مفهوم الحرية المالية في الإسلام
تعريف الحرية المالية
إنّ الحرية المالية مصطلحٌ حديثٌ يُقصد به حالة الاستقلال الماديّة التي تتحقّق بامتلاك الشخص لثروةٍ ماليَّةٍ تكفيه لسداد حاجاته وعيش حياةٍ كريمةٍ دون الحاجة إلى العمل الوظيفيّ، وذلك نتيجةً لتوفّر أصولٍ أو تدفُّقاتٍ نقديَّةٍ تزيد عن مصاريفه ونفقاته.
سبل تحقيق الحرية المالية في الإسلام
إنّ لتحقيق الحريّة الماليّة وسائل وطرقاً تساعد على تحقيقها، وسيتمّ بيانها فيما يأتي:
الادخار والاقتصاد في الإنفاق
إنّ اقتصاد الإنسان في نفقاته أمرٌ مطلوبٌ ومحمودٌ، وهو أمرٌ يساعده على الادّخار الذي يعدّ أحد سبل الوصول إلى الحريّة الماليّة، والأصل في سلوك المسلم الاقتصاديّ أن يضبط حركته الماليّة، وذلك بتنظيمه لدخله المتاح مع ما يلزمه من نفقاتٍ استهلاكيّة.
وعليه كذلك أن يدّخر ما تبقّى منها؛ فيكون بذلك متوازنًا ماليًّا واقتصاديًّا، ولهذه الفكرة شواهد قرآنيَّةٌ عديدةٌ، منها قول الله -تعالى- في سورة الإسراء: (وَلا تَجعَل يَدَكَ مَغلولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبسُطها كُلَّ البَسطِ فَتَقعُدَ مَلومًا مَحسورًا) ، فهذه الآية ينبغي أن تكون نبراساً لكلّ مسلمٍ؛ حتى لا يشعر باللوم أو الحسرة.
ويُعبّر في علم الاقتصاد الحديث عن هذه الفكرة بالتفريق بين الأصول والخصوم، ويقصد بالأصول كما عرّفها "روبرت كيوساكي": مصادر الدخل؛ مثل الوظيفة أو التجارة أو الأسهم وغيرها، والخصوم عكس الأصول، وهي الالتزامات التي تسهلك الأموال مثل النفقات والفواتير والديون وغيرها، لِذا فإنّ من أبرز سبل تحقيق الحرية المالية؛ أن يسعى الإنسان إلى ضبط نفقاته والادخار ما أمكنه.
تجنّب الديون والقروض البنكيّة
إنّ تراكم الدّيون على الإنسان واقتراضه بشكلٍ مستمرٍّ يجعله رهين هذه القروض بشكلٍ دائمٍ، ويدفعه إلى الاقتراض بحاجةٍ أو دون حاجةٍ، ووجود الديون والقروض سيعيق الإنسان عن الادخار وتنمية المال؛ وبالتالي عدم الوصول إلى الحرية المالية.
اكتساب المعرفة حول الاستثمار واستشارة الخبراء
إنّ اكتساب المعرفة حول الأمور التي يسعى إليها الإنسان هو أوّل وأهمّ خطوات تحقيق ذلك، فحتى يتمكّن الإنسان من القيام باستثمارٍ ناجحٍ؛ لا بدّ من الاطلاع وتحصيل المعارف الأساسيّة المتعلّقة بالاستثمار، وكذلك لا بدّ من استشارة أهل الخبرة في مجال تأسيس المشاريع الاستثماريّة؛ للاستفادة من خبراتهم، وبداية المشروع الاستثماريّ عن معرفةٍ وبعد دراسةٍ ونظر.
الاستثمار والمشاركة في الأعمال التجاريّة
إنّ من محاسن الشريعة الإسلامية أنّها شرعت طرقًا متنوِّعةً لكسب الرزق ، ولم تحصرها بطريقةٍ واحدةٍ، ومن أبرز طرق الكسب التي أوردتها الشريعة وأباحتها:
- الغنائم.
- التجارة.
- الزراعة.
- الصناعة.
وهذه الطرق في مجملها طرقٌ حرَّةٌ غير معتمدةٍ على الوظيفة، ف قد قرن الله -تعالى- ذِكر الضاربين في الأرض للتجارة بالمجاهدين في سبيل الله؛ قال -تعالى-: ﴿وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّـهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ﴾.
وسعي الإنسان لاستثمار بعض ما يملكه في مشروعٍ تجاريٍّ بعد دراسةٍ جدواه سبيلٌ للوصول إلى الحريّة المالية؛ لأنّ الأرباح التي سيجنيها من الاستثمار ستعينه على الاستقلال الماديّ، وزيادة دخله؛ مما يمكّنه من الادخار، وتحقيق وفرةٍ ماليَّةٍ يقدر من خلالها على الاستقلال الماليّ دون الحاجة للوظيفة.