شرح قصيدة وصف الذئب للبحتري
شرح أبيات قصيدة وصف الذئب للبحتري
فيما ياتي شرح أبيات قصيدة وصف الذئب:
شرح المقدمة الطللية
سَلامٌ عَلَيكُم لا وَفاءٌ وَلا عَهدُ
- أَما لَكُمُ مِن هَجرِ أَحبابِكُم بُدُّ
أَأَحبابَنا قَد أَنجَزَ البَينُ وَعدَهُ
- وَشيكاً وَلَم يُنجَز لَنا مِنكُمُ وَعدُ
أَأَطرلالَ دارِ العامِرِيَّةِ بِاللِوى
- سَقَت رَبعَكِ الأَنواءُ ما فَعَلَت هِندُ
أَدارَ اللِوى بَينَ الصَريمَةِ وَالحِمى
- أَما لِلهَوى إِلّا رَسيسَ الجَوى قَصدُ
إن الملاحظ في هذه المقدمة الطللية أنّ الشاعر البحتري يعلن هجرانه لأحبابه وقومه، ذلك لأنهم لا يوجد عندهم وفاء وعهد، فالشاعر لديه عقدة تجاه من لا يفي بوعوده وعهوده، ونتيجة لذلل يعلن الهجران وأنه هو السبيل الوحيد في نظره.
ومن ثم نراه يخاطب أحبابه، ويخبرهم أنّ الموت قادم وسيفرقهم عاجلاً أم آجلا، وسيجعل ديارهم في منطقة العامرة خرابًا وأطلالاً بعد أن كانت عامرة، لكن هذه الأطلال تجعل الشاعر يثار عاطفيًا ويتذكر الأحباب وبالأخص المحبوبة، ويبكي عليها، وعلى ذكراها.
شرح لوحة الفخر بالذات
بِنَفسِيَ مَن عَذَّبتُ نَفسي بِحُبِّهِ
- وَإِن لَم يَكُن مِنهُ وِصالٌ وَلا وُدُّ
حَبيبٌ مِنَ الأَحبابِ شَطَّت بِهِ النَوى
- وَأَيُّ حَبيبٍ ما أَتى دونَهُ البُعدُ
إِذا جُزتَ صَحراءَ الغُوَيرِ مُغَرِّباً
- وَجازَتكَ بَطحاءَ السَواجيرِ يا سَعدُ
فَقُل لِبَني الضَحّاكِ مَهلاً فَإِنَّني
- أَنَ الأُفعُوانُ الصِلُّ وَالضَيغَمُ الوَردُ
بَني واصِلٍ مَهلاً فَإِنَّ اِبنَ أُختِكُم
- لَهُ عَزَماتٌ هَزلُ آرائِها جِدُّ
مَتى هِجتُموهُ لا تَهيجوا سِوى الرَدى
- وَإِن كانَ خِرقاً ما يُحَلُّ لَهُ عَقدُ
مَهيباً كَنَصلِ السَيفِ لَو قُذِفَت بِهِ
- ذُرى أَجَإٍ ظَلَّت وَأَعلامُهُ وَهدُ
يَوَدُّ رِجالٌ أَنَّني كُنتُ بَعضَ مَن
- طَوَتهُ المَنايا لا أَروحُ وَلا أَغدو
وَلَولا اِحتِمالي ثِقلَ كُلِّ مُلِمَّةٍ
- تَسوءُ الأَعادي لَم يَوَدّوا الَّذي وَدّوا
ذَريني وَإِيّاهُم فَحَسبي صَريمَتي
- إِذا الحَربُ لَم يُقدَح لِمُخمِدِها زَندُ
وَلي صاحِبٌ عَضبُ المَضارِبِ صارِمٍ
- طَويلُ النَجادِ ما يُفَلُّ لَهُ حَدُّ
وَباكِيَةٍ تَشكو الفِراقَ بِأَدمُعٍ
- تُبادِرُها سَحّاً كَما اِنتَثَرَ العِقدُ
رَشادَكَ لا يَحزُنكَ بَينُ اِبنِ هِمَّةٍ
- يَتوقُ إِلى العَلياءِ لَيسَ لَهُ نَدُّ
فَمَن كانَ حُرّاً فَهوَ لِلعَزمِ وَالسُرى
- وَلِلَّيلِ مِن أَفعالِهِ وَالكَرى عَبدُ
في بداية هذه اللوحة نجد أنّ الشاعر يتحدث عن حاله مع محبوبته، فهو متيم معذب من قلة الوصال والحرمان، فهو عاشق لفتاة اسمها لبنى، ويخبرها الشاعر أن حبه لها مستمر دائم، ويطلب الشاعر من الناس أن يخبروها عنه وعن فعائله، فيبدأ بالفخر بنفسه والتغني بها.
فيصف نفسه بالبداية بأنه أفعوان شرس، ومن ثم يخاطب الشاعر أخواله بنو واصل، ويطلب منهم التمهل ليخبرهم عن نفسه، فهو له عزيمة، ورأي سديد، وهو مثل السيف القاطع في هيبته ومكانته، حتى أن بعض الرجال الحاسدين يتمنون له الموت لشدة هيبته ورزانة عقله وشجاعته، لكنه مع ذلك صبر على هؤلاء الحساد مع أنه يهددهم بالقتل إن لم يكفوا عن حسدهم.
ويحكي لنا الشاعر عن رفيقه وملازمه وهو سيفه، فيتغنى الشاعر بسيفه، وحدة نصله، فهو يليق بفارس جسور مثله، وفي المقابل يحكي لنا الشاعر عن محبوبته وهي تبكي لمفارقته إياها، لكنه يفضل صحبة السيف على صحبة النساء، فهو فارس يتوق للمعالي، وتحقيق الأهداف السامية.
شرح لوحة وصف الذئب
وَلَيلٍ كَأَنَّ الصُبحَ في أُخرَياتِهِ
- حُشاشَةُ نَصلٍ ضَمَّ إِفرِندَهُ غِمدُ
تَسَربَلتُهُ وَالذِئبُ وَسنانُ هاجِعٌ
- بِعَينِ اِبنِ لَيلٍ ما لَهُ بِالكَرى عَهدُ
أُثيرَ القَطا الكُدرِيَّ عَن جَثَماتِهِ
- وَتَألَفُني فيهِ الثَعالِبُ وَالرُبدُ
وَأَطلَسَ مِلءِ العَينِ يَحمِلُ زَورَهُ
- وَأَضلاعَهُ مِن جانِبَيهِ شَوى نَهدُ
لَهُ ذَنَبٌ مِثلُ الرَشاءِ يَجُرُّهُ
- وَمَتنٌ كَمَتنِ القَوسِ أَعوَجَ مُنئَدُّ
طَواهُ الطَوى حَتّى اِستَمَرَّ مَريرُهُ
- فَما فيهِ إِلّا العَظمُ وَالروحُ وَالجِلدُ
يُقَضقِضُ عُصلا في أَسِرَّتِها الرَدى
- كَقَضقَضَةِ المَقرورِ أَرعَدَهُ البَردُ
سَما لي وَبي مِن شِدَّةِ الجوعِ ما بِهِ
- بِبَيداءَ لَم تُحسَس بِها عيشَةٌ رَغدُ
كِلانا بِها ذِئبٌ يُحَدِّثُ نَفسَهُ
- بِصاحِبِهِ وَالجَدُّ يُتعِسُهُ الجَدُّ
عَوى ثُمَّ أَقعى وَاِرتَجَزتُ فَهِجتُهُ
- فَأَقبَلَ مِثلَ البَرقِ يَتبَعُهُ الرَعدُ
فَأَوجَرتُهُ خَرقاءَ تَحسِبُ ريشَها
- عَلى كَوكَبٍ يَنقَضُّ وَاللَيلُ مُسوَدُ
فَما اِزدادَ إِلّا جُرأَةً وَصَرامَةً
- وَأَيقَنتُ أَنَّ الأَمرَ مِنهُ هُوَ الجِدُّ
فَأَتبَعتُها أُخرى فَأَضلَلتُ نَصلَها
- بِحَيثُ يَكونُ اللُبُّ وَالرُعبُ وَالحِقدُ
فَخَرَّ وَقَد أَورَدتُهُ مَنهَلَ الرَدى
- عَلى ظَمَإٍ لَو أَنَّهُ عَذُبَ الوِردُ
وَقُمتُ فَجَمَّعتُ الحَصى وَاِشتَوَيتُهُ
- عَلَيهِ وَلِلرَمضاءِ مِن تَحتِهِ وَقدُ
وَنِلتُ خَسيساً مِنهُ ثُمَّ تَرَكتُهُ
- وَأَقلَعتُ عَنهُ وَهوَ مُنعَفِرٌ فَردُ
في هذه اللوحة نجد أنّ الشاعر يتحدث عن مغامرة له في وسط الصحراء، في ليل حالك إذ ظهر له ذئب عظيم، هذا الذئب كان رمادي اللون، ضخم الجثة، أضلاعه بارزة من الجوع، وذيله طويل يجره وراءه، أما ظهره فمقوس مثل القوس العظيم، لكن هذا الذئب يعاني من الجوع الشديد حتى أنّه شحب، ولم يبقى فيه إلا الجلد والروح والعظم، وهذا الأمر يدلنا على أن الذئب أشد ضراوة لأنه جائع، ووجد فريسته التي هي سبيله للنجاة في هذه الصحراء.
ويصف لنا الشاعر نظرة الذئب له وحركته، فبدأ يقضقض أسنانه، ويسيل لعابه ويزمجر متأهبًا للهجوم، في المقابل يحكي لنا الشاعر ،أنه يعاني ذات معاناة الذئب من الجوع، وأنه ينظر للذئب على أنه فريسة له، فيقول أنهما كلاهما ذئب في هذه الصحراء والبقاء والطعام للأقوى.
ومن ثم يصف الشاعر هجوم الذئب عليه، فقد بدأ الذئب بالعواء، ثم وثب على الشاعر بسرعة مثل البرق، إلا أن الشاعر تفاداه بسرعة، وألقمه ضربة بسيفه الأبيض الذي ظهر في الليل مثل الكوكب في قلب السماء المعتمة، لكن الذئب لم يكف وواصل هجومه على الشاعر بشراسة أكبر، فأيقن الشاعر أنّ الذئب مصر على قتله، فما كان منه إلا أن طعنه بالسيف في قلبه وقتله.
ويصف لنا الشاعر هذا الذئب وقد ارتمى صريعًا في الصحراء، فكانت ميتته مشرفة بعد معركة مع الشاعر، الذي أصبح ذئبًا هو الآخر من شدة الجوع في الصحراء، فقام وشوى الذئب وأكله، وبعد أن شبع ترك عظامه وما تبقى منه ملقاةً على الأرض.
شرح لوحة الحكمة
لَقَد حَكَمَت فينا اللَيالي بِجورِها
- وَحُكمُ بَناتِ الدَهرِ لَيسَ لَهُ قَصدُ
أَفي العَدلِ أَن يَشقى الكَريمُ بِجورِها
- وَيَأخُذَ مِنها صَفوَها القُعدُدُ الوَغدُ
ذَرينِيَ مِن ضَربِ القِداحِ عَلى السُرى
- فَعَزمِيَ لا يَثنيهِ نَحسٌ وَلا سَعدُ
سَأَحمِلُ نَفسي عِندَ كُلِّ مُلِمَّةٍ
- عَلى مِثلِ حَدِّ السَيفِ أَخلَصَهُ الهِندُ
لِيَعلَمَ مَن هابَ السُرى خَشيَةَ الرَدى
- بِأَنَّ قَضاءَ اللَهِ لَيسَ لَهُ رَدُّ
فَإِن عِشتَ مَحموداً فَمِثلي بَغى الغِنى
- لِيَكسِبَ مالاً أَو يُنَث لَهُ حَمدُ
وَإِن مِتُّ لَم أَظفَر فَلَيسَ عَلى اِمرِئٍ
- غَدا طالِباً إِلّا تَقَصّيهِ وَالجَهدُ
في هذه اللوحة يحكي لنا الشاعر عن ظلم هذه الحياة، وعدم وجود العدل على هذه الأرض، فقد حكمت الأقدار أن تجمع بينه وبين هذا الذئب الجسور، وحكمت أيضًا أن يصبح هذا الفارس الكريم شقيًا في الحياة، فالشاعر يعلن أن حياته مليئة بالمغامرات والصعاب.
ويعلن الشاعر عدم خوفه من الموت أو الرهبة فيه لكنه يطالب ببعض العدل في الحياة وأن يُنصف ويعطى المكانة التي يستحق، لكنه على الرغم من جور الحياة تجاهه إلا أنه سيعيش كريمًا صاحب شجاعة ونخوة، وسيموت ميتة مشرفة.
معاني المفردات في قصيدة وصف الذئب
الكلمة | المعنى |
الصريمة | إحكام الأمر والبت فيه |
رسيس | الأثر والبقايا |
السواجير | أصوات الرعود |
الضيغم | الأسد ذو الفكين الكبيرين |
الزند | قدح النار |
الأفكار الرئيسة في قصيدة وصف الذئب
- يتحدث الشاعر عن ديار المحبوبة، والولع والحزن اللذان يُثاران في نفسه لدى رؤيته لها.
- يتحدث الشاعر عن قلة الوفاء عند قومه، فهو سبب هجرانه لهم.
- يفخر الشاعر بنفسه، وبسيفه، فهو رفيقه الوحيد.
- يتحدث الشاعر عن وصف ذئب شرس هاجمه في الصحراء، فيحكي لنا فلسلفة الحياة والموت.
الصور الفنية في قصيدة وصف الذئب
- شبه الشاعر في البيت الثامن نفسه بأفعوان ضخم
- شبه الشاعر في البيت العاشر نفسه بالسيف في هيبته
- شبه الشاعر في البيت الثامن عشر الصبح بسيف، والغمد بالليل، فهو يشبه صورة دخول الصبح في الليل بصورة السيف وهو يدخل غمده.
- شبه الشاعر في البيت الثاني والعشرين ظهر الذئب بقوس من الخشب.