أسباب غزوة تبوك
أسباب غزوة تبوك
يذكر المؤرّخون أن السبب الرئيسيّ والمُباشر لغزوة تبوك هو وصول الأخبار للنبي -عليه الصلاة والسلام- عن حشْد الروم لقوّاتِهِا وجُنُودها من الشام بقيادة القيصر هِرقل؛ وذلك لِقتال المُسلمين، والقضاء على الإسلام ، وغزو حُدود العرب الشماليّة، فقرّر النبي -عليه الصلاة والسلام- استنفار الصحابة الكرام للخروج لهم. أمّا الأسباب غير المُباشرة فكانت تتمثّل بحماية الإسلام والدِفاع عنه، وحُريّة نشره داخل الجزيرة العربيّة، وتقوية القبائل العربيّة التي تخضع لِحُكم الروم بعد دُخُولها الإسلام، ومحو الآثار النفسيّة التي خلّفها انسحاب المُسلمين من غزوة مؤتة ، والعلم بالقوّة الحقيقيّة للروم وحُلفائهم في الشام استعداداً للنّصر المبين.
سبب تسمية غزوة تبوك
سُمّيت غزوة تبوك بهذا الاسم لنُزول جيش المُسلمين في مكانٍ يُسمى عين تبوك، ووردت هذه التسمية في حديث النبي -عليه الصلاة والسلام- حيث قال: (إنَّكُمْ سَتَأْتُونَ غَدًا إنْ شَاءَ اللَّهُ عَيْنَ تَبُوكَ، وإنَّكُمْ لَنْ تَأْتُوهَا حتَّى يُضْحِيَ النَّهَارُ، فمَن جَاءَهَا مِنكُم فلا يَمَسَّ مِن مَائِهَا شيئًا حتَّى آتِيَ)، كما تُسمّى أيضاً بغزوة العُسرة ؛ لكثرة ما تعرّض فيها المُسلمون للضّيق؛ من شدّة الحرارة، وبُعد المسافة، وقلّة الطعام والماء والدوابّ التي تحملهم، كما سُمّيت أيضاً بالفاضحة؛ لِكشفها عن المُنافقين ومكرهم وأساليبهم ومُخططاتِهِم بحقّ النبي -عليه الصلاة والسلام- والصحابة الكرام.
أحداث غزوة تبوك
تُعدُّ غزوة تبوك آخر غزوات النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقد كانت في شهرِ رَجب في السنة التاسعة للهجرة، فأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- الصحابة بالتجهُّز لمُحاربة الروم، وكان هذا على غير عادته في الحرب، فقد كان لا يُخبر عن وجهته الحقيقيّة، ولكنّه أخبر الصحابة بذلك؛ لِبُعد المسافة، وشدّة الحر، ووقت قطف الثمار في المدينة، وبلغ عددُ المسلمين ثلاثين ألفاً، ومعهم من الخيل عشرة آلاف، حتى وصلوا منطقة تبوك، ومكثوا فيها قُرابة العشرين ليلةً من غير حرب، ونزل في هذه الغزوة قول الله -تعالى-: (لَقَد تابَ اللَّـهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالمُهاجِرينَ وَالأَنصارِ الَّذينَ اتَّبَعوهُ في ساعَةِ العُسرَةِ مِن بَعدِ ما كادَ يَزيغُ قُلوبُ فَريقٍ مِنهُم ثُمَّ تابَ عَلَيهِم إِنَّهُ بِهِم رَءوفٌ رَحيمٌ* وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذينَ خُلِّفوا حَتّى إِذا ضاقَت عَلَيهِمُ الأَرضُ بِما رَحُبَت وَضاقَت عَلَيهِم أَنفُسُهُم وَظَنّوا أَن لا مَلجَأَ مِنَ اللَّـهِ إِلّا إِلَيهِ ثُمَّ تابَ عَلَيهِم لِيَتوبوا إِنَّ اللَّـهَ هُوَ التَّوّابُ الرَّحيمُ).
ولم يلتقِ المُسلمون بِجنود الروم، حيث ألقى الله -تعالى- في قُلوب الروم الخوف لشدّة الريح، مع كثرتِهِم وكثرة سِلاحِهِم، وبقوا في أرضهم بالشام، ثُمّ بعد هذا الانتصار جاءت القبائل العربيّة غير المُسلمة؛ لِتُصالح النبي -عليه الصلاة والسلام- وتلتزم بدفع الجزية له، فكتب لهم عقد الصُّلح، ورجع إلى المدينة.