ حِليَةً تَلبَسونَها وَتَرَى الفُلكَ مَواخِرَ فيهِ وَلِتَبتَغوا مِن فَضلِهِ وَلَعَلَّكُم تَشكُرونَ).
عجائب خلق الله في الأرض
خلق الله -تعالى الأرض، بيضويَّةً، وجعل فيها عجائب كثيرةً من مخلوقاته؛ كالجبال والبحار والنبات والحيوان وغير ذلك، ويمكن أن نستعرض بعضها فيما يأتي:
جبال مختلفة الألوان والأشكال
جعل الله -تعالى الجبال مختلفة الألوان، قال الله -تعالى-: (وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ)، ويرجع السَّبب في اختلاف ألوانها إلى اختلاف المعادن التي تحويها، والتي تتأكسد مع الماء؛ لتعطي هذا الَّلون.
وقد جعل الله -تعالى- الجبال كالأوتاد؛ ومهمَّة الوتد للخيمة -مثلا- هي تثبيت الخيمة، وكذلك الجبال تثبت الأرض، كما أن ثلثي الجبال ينغمر في باطن الأرض، والذي نراه منه هو الثلث، وكذلك الوتد ينغمر أكثره في الأرض، قال الله -تعالى-: (وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا).
تنوع النباتات
من عجائب خلق الله -تعالى- أنَّك ترى البذرة التي بحجم رأس الدَّبوس تنمو منها الشَّجرة الضَّخمة، وترى الأرض الواحدة تنبت فيها النباتات المختلفة، رغم أنَّها تُسقى من الماء نفسه، وتنبت في التربة نفسها، إلَّا أنَّ الثِّمار تختلف لوناً وشكلاً، وطعماً وحجماً، وتختلف في الفائدة والنَّفع.
قال الله -تعالى-: (وَفِي الأَرضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنّاتٌ مِن أَعنابٍ وَزَرعٌ وَنَخيلٌ صِنوانٌ وَغَيرُ صِنوانٍ يُسقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعضَها عَلى بَعضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يَعقِلونَ).
الهواء والأكسجين
من بدائع خلق الله -تعالى- أنْ خَلَق لنا الهواء، والذي به تعتدل حرارة جسم الكائنات، وهو الذي يزوِّد الجسم بالأكسجين، ولا تقف فائدته للإنسان عن طريق الاستنشاق فحسب، بل إنَّ الهواء هو الذي يسوق السَّحاب ليُمطر في بقعةٍ من الأرض ما كان لها أن ترى المطر لولا أنَّ الرياح ساقت إليها تلك الغيمة، قال الله -تعالى-: (وَأَرسَلنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنزَلنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسقَيناكُموهُ وَما أَنتُم لَهُ بِخازِنينَ).
عجائب خلق الله في الإنسان
إنّ من مظاهر قدرة الله -تعالى- خلقه للإنسان ، وقد دبّ فيه الحياة، وجعل الموت نهاية لحياته، وفيما يأتي بعض مظاهر قدرة الله -تعالى- في خلق الإنسان:
مراحل تكون الجنين
جاء في القرآن الكريم ذكر مراحل خلق الجنين في رحم أمِّه، فقال الله -تعالى-: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ* ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ* ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّـهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)، وهذه المراحل ابتداء من النطفة ثمَّ العلقة ثمَّ المضغة ثمَّ العظام ثمَّ نفخ الروح، هي نفسها المراحل التي أثبتها العلم الحديث، وهذا دالٌّ على عظيم قدرة الخالق.
النطفة والوراثة
إنّ من عجائب خلق الله -تعالى- أنه جعل الحيوان المنوي على الرَّغم من أنَّه مخلوقٌ لا يرى بالعين المجرَّدة؛ لصغر حجمه، جعله مسؤولاً عن تحديد الذكورة والأنوثة، قال الله -تعالى-: (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى* مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى)، وهذا الذي ذكره القرآن جاء موافقاً للأبحاث العلميَّة المعاصرة.
عجائب خلق الله في الحيوانات
خلق الله -تعالى- الحيوانات بأشكالٍ مختلفةٍ ومتنوِّعةٍ؛ منها ما يزحف، ومنها الطائر في الهواء، والذي يمشي على أربع، ومنها ما يسكن البحر، أو في البرِّ، أو في جوِّ السَّماء، وكلُّها تتكيَّف ببيئاتها وتنسجم بمحيطها، ومن هذه المظاهر العجيبة نذكر ما يأتي:
عجائب الخلق في المخلوقات البحرية
إنّ من عجائب خلق الله في البحر أنْ جَعَله كثير التنوُّع، فالمخلوقات البحريَّة تزيد على المليون نوعٍ، وفيها من مظاهر الدقَّة في الخلق ما يحار له العقل، فلو تحدَّثنا عن الزعانف في السمكة -مثلا- فهي التي تتحكَّم في توازن السَّمك وفي حركته.
والزعانف هي التي تجعلها تتحكَّم بحركتها إلى الأمام والخلف أو اليمين والشمال، أو تتحكم بسرعتها أو بتوقفها وسيرها، وأشبه ما يكون بالكوابح، قال الله -تعالى-: (وَمَا قَدَرُوا اللَّـهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ).
طريقة التخاطب عند النمل
أُمَّة النَّمل أُمَّةٌ منظمةٌ، ويقتضي هذا النِّظام وجود تواصلٍ بين أفراد هذه الأُمَّة، وأفضل سبل التَّواصل هو التخاطب، وقد أخبر القرآن الكريم عن التَّخاطب بين النَّمل في قول الله -تعالى-: (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)، وقد أثبت العلم الحديث أنَّ النَّمل قادرٌ على التعرُّف على بعض الذبذبات، ولا يمنع أن تكون هذه الذبذبات ناتجةً عن لغة التَّخاطب بين النَّمل.
إنتاج النحل للعسل
العسل الذي ينتجه النحل مركبٌ من أكثر من سبعين مادَّةً مختلفةً، وتختلف منفعة العسل تبعاً للمادة التي يتغذَّى عليها النَّحل، حيث يرتشف النَّحل من الزُّهور المختلفة في السهول، كما يختلف نوع العسل تبعاً لجودة هذه الأزهار، والتي تعتمد جودتها على جودة النبتة، وتبعاً للحالة الجويَّة السَّائدة في وقت إنتاج العسل.
ويختلف لون العسل تبعاً للون المادَّة التي يتناولها النَّحل، قال الله -تعالى-: (وَأَوحى رَبُّكَ إِلَى النَّحلِ أَنِ اتَّخِذي مِنَ الجِبالِ بُيوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمّا يَعرِشونَ* ثُمَّ كُلي مِن كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسلُكي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخرُجُ مِن بُطونِها شَرابٌ مُختَلِفٌ أَلوانُهُ فيهِ شِفاءٌ لِلنّاسِ إِنَّ في ذلِكَ لَآيَةً لِقَومٍ يَتَفَكَّرونَ).