صفات أولياء الله الصالحين
صفات أولياء الله الصالحين
لقد بشّر الله -عز وجل- عباده المؤمنين الصادقين في القرآن الكريم بالطمأنينة والسعادة، فقال تعالى: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) ، وسمّاهم بالأولياء، وهي علاقةٌ بين العبد وربه؛ العبد يحقق فيها معنى العبودية بقلبٍ صادق الإيمان، ولسان دائم الذكر، وجسد يلتزم الطاعات، وربّه يتولاه ويدبّر أموره، ولنصل إلى هذه المرتبة العظيمة، لا بدّ أن نتصف بصفات أولياء الله الصالحين ومنها:
تقوى الله عز وجل
إنّ التقوى من الصفات التي حثّت عليها الآيات القرآنية والأحاديث النّبوية ، وهي زادٌ وغذاءٌ لأرواحِ أولياء الله الصالحين، قال تعالى: (وتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)، وذلك بالتزام أوامر الله، وتجنب المعاصي؛ ليكون الجزاء كما قال تعالى: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ* الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ* لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
طاعة الله ورسوله
لا يمكن أن يصل العبد إلى مرتبةِ أولياء الله إلا بطاعته والتزام سنّة النّبي -صلى الله عليه وسلم-، واجتناب المعاصي وترك اتباع الهوى والبدع، فالولاية ليست كما يقول بعض الدجّالين الذين يكذبون على الناس ويعلمونهم الالتجاء لغير الله ممّا لا يضر ولا ينفع كالقبور وأصحابها.
الحب في الله والبغض في الله
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أوْثَق عُرَى الإيمانَ: الحبّ في الله، والبُغْضُ في الله)، فالمؤمن الذي يرجو أن يكون من أولياء الله يحبُّ ما يحب الله، ويكره ما يكره الله، يحبّ أهل الطاعات ويبغض الأعداء الذين يشيعون الفاحشة بين عباده.
فتكون رابطة الإيمان أعظم في قلبه من روابط الدم والعشيرة، قال الله تعالى: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ).
الزهد في الدنيا
إنّ أولياء الله الصالحين قلوبهم معلّقة بالله -عز وجل-، وخير أيامهم يوم يلقونه وهو راضٍ عنهم بعد أن رضوا بقضائه وقدره في الدنيا، فلا يبالوا بالذم والمدح والفقر والغنى، وتعاملوا مع نعم الله -عز وجل- على أنها وسيلة تعينهم على الطاعة والعبادة لا تشغلهم عنها.
وهذه المرتبة صعبة؛ لأنّ الإنسان محبٌّ للمالِ والحياة، كما قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: (يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ وَتَشِبُّ مِنْهُ اثْنَتَانِ الْحِرْصُ عَلَى الْمَالِ وَالْحِرْصُ عَلَى الْعُمُرِ)، فمن أراد الوصول إليها، يجب أن يُهذّب نفسه ويدربها على التواضع والصبر والرضى، وأن يعرف معنى الحياة الدنيا وقيمتها بالنسبة للآخرة.
عدم الغلو في العبادة
إن مرتبة الولاية تستلزم من العبد التوسّط والاعتدال في كل شيء، فهو زاهد بالدنيا، لكن تظهرعليه نعم الله، فلا ينسى حظ نفسه وعائلته، ولنا في رسول الله قدوةٌ حسنة، وهو النّبي خيرُ خلق الله الذي قال: (أَمَا واللَّهِ إنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وأَتْقَاكُمْ له، لَكِنِّي أصُومُ وأُفْطِرُ، وأُصَلِّي وأَرْقُدُ، وأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فمَن رَغِبَ عن سُنَّتي فليسَ مِنِّي)،
فالحديث يدل على التوسط والاعتدال، وليست الولاية بكثرة الصلاة والصيام والعزلة عن الناس، بل بمخالطتهم والصبرعلى أذاهم وتنقية القلوب من الحسد والحقد والغل اتجاههم.
المعرفة الصحيحة بأمور الدين
ذكرنا أنّ من صفات أولياء الله الصالحين التقوى والطاعة والعبادة، وهذا كلّه لا يتحقق إلا بتعلّم أمور الدين بطريقة صحيحة ومن مصادر صافية، فكيف نعبد الله ونحن نجهل ما لا يجوز الجهل به، فيجب على المؤمن أن يتعلّم ويتفقّه بالدين، وينظر في كتاب الله وسنة رسوله، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: (مَن يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ).
وليس المطلوب أن يكون جميع المسلمين فقهاء وعلماء متخصّصين، لكن المطلوب تعلّم ما لا يستغني المسلم عنه، كالعبادات مثل: الصلاة والصيام وغيرهما من الأركان التي لا يصحّ الإسلام والإيمان إلا بها، وأن يتعلم الحلال والحرام في المعاملات التي يمارسها حسب مكانه ووظيفته، فإذا أشكل عليه شيء، فعليه أن يرجع إلى أهل الذكر، قال تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).
الإكثار من النوافل
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه في الحديث القدسي: (وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ).
فمن أراد محبة الله وولايته ورعايته حرص على إقامة الفرائض، ثم بذل جهده في الإكثار من النوافل والسنن؛ ليتقرب إلى الله -عز وجل-، فلا يكتفي بأدنى مراتب الإيمان، بل يكون من المحسنين الذي عرفوا الله كأنهم يرونه، وقدروه حق قدره.
الاحتكام لشرع الله
قال تعالى: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، بيّنت الآية الكريمة أن أولياء الله يستجيبون إلى أمر الله وينقادون إلى أحكامه، ويقدموا قوله وقول رسوله على أهوائهم وشهواتهم، فلهم عقول تفقه كلام الله، وآذان صاغية لكل خير، فلا يخالفون أمرالله لإرضاء غيره واتباع أهل الضلال.
الأخلاق الحسنة
يتحلى أولياء الله الصالحون بالأخلاق الحميدة التي تميزهم عن غيرهم ومنها:
- السلامة من أمراض القلوب؛ كالحقد، الحسد، الرياء.
- الكرم والجود والإنفاق في سبيل الله.
- العدل والحكمة.
- الحرص على العلم.
- تقدير قيمة الوقت.
- الحرص على الفضائل.