سبب نزول آية (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم)
سبب نزول آية (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم)
يعرف سبب النزول بأنّه السؤال أو الحدث الذي استدعى نزول الآية، ولا شك أنّ لهذا العلم العديد من الفوائد ومنها ما ذكره القشيري كما في البرهان؛ حيث قال: "بيان سبب النزول طريق قوي من فهم معاني الكتاب العزيز، وهو أمر تحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا".
وسبب النزول لا يكون لجميع الآيات، حيث يوجد الكثير من الآيات في كتاب الله -تعالى- التي لم يرد بها سبب من أسباب النزول، ومنها قول الله -تعالى-: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)، فلم يرد سبب مخصوص لنزول هذه الآية.
تفسير آية (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم)
وأمّا تفسير قول الله -تعالى-: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)، فهو أمر من الله -تعالى- لرسوله -صلّى الله عليه وسلّم- وللمؤمنين؛ بأن يعملوا الأعمال الصالحة، فالله -تعالى- مطّلع على أعمال الخلائق وهو الذي يُظهر عباده عليها، سواء كانت أعمال خير أو غير ذلك، كما أن العمل هو أساس البقاء والسعادة.
كما أنّ الآية تحمل تهديدًا ووعيدًا للمشركين؛ لإصرارهم على أعمال الشرك التي يعملونها، فإنهم يسوقون لأنفسهم عاقبة السوء، والله -تعالى- يحذرهم من الاستمرار بالشرك، وترك التوبة والرجوع إليه -تعالى-، فجميع أعمال الخلائق ستعرض على الله -تعالى-، وسيطلع -تعالى- عليها ورسوله والمؤمنون، وسيجزى المؤمنون لأعمالهم الصالحة خير الجزاء، وسيعاقب الكافرين أشد عقاب.
الدروس المستفادة من آية (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم)
لا تمر آية من آيات الله -تعالى- من غير فائدة وثمرة يجنيها القارئ من درر آيات القرآن الكريم، ومن الثمار المستفادة من قول الله -تعالى-: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)، ما يأتي:
- أن الله -تعالى- مطّلع على نفوس الخلائق جميعها ويعلم ما يسرون وما يعلنون، وما يبطنون وما يظهرون، ولا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.
- أن الله -تعالى- يجزي كل إنسان بعمله، فمن عمل خيرًا جازاه الله -تعالى- بالخير والإحسان، ومن عمل شرًا جازاه الله بمثل عمله، فالأعمال كلّها مشهودة عند الله -تعالى-، وعند رسوله -صلّى الله عليه وسلّم- والمؤمنين.
- أنّ الله -تعالى- يتوعد المخالفين لأمره؛ بأنّ أعمالهم ستعرض عليه -تعالى-، وعلى رسوله -صلّى الله عليه وسلّم-، وعلى المؤمنين، وذلك في عالم البرزخ بعد موت الإنسان.
- أنّه يجب على الإنسان أن يخلص لله -تعالى- في جميع أعماله، وأن يستشعر مراقبة الله -تعالى- له؛ في كل وقت وكل مكان وزمان، فالله -تعالى- لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، ولا يذهب عنده عمل عمله الإنسان ابتغاء مرضاته وطمعًا في جناته.