حكم شراء العقيقة مذبوحة
حكم شراء العقيقة مذبوحة
ذبح العقيقة عن المولود مشروع بسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- كما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مَعَ الغُلَامِ عَقِيقَةٌ، فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا، وَأَمِيطُوا عَنْهُ الأَذَى). ويشرع أن تكون في اليوم السابع من الولادة، فيذبح عن الصبي ذبيحتان، وعن الأنثى واحدة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ، وَعَنِ الْأُنْثَى وَاحِدَةٌ، لَا يَضُرُّكُمْ ذُكْرَانًا كُنَّ أَمْ إِنَاثًا).
قال الإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "فأما أهل الحديث قاطبة، وفقهاؤهم وجمهور أهل العلم، فقالوا: هي من سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".
هل يجوز شراء اللحم بدل العقيقة؟
ينبغي العلم بما يخصّ لحم العقيقة بعد ذبحها، أن العقيقة يتعلق فيها حكمان اثنان، وهما:
- إراقة الدم: وهو نسك وعبادة بحد ذاته، سواء استفاد الذابح من اللحم، أم لم يستفد، فإن الذبح وإسالة الدم هو قربى لوجه الله -تعالى- دون النظر إلى مآل اللحم، وهذا في الذبائح التعبدية كلها، في الضحية والنذر، وغيره، ومن أجل ذلك قرنها الله -تعالى- بالصلاة في قوله: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)، ومثله قول الله -تعالى-: (قُل إِنَّ صَلاتي وَنُسُكي وَمَحيايَ وَمَماتي لِلَّـهِ رَبِّ العالَمينَ).
- توزيع اللحم، والتصدق به، فمن السنة بعد أن يذبح المسلم عقيقته أن يتصدق باللحم على الفقراء والمساكين، ولكن إن فاته ذلك التوزيع، ولم يستطع التصدق، كهلاك اللحم وذهابه، أو لاعتداء عليه بالسرقة، أو غير ذلك، فإن العقيقة تمت؛ لأن الهدف الأسمى من العقيقة هو إراقة الدم؛ لأنه عبادة من العبادات، وتوزيع اللحم تابع له، وليس أصلا.
بناءً على ما سبق من القول فإنه لا يجوز شراء اللحم وتوزيعه بدل العقيقة؛ لأن المقصود من إراقة الدم لم يحصل، والمقصود من العقيقة هو أن تجعل وتكون عبادة خالصة لوجه الله، فإن اشترينا اللحم فقدنا المعنى الحقيقي للذبح، وهو إراقة الدم، وهو منصوص عليه في قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَعَ الغُلَامِ عَقِيقَةٌ، فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا، وَأَمِيطُوا عَنْهُ الأَذَى). ففي قوله: أهريقوا دليل على أن الذبح وإراقة الدم مقصود بذاته.
أيهما أفضل الذبح أم التصدق بثمنه؟
إن من الأحكام المشابهة لمسألة شراء لحم العقيقة مسألة: أيهما أفضل ذبح العقيقة أم التصدق بثمنها على الفقراء والمساكين؟ قال الإمام ابن قيم الجوزية -رحمه الله تعالى-: "فكان الذبح في موضعه أفضل من الصدقة بثمنه، ولو زاد كالهدايا والأضاحي، فإن نفس الذبح وإراقة الدم مقصود، فإنه عبادة مقرونة بالصلاة".
ولا يؤثر عن أهل العلم أنهم قدموا التصدق بالثمن على العقيقة؛ لأن بالتصدق تفويت عبادة عظيمة من العبادات، وإماتة سنة من السنن المشروعة، وإن ذبح العقيقة فيه من المعاني التي لا يمكن أن تدرك بالتصدق، وهو التعبد والتنسك لله -تعالى-، وإن إقامة السنة واتباعها وإحياءها خير من العدول عنها إلى سواها.