حق الطفل في الحياة
الطِّفل
يُعرف الطفل بحسب اتِّفاقية حقوق الطِّفل أنّه أيُّ إنسانٍ لم يصل لعُمر الثامنة عشر بعد، إلّا إذا بلغ سنّ رُشده قبل هذا العمر بموجب القانون المنطبق عليه في دولته. وقد صنَّفت الاتفاقيّة الأطفال إلى قسمين بحسب تعريفها السابق، وهما:
- الإنسان تحت عُمر الثامنة عشر.
- الإنسان الذي لم يصل لعمر الثامنة عشر لكنّه بلغ سنّ الرُّشد قبل ذلك، ويتمّ التعامل معه بحسب القوانين الدّاخلية في دولته.
تعريف حقوق الطِّفل
حقوق الطِّفل مجموعةٌ متكاملةٌ تتضمّن ما يختصُّ بالطِّفل من حقوق تتلائم مع حاجاته وتُناسب صفاته البدنيّة والعقليّة والعاطفيّة، وتُمنح له بكونه إنساناً، ولكونه صغيراً لا يُمكن أن يُلبّي حاجاته ومُتطلباته إلا تحت وصاية ذويه أو من يقوم بشؤونه.
تاريخ إقرار حقوق الطِّفل
لم تكُن مسيرة السّعي لتحصيل حقوق الطفل ضمن الاتفاقيّة المُعلَنة الآن سهلاً ويسيراً، إنّما واجهت طريق عقباتٍ وصعوبات كثيرة؛ فقد قام ميثاق الأمم المتحدة بتشجيع الدُّول وحثِّها على ترويج تقدير جميع حقوق الإنسان والحقوق والحُريّات الأساسية كونها ممنوحةً للجميع دون استثناء وذلك عام 1945م.
تَبِعه بعد ذلك بثلاثِ أعوام الإعلانُ العالمي لحقوق الإنسان مؤكّداً مرّة أخرى بوجوب حقّ الرعاية الخاصّة والحماية للأمومة والطفولة ، والنّظر للأسرة على أنّها وحدَةٌ طبيعيّةٌ مُتكامِلةٌ وأنها ركيزة وأساس المُجتمع. وقد تعدّدت الإعلانات المُتعلّقة بحقوق الطِّفل في القرن العشرين، بحيث جاءَ آخِرُها الإعلان المُختّص بالاعتراف بكونِ حقِّ الطفل على العالم والإنسانية أن يُعطوه أفضل ما عندهم، وذلك عام 1959م.
يُذكر أنّ الإعلانات هذه كُلّها لم تكن إلّا إظهارٌ للنوايا الحسنة، ولم تكن مواثيقاً مُلزِمة قانونيّاً، ولأجل ذلك احتوى الإطار الدولي العام لحقوق الإنسان اتّفاقياتٍ لها صفة القانون الدُّولي. ولم يُسَنّ عهد مُلزم للدول إلا عام 1976م، حيثُ ظهرَ أوّل عهدين يُلزمان الدُّول الموقِّعة عليها بتطبيقهما، وهُما: العهد الدوليّ الخاص بالحقوق الاقتصاديّة والثقافيّة، والعهد الدولي الخاص بالحقوق السياسيّة والمدنيّة، وقد كان أساسُهما مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، حيثُ أصبحت الدّول مُلزمةً على احترام هذه الحقوق لجميع الأفراد أخلاقاً وقانوناً.
انتهجت حقوق الأطفال النهج نفسه؛ حيثُ أُعلِن عن مشروعٍ لاتّفاقية حقوق الطّفل في بداية السّنة الدوليّة للطفل عام 1978م، وتم تنقيح عدّة نصوص واتّفاقيات ومُعاهدات حتّى وصلت الأمم المُتّحدة بعد ذلك لاتفاقيّة حقوق الطِّفل، حيث تم إقرار هذه الاتفاقيّة بإجماع الدّول الأعضاء عام 1989م، وأصبَح مُلزماً عام 1990م بعد تصديق ما يقرُب من 20 دولةً على بنوده. ومع توالي الدّول الأخري على التصديق عليها أصبحت هذه الاتفاقيّة هي الصكّ القانونيّ الأكثر قبولاً في الوسط العالمي كُلّه فيما يتعلّق بحقوق الإنسان.
حقُّ الطِّفل في الحياة
إنّ الحياةَ التي منَحها الله للكائنات الحيّة وبخاصّة الإنسان لهي حقٌّ مقدّس لا يجب الاعتداء عليه أو المساس به دون وجه حق، إذْ يجب حمايته والحفاظ عليه، ولقد نصّت جميع الأديان بتحريم قتل الإنسان، وسلبه روحه، ودَعت لحقّ الإنسان بحياةٍ كريمةٍ وضرورة توفيرها له، حياةٌ يُحافظ فيها على بشريّته وإنسانيّته. وقد نصّت كذلك كل دساتير الدّول والمواثيق والمُعاهدات والاتّفاقات العالمية على حقّ الحياة ومنع التعدّي عليه، حيثُ بدأت تُكتبُ الاتّفاقيات في ذلك من عام 1924م وإلى الآن.
ومن حقّ الإنسان بشكلٍ عام والطِّفل بشكلٍ خاصّ العيشُ ضمنَ حياةٍ آمنة وكريمة تضمن له ممارسة أنشطته دون أن يشعرُ بالخوف ودون تقييد، وللإنسان الحُرية المُطلقة في الأسلوب الذي يعيشُ فيه حياته، وليس من حقِّ أحدٍ أن يتدخَّل فيها أو بما يتعلّق به ما لم يتعدَّ حدوده القانونية الشرعية، وقد وردَ في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ما يؤكد ذلك، إذ نصّ في المادة 3 على أنّه: (لكل فرد الحق في الحياة، والحرية، وسلامة شخصه).
وإنّ حقُّ الحياة للطِّفل من أهمِّ القوانين التي ارتكز عليها القانون الدوليّ، إذ لا بُدّ للدّول أن تعترَف بوجوب حقّ الحياة للطفل باعتباره حقّ أصيل؛ حيثُ وردَ في المادة 6 من اتفاقيّة حقوق الطّفل ما يأتي: (تعترف الدول الأطراف بأن لكل طفل حقا أصيلا في الحياة).
كما للطفلِ الحقُّ في أن يعيشَ عيشاً كريماً بين أهلٍ وعائلةٍ وحُضنٍ اجتماعيّ وبيت وأقارب، ومُحيط مجتمعيّ سليم وصحيّ، يُمارس فيه أنشطته دون خوفٍ وقلق وتردّدٍ، بل باطمئنان وسعادة، وله الحقُّ في أن تُلبّى له احتياجات الحياة من طعامٍ وشرابٍ ولباس.
المفهوم المعنوي لحقّ الحياة
إنّ من يظنُّ أنّ حقّ الحياة للطفل معناه توفير الطعام والشراب واللباس فقط دون أي أمورٍ أخرى فقد أخطأ، إنّ تلك الأمور مهمّة ومن الضروريّات لكنّ حقّ الحياة يتعدّاها ليشمل في مفهومه أموراً أخرى كالحب والرحمة والحنان.
يحتاجُ الطِّفل للرحمة والعطف بشكلٍ كبير خاصّة في سنواته الأولى، يحتاجُ التّوازن في مشاعر الحب ليشعر به دون دلال مُبالغٍ به، ويحتاجُ الرّحمة التي تبتعد عن الشفقة المُذِلّة، ومن الواجب على القائمين بأمور الطِّفل، سواءً أكانوا آباءً أو مُربِّين أو مُدرِّسين، أن ينظروا له بصفته إنساناً له نصيبٌ من الحقوق ونصيبٌ من الواجبات كذلك، دون النّظر لأي صورةٍ من صور التّمييز، مع الأخذ بعين الاعتبار الفروقات الفردية بين الأطفال.
ولا يجبُ أن ينسى الكِبار أنّ الأطفال تملؤهم الفطنة والحب والحركة والبسمة والنّشاط، الأمر الذي يتوجّب استثمار هذه الطاقات في تربيته تربيةً صالحةً سليمةً سويّة، حينها فقط وعند تحقيق كل هذه المضامين يكونُ الطِّفل قد مُنِح حقّ الحياة بكل ما تحملُ الحياةُ من معنىً.