حكم زواج القاصرات
حكم زواج القاصرات
إنّ الحكم على أي أمر في شريعة الله -عز وجل- لا بدّ أن تتحقق فيه بعض الشروط المهمة لبيان الحكم الشرعي فيه، ومن ذلك معرفة المسألة التي يراد بيان الحكم فيها، لأن "الحكم على الشيء فرع عن تصوره" أي حتى تحكم على أمر فلا بد من تفهمه جيداً، ومن ذلك كلمة قاصرات فهي مصطلح جديد يحتاج لبيان معناه ثم تطبيقه على الفقه الإسلامي.
وقد تعدّدت آراء الفقهاء والمؤيدون لزواج القاصرات من الفقهاء وضعوا شروط لاستكمال الزواج مثل: أن تكون مصلحة الفتاة متعلقة بمثل هذا الزواج، وأن يتم تزويجها من رجل صالح يرعى شؤونها ويعاملها المعاملة الحسنة الطيبة، أما غير المؤيدين لزواج القاصرات من الفقهاء فلهم أدلتهم وأسبابهم التي سنذكرها فيما يأتي.
أدلة المؤيدين لزواج القاصرات دون سن الثامنة عشر
من الأدلة على جواز الزواج قبل سن الثامنة عشرة ما يأتي:
- القرآن الكريم
قال -تعالى-: (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) تشير الآية أن عدة من انقطع حيضها، وعدة من لم تحض بعد ثلاثة أشهر، وفيه إشارة لزواج الفتاة قبل البلوغ.
- السنة النبوية
عن عائشة أم المؤمنين قالت: (تَزَوَّجَنِي رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- في شَوَّالٍ، وَبَنَى بي في شَوَّالٍ، فأيُّ نِسَاءِ رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- كانَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي؟ قالَ: وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَسْتَحِبُّ أَنْ تُدْخِلَ نِسَاءَهَا في شَوَّالٍ)
- الإجماع
أجمع الفقهاء على جواز تزويج الأب لابنته الصغيرة.
- عمل الصحابة رضي الله عنهم
نقلت الآثار وكتب السيرة اشتهار الزواج المبكر بين الصحابة، ولم يرد أن هناك من أنكره منهم، وأصحاب هذا الرأي يجدون أن تحديد سن معين للزواج غير منطقي؛ لاختلاف سن البلوغ والنضج بين الفتيات باختلاف السمات الجسدية، واختلاف البيئة والظروف المحيطة.
أدلة غير المؤيدين لزواج القاصرات دون سن الثامنة عشرة
من أدلة عدم جواز الزواج قبل سن الثامنة عشرة ما يأتي:
- قال -تعالى-: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ). [6]
- خطب أبو بكرٍ وعمرُ -رضِيَ اللهُ عنهما- فاطمةَ، فقال رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: (إنها صغيرةٌ)، فخطبها عليٌّ فزوَّجها منه.
ويرى أصحاب هذا الرأي أن الغاية للتشريع في الإسلام جلب المصالح ودرء المفاسد، وتحديد سن للزواج فيه مصلحة للزوج والزوجة حيث يكونا قد بلغا سن الرشد وامتلكا مهارات أكثر وأعمق في الحياة.
تعدد الآراء في زواج القاصرات
يرجع تعدد الآراء في زواج الفتيات الصغيرات لعدّة أسباب نذكر منها ما يأتي:
- فهم وتفسير الفقهاء معنى البلوغ؛ فمنهم من يرى أنّ البلوغ يعنى العلامات الطبيعية، كنزول الطمث للأنثى ونزول المني للذكر.
- شرط البلوغ في الزواج؛ فمن لم يشترط البلوغ أجاز زواج الصغار، وأما من جعل البلوغ شرط يقول بعدم زواج القاصرات.
- تعدد الآراء في زواج النبي -صلى الله عليه وسلم- من السيدة عائشة، هل هو خاص بالنبي أم عام يشرع للأمة.
معنى كلمة قاصر
نبين معنى القاصر فيما يأتي:
- القاصر في اللغةً: بمعنى قصر عن الشيء بكسر الصاد، إذا تركه عاجزًا، وتجمع قاصِرون أو قُصّر، والمؤنث منها قاصِرة، وتجمع قاصِرات أو قُصًر، ويقال امرأة قاصرة الطرف دلالة على حيائها وخجلها، وقاصر اليد من لا يملك سلطة.
- القاصر في اصطلاح الفقهاء: الإنسان العاجز وغير القادر على القيام بالتصرفات الشرعية كالبيع وإجراء العقود.
- القاصر في اصطلاح القانون: الذي لم يبلغ السن القانوني أو لا يملك الرشد في تصرفاته ومن ذلك المحجور عليه والمجنون والجنين.
- القاصر في اصطلاح الاتفاقيات الدولية: التي ترعاها الأمم المتحدة والتي دخل بعضها حيز التنفيذ في كثير من الدول ومن ذلك القاصر وهي من لم تبلغ سن الثامنة عشرة، وكذلك تعرفها الأمم المتحدة بمن هو دون سن الثامنة عشرة، ويترتب على ذلك منع الزواج دون هذا السن مثلاً.