سبب نزول سورة الزلزلة
سورة الزلزلة
تعدّ سورة الزلزلة إحدى السورة المدنية ، وتبلغ عدد آياتها تسع أو ثمانية، وهي السورة الرابعة والتسعون من حيث ترتيب النزول، حيث أنّها نزلت بعد سورة النساء وقبل سورة الحديد، وقد سميت سورة الزلزلة بهذا الاسم لقول الله -تعالى- في بدايتها: (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا) ، إشارة إلى زلزلة الأرض وتحركها يوم القيامة، وممّا تجدر الإشارة إليه أنّها كانت تسمّى في كلام الصحابة بسورة "إذا زلزلت" وذلك لما ثبت عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- قال: (نَزَلَتْ إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا وأبو بكرٍ الصديقُ رضِيَ اللهُ عنه قاعِدٌ فَبَكَى)، ولما ثبت عن عبد الله بن عمر عن عباس -رضي الله عنه- قال: (إِذَا زُلْزلَتُ تَعدِلُ نصفَ القُرآنِ)، كما سمّيت في كثير من المصاحف وكتب التفسير بسورة الزلزال.
سبب نزول سورة الزلزلة
كان الكفار كثيراً ما يعمدون إلى سؤال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن موعد ووقت يوم القيامة فقال الله -تعالى- على لسانهم: (يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ) ، وقال -تعالى-: (وَيَقُولُونَ مَتَى هَـذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) ، وقال -تعالى-: (وَيَقُولُونَ مَتَى هَـذَا الْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) ، فأنزل الله -تعالى- سورة الزلزلة وذكر فيها علامات يوم القيامة فقط، دون التطرق لموعد ذلك اليوم ووقته لكونه في علم الله وحده.
وممّا تجدر الإشارة إليه أنّه قيل في سبب نزول قول الله -تعالى-: (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) ، أنّه كان هناك رجل يأتي إليه فقير فيسأله حاجته، إلّا أنّ الرجل كان يعدّ التمرة والكسرة والجوزة شيئاً قليلاً فلا يعطيه ذلك، كما كان هناك رجلاً آخر كثيراً ما يتهاون بالذنوب الصغيرة كالكذب، والغيبة، ومجانبة غض البصر، ويرى أنّ الله -تعالى- قد أعدّ النار لمن يرتكب الكبائر ، فأنزل الله -تعالى- الآيتين المشار إليهما مسبقاً ترغيبا في القليل من الخير فقد يُكثره وينمّيه، وتحذيراً من الذنوب اليسيرة التي قد تكثر وتعظم.
مقاصد سورة الزلزلة
هناك العديد من المقاصد والفوائد التي يمكن للمسلم الاستفادة منها من سورة الزلزلة ومنها ما يأتي:
- العلم بأنّ الأرض يوم القيامة تعمد إلى الإخبار بما فعله الناس عليها لقوله -تعالى-: (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا) .
- العلم بأنّ الناس يوم القيامة يخرجون من قبورهم في جماعات متفرقين بحسب أعمالهم لقوله -تعالى-: (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ).
- العلم بأنّ الله -تعالى- سيجعل العباد يوم القيامة يرون أعمالهم لقوله -تعالى-: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا).
- حثّ العباد على فعل الخير و الأعمال الصالحة وإن كانت قليلة، ومجانبة الذنوب والمعاصي وإن كانت صغيرة، حيث ثبت عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَقولُ: يا عائِشةُ، إيَّاكِ ومُحَقَّراتِ الذُّنوبِ؛ فإنَّ لها مِنَ اللهِ عزَّ وجلَّ طالِبًا).