شركات التأمين
شركات التأمين
يلجأ الناس إلى شركات التأمين؛ للاستفادة من المبلغ الذي تُقدِّمه لهم هذه الشركات كتعويض عن بعض الأخطار التي يَتعرَّضون لها، كاحتراق منازلهم، أو تَعرُّضهم للسرقة، أو في حالات المرض، والعَجْز، وغيرها، وتُعَدّ هذه الشركات من أهمّ القطاعات الاقتصاديّة في هذه الأيّام، وبما أنّ موضوع المقال يتمحور حول التأمين، فلا بُدّ لنا من تعريفه بشكل واضح، حيث يُعرَّف التأمين لغويّاً بأنّه الأمن، والاطمئنان، وزوال الخوف ، أمّا التعريف القانونيّ له فيتلخَّص في أنّه عَقْد يَتعهَّد بموجبه المُؤمِّن بأن يُعوِّض الخسائر التي يتعرَّض لها المُؤمَّن له، مُقابل مبلغ نقديّ يدفعُه المُؤمَّن له يُسمّى (قِسط التأمين)، وقد ظهرت شركات التأمين؛ لتحقيق الهدف المَرجُوّ من التأمين للناس، وتُعرَّف بأنّها شركات تجاريّة تَحصلُ على مبالغ من المُشترِكين معها، إمّا بطريقة مباشرة، كبعض حالات التأمين على الحياة، أو بطريقة غير مباشرة، عن طريق دَفْع قِسْط التأمين، وتستثمرُ بدورها هذه الأموال، كفكرة البنوك التجاريّة، وهي ذات دَور مُزدوَج؛ إذ تتلقّى المال ، واستثماره، وتدفعُه للمُشتركين في حالة تحقُّق الخطر.
وقد ظهرَ التأمين بصورته الحاليّة منذ القرن 19م، إلّا أنّ أصله يعود إلى العصور القديمة ؛ فقد كان المصريّون القدماء يدفعون مبلغاً اشتراكيّاً؛ لتأمين تكلفة دَفْنهم، وتحنيطهم، كما كان العرب قديماً يتعاونون؛ لتقديم تأمين لمَن يَتعرَّض منهم للخسارة أثناء رحلاته التجاريّة، ومع بداية القرن 12م، بدأ التأمين يتَّخذ شكل المُقامرة والرهان؛ إذ كانوا يُبرِمون ما يُسمّى ب(عَقْد القَرض البحريّ)، والذي يتضمَّن مبلغاً من المال يأخذه صاحب السفينة ، فإذا عادَ سليماً يُعيدُه إلى صاحبه بفوائد باهظة، إلّا أنّ فكرة التأمين تغيَّرت مع بداية القرن 14م، وأصبحت مَبنيّة على فكرة التعاوُن بدلاً من المُقامرة.
أنواع شركات التأمين
تتَّخذ شركات التأمين صفةً عامّة بكونها مُؤسَّسات ماليّة، وهي مُصنَّفة ضمن نوعين رئيسيَّين، هما: شركات تأمين وِفْقاً لتشكيلة الأنشطة التأمينيّة، ووِفقاً للشكل القانونيّ، وفيما يأتي تفصيلٌ لكلّ نوع.
وِفْقاً للأنشطة التأمينيّة
تُنفِّذ الشركات تأميناً على مختلف جوانب الحياة، ولكلّ شركة تَخصُّص في نوعيّة هذه الأنشطة التأمينيّة التي تُقدِّمها، حيث يمكن تصنيفها إلى 4 أنواع ، وهي:
- شركات التأمين على الحياة: تَهتمّ هذه الشركات بتقديم التأمين للمُشترك فيما يتعلَّق بحياته، أو وفاته، ويُقدّم بعضها النوعَين، فتُسمَّى شركات تأمين مُختلطة.
- شركات التأمين العامّ: تختَصّ هذه الشركات بالتأمين على مُمتلَكات المُشترِك، فتُقدِّم له تعويضاً في حالات الحريق، والسرقة، كما تُقدِّم تأميناً على جميع أنواع النَّقْل، إضافة إلى أنّها تُقدِّم تأميناً على المسؤوليّة المدنيّة للمُشترِكين ضِدّ الغير، كحالات حوادث السيارات .
- صناديق الضمان الاجتماعيّ: تَختَصّ هذه الشركات بالجوانب العلاجيّة للمُشترك؛ إذ إنّ المُشترك عندما يحتاج إلى العلاج، فإنّه يدفع مبلغاً بسيطاً، وتتكفَّلُ شركة التأمين بدَفْع تكاليف العلاج المُتبقِّية.
- الشركات الشاملة: حيث تُؤمِّن هذه الشركات على الحياة، والوفاة، وتُقدِّم تأميناً على المُمتلَكات، والنَّقْل، وضِدّ الغير، والعلاج؛ إذ تُعَدّ هذه الشركات شاملة للأنواع الثلاثة السابقة من شركات التأمين.
وِفْقاً للشكل القانونيّ
تُصنَّف شركات التأمين وِفْقاً للشكل القانونيّ إلى نوعين، هما:
- شركات المُساهمة: يتمّ تشكيل هذه الشركات على يد أصحاب الأسهم ، وتكون ملكيَّتها عائدة إليهم، فيستفيدون من الأرباح التي تُحقِّقها الشركة، كما أنّهم يُكلِّفون مجلس إدارة لتولِّي أمور الشركة، وتسيير شوؤنها.
- شركات الصناديق: تختلف هذه الشركات عن سابقتها بكونها ضخمة، وتخلو من الأسهم ؛ إذ تعود ملكيّة الشركات إلى حَمَلة الوثائق التأمينيّة، ويُكلَّف فريق من الخبراء المُختَصّين بإدارة الشركة.
مبادئ شركات التأمين
تتَّبعُ شركات التأمين مجموعةً من المبادئ التي تلتزم بها أثناء تقديم خدمة للعميل؛ وذلك للحافظ على العملاء، وجَذْب مُشتركين آخرين للشركة، كما أنّ بعض هذه المبادئ تضمنُ عدم الخسارة لشركات التأمين، ويستند نظام المبادئ إلى أُسُس فنّية، وقانونيّة موضوعيّة؛ لتصبحَ الشراكة آمنة للطَّرَفَين، وهذه المبادئ هي:
- مبدأ حُسن النيّة: ويُقصَد بهذا المبدأ إدلاء الشركة، والعميل بكافّة الحقائق الجوهريّة، وعدم الإدلاء بحقائق مُضلِّلة، ومن أهمّ الحقائق الجوهريّة التي قد تزيد نسبة الخطر، والتي يجب الإفصاح عنها ما يأتي:
- الوَصْف الشامل للشيء المُراد التأمين عليه.
- إظهار أيّة وثائق تُقدِّم تأميناً ضدّ الخطر نفسه.
- تقديم تفصيل للخسائر والمُطالَبات التأمينيّة السابقة.
- توضيح تصرُّفات العميل، أو أيّة حقائق قد تُعرِّض الشيء المُؤمَّن عليه لخطر أعلى من المُعدَّل الطبيعيّ.
- مبدأ المصلحة التأمينيّة: وذلك بأن يكون الشخص الذي يتلقَّى المنفعة التأمينيّة هو الذي يكون عُرضة للخسارة الماليّة وقت حدوث الضرر للشيء المُؤمَّن عليه، ويكون الشيء المُؤمَّن عليه خاضعاً لمبدأ المصلحة التأمينيّة إذا كان مُلكاً للعميل، أو مُستأمَناً عليه، أو مُستأجِراً له.
- مبدأ التعويض: يُبنى مبدأ التعويض على فكرة إعادة المُؤمَّن له بعد خسارته إلى حالته الماليّة السابقة، ولتحقيق ذلك يجب على العميل تحديد القيمة الفعليّة التي فَقَدها بعد تَعرُّضه للخسارة، ويمكن تقديم التعويض للعميل بعدّة أساليب، منها:
- الدَّفْع النقديّ من قِبَل الشركة للعميل، وهي الطريقة الأكثر مُلاءمة غالباً.
- إصلاح الشركة للقِطَع المُتضرِّرة على نَفَقَتها؛ فبعض الشركات تمتلكُ ورشات تصليح خاصّة بها، إضافة إلى العُمّال، كما أنّه قد يكون لديها مصلحة ماليّة لدى ورشات التصليح، ممّا يساعد على ضَبْط التكاليف المطلوبة للتصليح.
- استبدال القِطَع التالفة، أو غير القابلة للإصلاح، أو المفقودة، ممّا يُمكِّن الشركة من الاستفادة من الخصومات.
- إعادة المباني، والآلات إلى وَضْعها السابق من قِبَل الشركة ، كبناء المبنى المُتضرِّرمن جديد، وهو ما يُسمَّى (جَبْر الضرر).
- مبدأ الحلول: يُبنى مبدأ الحلول على تقديم التعويض للعميل عند تَعرُّضه للضرر من قِبَل شخص آخر، ثمّ حلول الشركة محلَّ العميل في المُطالبة من الشخص الآخر الذي تسبَّب في الضرر بتقديم التعويض اللازم، ويُطبَّق هذا المبدأ في حالة خيانة الأمانة، أو السرقة، أو الحريق ، أو في حالة التأمين البحريّ، والتأمين على الدَّخْل .
- مبدأ المُشاركة بالتعويض: ويعني حقّ شركة التأمين بمُطالَبة شركات التأمين الأخرى بالمُشاركة في دَفْع التعويضات اللازمة؛ إذ يُطبَّق هذا المبدأ في حال كان العميل قد اشتركَ في أكثر من شركة تأمين على الشيء نفسه المُراد تأمينه.
- مبدأ السبب المباشر: إذ يجب تحديد سبب الخسارة عند وقوعها؛ لأنّ الخسارة قد تكون نتيجة لأكثر من سبب، حيث إنّ معرفة السبب المباشر للخسارة يُحدِّد إذا ما كانَ هناكَ تعويضٌ للمُؤمَّن لهن أم لا.
عمليّة التأمين
تشملُ عمليّة التأمين إبرام عَقْد تلتزمُ بموجبه شركة التأمين بتغطية كافّة الخسائر الناتجة من الأخطار التي قد يتعرَّض لها المُؤمَّن له، مقابل مبلغ يُسمَّى القِسط ، أو الاشتراك، حيث يدفعُه إلى شركة التأمين، ولا تتمّ عمليّة التأمين إلّا بتوفُّر عدّة أركان، إذ يمكن تلخيص هذه الأركان على النحو الآتي:
- التراضي: فتحقيق التراضي بين الطرفين يكون بتعبير كلا الطرفَين عن إرادتَيهما في العَقْد، حيث تكون الإرادتان مُتطابِقتَين، ويُشترَط لتحقيق التراضي توفُّر الأهليّة، والخُلوّ من عيوب الإرادة.
- طرفا التأمين: ويتمّ ذلك بتحديد طرفَي العَقْد، وهما: المُؤمِّن مُتمثِّلاً بشركة التأمين، والمُؤمَّن له وهو المُستفيد، كما ينبغي تحقيق الأهليّة بتوفير ما يأتي:
- ضمان أنّ الشخص صالح قانونيّاً؛ أي له حقوق، وواجبات في القانون.
- ضمان أنّ الشخص قادر على التمييز ؛ أي أنّه يمتلك صلاحيّة استعمال حقوقه.
- ضمان عدم غياب أهليّة الشخص، وذلك في حال كونه طفلاً، أو مجنوناً، أو سفيهاً.
- ضمان تحقيق الرضا دون إكراه، أو استغلال.
- مَحلّ العَقْد: أي ينبغي أن يكون محلّ العَقْد مُتعلِّقاً بأمرٍ مشروع، وأن يكون الأمر المعقود عليه واضحاً ومعروفاً لدى الطرفين.
- سبب العَقْد: ويكون ذلك بتحديد الغَرَض المباشر الذي يَقصدُ المُلتزِم من وراء التزامه الوصول إليه.
- العِوَض: وذلك لأنّ العَقْد لن يكونَ نافذاً قانونيّاً إلّا بوجود شيء ذي قيمة، يُقدِّمه الأطراف لبعضهم البعض، ويكون ذلك إمّا بتحديد مبلغ من المال ، أو بضائع، أو خدمات، أو وعود.
ويتضمَّن العَقْد مجموعة من العناصر الرئيسيّة، وهي:
- الشخص الذي يرغب في التأمين: وذلك بوجود حقيقة الخطر الذي قد يتعرَّض له هذا الشخص في مُمتلَكاته، أو صحّته، أو غيرها.
- المُؤسَّسة التأمينيّة: وهي الشركة التي يلجأ إليها الشخص الذي يرغب في الحصول على التأمين، ويحصل عليه من شركة التأمين مقابل دَفْعه مبلغاً مُعيَّناً من المال ، وهذه الشركة تُعوِّضه مقابل المال الذي تتلقّاه كقِسط من المُؤمَّن له حسب ما هو مشروط في عَقْد التأمين، وذلك عند حصول الخطر المُؤمَّن ضِدّه.
- الحماية التأمينيّة: هي الحماية التي يحصل عليها المُؤمَّن له عند تَعرُّضه للحادث ، أو الأمر الذي حدَّده عند طلبه للتأمين.
- التعويض: هوحصول العميل على التأمين عند وقوع الخطر، أو الخسارة، بأيّة طريقة مناسبة للتعويض.