شرح حديث (من مات وعليه صيام)
نصّ الحديث وصحّته
روت أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- في الصحيح عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (مَن مَاتَ وعليه صِيَامٌ صَامَ عنْه ولِيُّهُ).
شرح الحديث
أخبر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في هذا الحديث بوجوب الصيام عمّن مات وعليه صيام، وقد قال بعض العلماء أنّ هذا الحديث يختص بما إذا كان الميت قد نذر أن يصوم لكنه مات قبل أن يفي بنذره، لكنّ هذا القول لا دليل عليه؛ وإنما جاء الحديث عاماً غير خاص بصيام النذر فقط كونه لم يحدد نوع معين من أنواع الصيام في الحديث.
وقد ابتدأ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الحديث بمن التي تفيد الشرط الذي يفيد العموم، وقد ورد الحديث في تخريج المسند في الحديث الذي روته عائشة -رضي الله عنها- فقالت: (أيُّما مَيِّتٍ ماتَ وعليه صيامٌ، فلْيَصُمْه عنه وَليُّه).
ويشمل ذلك سواء كان الميت رجلاً أو امرأة، فالمراد منها؛ أيّ إنسان مات، ثمّ قال: وعليه صيام؛ والصيام تتعدد أحكامه؛ فمنه صيام الفريضة الواجب، ومنه صيام النافلة ، لكن صيام النافلة لا يكون ملزّماً على المسلم، وبالتالي لا دين فيه إذا مات صاحبه ولا قضاء، ولذلك فإن المقصود هو صيام الفريضة.
وينقسم الصيام الواجب إلى قسمين؛ الأول ما أوجبه الله على عباده وهو صيام شهر رمضان، والثاني ما يوجبه العبد على نفسه مثل صيام النذر والكفارات، والحديث يشمل هذين النوعين لما ذمر فيه فقال: (صوم) بحيث جعلها نكرة.
ثمّ قال بأن من مات وعليه قضاء صيام فيصوم عنه وليّه، والوليّ هو القريب، من الأبناء والبنات والزوجات، فلو قسّموا الأيام الواجب على الميت صيامها بين أبناءه وبناته وزوجاته، لأجزأ ذلك،وإن صام غير أقرباء الميت عنه كصاحبه مثلاً جاز ذلك، لكنه ذكر في الحديث وليّه كون الوليّ أكثر شفقةً على الميت وأقرب إليه.
حكم قضاء الصيام عن الميّت
تعددّت الأقوال فيما يتعلق بصحة صيام الوليّ عمّن مات وعليه قضاء صيام، وسواء أكان الصيام من شهر رمضان، أم من النذور والكفارات، فالبعض من أهل العلم فرّق بين النذر ورمضان، فقالوا يقضي عنه النذر ولا يقضي عنه رمضان، ومنهم من قال لا يقضي عنه أيّ منهما سواء أكان صيام نذر أم صيام رمضان، لكن العموم في نص الحديث يدل على أنّه يشمل الاثنين معاً.
وبعد أن تمّ شمول الحديث لصيام النذر وصيام رمضان؛ ينظر في حال من مات قبل موته وفقاً لما يأتي:
- إن كان قادراً على أداء ما عليه من الصيام لكنه لم يصم، فيصوم عنه وليّه أو مجموعة من أولياؤه، لكن إن صام عنه مجموعة من أولياؤه يجب ألا يكون صيامهم معاً في ذات اليوم؛ بل يتتابعون في الأيام.
- إن كان معذوراً بمرض فلم يستطع الصيام، فلا كفارة عليه ولا يجب صيام وليه عنه، لأن الصيام سقط عنه بالعذر.