حكم الكلام أثناء الأذان
حكم الكلام أثناء الأذان
حكم الكلام للمؤذن
روى عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: (خَطَبَنَا ابنُ عَبَّاسٍ في يَومٍ رَدْغٍ، فَلَمَّا بَلَغَ المُؤَذِّنُ حَيَّ علَى الصَّلَاةِ، فأمَرَهُ أنْ يُنَادِيَ الصَّلَاةُ في الرِّحَالِ، فَنَظَرَ القَوْمُ بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ، فَقالَ: فَعَلَ هذا مَن هو خَيْرٌ منه وإنَّهَا عَزْمَةٌ).
والردغ هو الطين الذي توحّل بالماء، أمّا العزمة فهي ما يخالف الرخصة ، وقد دلّ الحديث على جواز الكلام للمؤذن أثناء الأذان، وكذلك جاء عن سليمان بن صُرد -رضي الله عنه-: (أنه كان يؤذنُ في العسكرِ فيأمرُ غلامَه بالحاجةِ في أذانِه).
وعليه فإن رأي الجمهور من الشافعية، والحنفية، والمالكية، والحنابلة، أنّ الكلام اليسير لا يبطل الأذان، بشرط أن لا يكون الكلام كثيراً وقد وقع لضرورة، ورأى جمهور الفقهاء أن الكلام لغير ضرورةٍ يعدّ مكروهاً، ولو كان ردّ السّلام على من ألقاه، فإنّه يرد بعد الانتهاء من الأذان، وقد أجازه الحنابلة، أمّا الكلام الطويل فإنّه يبطل الأذان عند الجمهور ما عدا الحنفية، لأنّه يؤثر في الموالاة التي تعدّ شرطاً من شروط الأذان .
حكم الكلام لغير المؤذن
حكم الكلام في حق غير المؤذن تتعدد حالاته وفقاً لما يأتي:
- يجوز الكلام أثناء رفع المؤذن للأذان؛ لكن السنة تنصّ على الاستماع للمؤذن والترديد خلفه، وإذا تكلم لحاجة فلا بأس في ذلك، ومنه إذا ردّ السّلام، أو شمّت عاطس، أو طلب حاجة.
- إذا كان المسلم يستمع إلى القرآن الكريم ثمّ رفع الأذان أثناء استماعه للقرآن، فالأصل أن يوقف القرآن من أجل الاستماع للأذان والترديد من خلفه.
- لا يحرم الكلام أثناء الأذان قبل الخطبة من يوم الجمعة، فقد ذكر ابن القاسم أنّه رأى الإمام مالك يتحدث مع أصحابه أثناء الأذان من يوم الجمعة حتى يصعد الإمام المنبر.
- لا بأس للمسلم في الترديد خلف المؤذن إذا كان الأذان مرفوعاً والمسلم يتوضأ، لكن يحرص ألّا يكون الوضوء داخل بيت الخلاء لئلّا يلفظ الأذان داخل بيت الخلاء.
مفهوم الأذان وفضله
يعود أصل الأذان في اللغة من الأَذَن وهو الاستماع، والأذان في اللغة فهو الإعلام والإخبار، قال -تعالى-: (وَأَذانٌ مِنَ اللَّـهِ وَرَسولِهِ)، أي إعلام من الله ورسوله، أمّا الأذان في الاصطلاح الشرعي فهو الإخبار بدخول وقت الصلاة ، وذلك بألفاظ مخصوصة، وقد فضّل الله -تعالى- الأذان بالعديد من نصوص السنّة النبوية الشريفة على لسان رسوله -صلّى الله عليه وسلّم-، ومنها ما يأتي:
- روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: (إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ أدْبَرَ الشَّيْطَانُ، وله ضُرَاطٌ، حتَّى لا يَسْمع التَّأْذِينَ، فَإِذَا قَضَى النِّدَاءَ أقْبَلَ، حتَّى إذَا ثُوِّبَ بالصَّلَاةِ أدْبَرَ، حتَّى إذَا قَضَى التَّثْوِيبَ أقْبَلَ، حتَّى يَخْطِرَ بيْنَ المَرْءِ ونَفْسِهِ، يقولُ: اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا، لِما لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لا يَدْرِي كَمْ صَلَّى).
- روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ ما في النِّدَاءِ والصَّفِّ الأوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلَّا أنْ يَسْتَهِمُوا عليه لَاسْتَهَمُوا، ولو يَعْلَمُونَ ما في التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إلَيْهِ، ولو يَعْلَمُونَ ما في العَتَمَةِ والصُّبْحِ، لَأَتَوْهُما ولو حَبْوًا).