شرح سبب نزول سورة النازعات للأطفال
شرح سبب نزول سورة النازعات للأطفال
إن في سورة النازعات الكثير من الأمثلة للتنذير والتحذير، والتبشير؛ لقدرة الله -تعالى- على عباده في الحياة الدنيا ويوم القيامة، وفيها من العبر والوعظ ما فيها، ومنها ما يأتي:
أهوال يوم القيامة
قال -تعالى-: (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا* وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا* وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا* فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا* فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا* يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ* تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ* قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ* أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ* يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ* أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا نَّخِرَةً* قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ* فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ* فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ﴾.
أقسم الله -تعالى- في بداية السورة بالملائكة ووظائفهم في تدبير حياة أهل الأرض حسب ما أمرهم الله في القضاء فيها، ومن هذه الوظائف ما يأتي:
- الملائكة الموكلة بقبض أروح عباده كلٌ حسب عمله؛ فتنزع روح الكافر والعاصي نزعاً بقوةٍ وشدة، وتنشط روح المؤمن أي تجذبها برفق وخفة.
- الملائكة السابحات السابقات؛ التي تسبق وتسرع في النزول من السماء لتنفيذ أمر الله -تعالى- في الأرض.
- الملائكة التي تقوم بتدبير أمر الرسالة والشرائع وإيصالها إلى الرسل والأنبياء بأمر من الله -تعالى-، وبتدبير قضاء الله إلى أهل الأرض من الرياح والأمطار والنوازل وغيرها.
ويصف -تعالى- حال الأرض والجبال عندما ترجف وتتزلزل عند النفخة الأولى -الراجفة- التي تُميت كل شيء، ثم تتبعها النفخة الأخرى الثانية -الرادفة-، التي تُحيي كل شيء، ووصف حال عباده بأن قلوبهم خائفة ومضطربة.
وأبصارهم ذليلة وحزينة؛ من الخوف والرعب الذي أصابهم من عظيم الهول النازل بهم، وقول المشركين المكذبين بالبعث، وتعجبهم من قدرة الله -تعالى- على إرجاع الأحياء للبعث والحساب ويقولون إنها لرجعة خاسرة.
مصير الكافرون والمؤمنون يوم القيامة
قال -تعالى: (فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى* يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ مَا سَعَى* وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَن يَرَى* فَأَمَّا مَن طَغَى* وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا* فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى* وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى* يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا* فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا* إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا* إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا* كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا).
وعند مجيء الطامة الكبرى -اسم من أسماء يوم القيامة - اليوم الأعظم، يتذكر الكافر الطاغي الثابت على الشرك ولم يخف من الله وحسابه، ما عمل من الشر في الدنيا، وما آثر به الدنيا على الآخرة، فإن الجحيم هي مأواه.
وأما المتقين الذين جاهدوا نفوسهم وهواها على ترك المعاصي خوفاً من الله وطمعاً برحمته، فإن الجنة هي مأواهم، وأن العلم بقيام الساعة خاص بالله -تعالى- وحده، وأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- ينذر بالساعة لمن يخشى ذلك اليوم وأهواله؛ التي إذا رآها المشركون كأنهم ما لبثوا إلا يوماً في نعيم الدنيا.
تذكير المشركين بعظيم خلق الله -تعالى- وضعفهم أمام قدرته
قال -تعالى-: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى* إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى* اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى* فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى* وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى* فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى* فَكَذَّبَ وَعَصَى* ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى* فَحَشَرَ فَنَادَى*فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى* فَأَخَذَهُ اللهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى* إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى).
إن في ذكر قصة موسى -عليه الصلاة والسلام- مع فرعون الطاغية؛ مواساةً وتصبيراً للنبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لما يلقاه من الأذى والتكذيب من قومه، ولاعتبار واتعاظ كفار قريش، ومن مضى على سبيلهم بالكفر والاستهتار، فقد أهلك الله الطاغية وجنوده، وكان للنبوة الظفر والانتصار.
قال -تعالى-: (أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا*رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا* وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا* وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا* أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا* وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا* مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ).
في هذه الآيات إظهار دلائل قدرة الله -تعالى-، وفيه ترهيب للمشركين الذين يغفلون عن نعم الرحمن المسخرة لهم، وأن الله قادر على تدمير النظام الكوني العظيم متى شاء، فما ظنكم بالإنسان الذي هو أضعف منها.