تعريف الحديث الصحيح
الحديث الشريف
الحديث في اللغة يعني كلّ ما يُقال من كلامٍ وأخبارٍ، وهو في الاصطلاح الشرعيّ كلّ ما أُضيف إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم، من قولٍ، أو فعلٍ، أو تقريرٍ، أو صفةٍ، خَلقية أو خُلقية، والمقصود بالتقرير أن يفعل أحداً ما فعلاً معيناً، أو يقول قولاً معيناً في حضور النبي -صلّى الله عليه وسلّم- فلا ينهاه عنه، بل يسكت عن ذلك، وربما لم يكن ذلك الفعل أمام الرسول -عليه الصلاة والسلام- لكنّه علم به، ومع ذلك سكت عنه، هذا السكوت يسمّى تقريراً، ويكتسب به الفعل الصفة الشرعيّة؛ لأنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- لا يسكت عن أمرٍ محرّمٍ ولا يرضى به، وأمّا الصفات الخَلقية فهي ما وردنا عن صفات الرسول، من مثل: التوسّط في طوله، ولون وجهه الشريف المشرّب بالحُمرة، ومثال الصفات الخُلقية: الجود، والكرم ، والشجاعة، وغيرها من الصفات التي وصلت عن الرسول عليه الصلاة والسلام.
يتصل بالحديث الشريف بعددٍ من الألفاظ الأخرى المتعلّقة به، منها: لفظ السند؛ والمقصود به: سلسلة الرواة التي روت الحديث؛ أي الطريق الذي وصل من خلاله نصّ الحديث، ويسمّى نصّ الحديث بالمتن؛ أي أنّ غاية ما تنتهي إليه سلسلة الرواة من الكلام هو متن الحديث، ويأتي الحديث تارةً مؤكداً لما جاء في القرآن الكريم من أوامرٍ وأخبارٍ، كالأمر بالصلاة ، والزكاة، والحجّ ، وغيرها، ويأتي تارةً مبيناً ومُفصلاً لما جاء به القرآن الكريم، كالتفصيل في كيفية الصلاة ، وعدد ركعاتها، ومقدار أنصبة الزّكاة ، وأخيراً قد يأتي الحديث موضّحاً ومبيّناً لأحكامٍ أخرى لم يرد ذكرها في القرآن الكريم، وذلك كتحريم الجمع بين المرأة وعمّتها أو خالتها في الزواج .
تعريف الحديث الصحيح
عرّف أئمة علم الحديث الحديث الصحيح بعددٍ من التعريفات تشتمل على شروطه الرئيسية، من هذه التعريفات تعريف ابن كثير -رحمه الله- الذي قال فيه إنّ الحديث الصحيح هو: الحديث المسند الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط، عن العدل الضابط، حتى ينتهي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أو إلى منتهاه من صحابيّ ، أو من دونه، ولا يكون شاذّاً ولا معلّلاً بعلّةٍ قادحةٍ، ومن خلال التعريف السابق تتبين الشروط اللازم توافرها في الحديث ليكون صحيحاً، وهي كالآتي:
- الاتصال في السند، ويُقصد بهذا الشرط أن يتلقّى كل راوٍ للحديث عمّن فوقه من الرواة دون أن يسقط أحد الرواة من السند، وبهذا الشرط يكون ضمان خروج جميع أنواع الحديث التي تشتمل على انقطاعٍ في السند، كالمعضل، والمنقطع، وغيره.
- تحقّق العدالة في كل راوٍ من الرواة؛ والعدالة هي: الصلاح والاستقامة، وهي تظهر من خلال الالتزام بالأوامر، واجتناب النواهي، والسلامة من كلّ ما يخرم المروءة .
- تحقّق الضبط في كل راوٍ من الرواة؛ ويقصد بهذا الشرط يقظة الراوي، وتنبهه في الحفظ والنقل إلى حين أداء الحديث، سواءً أكان حفظه في ذاكرته، أو في كتابه، ومن تمام الضبط تمام الفهم للمروي، حتى إذا نقله لغيره لم يخلّ في معناه.
- سلامة المتن من الشذوذ؛ والمُراد بذلك ألّا يخالف الراوي الثقة من هو أرجح منه من الرواة فيما يرويه، إذا كان ممّا لا يمكن الجمع بينهما.
- السلامة من العلّة؛ أي خلوّ الحديث ممّا يقدح به بشكلٍ خفيٍّ، فيكون الظاهر من الحديث السلامة والصحّة، إلّا أنّ نقّاد الحديث يستطيعون تمييز العلّة الخفية إذا وُجدت في الحديث.
أقسام الحديث النبوي من حيث طرق وصوله
يتعلّق تقسيم الأحاديث النبوية من حيث عدد طرق وصولها بالسند، وذلك لأنّ الحديث النبوي قد يصل بأكثرٍ من سندٍ واحدٍ، وبذلك فهو ينقسم إلى قسمين رئيسيين كالآتي:
- الحديث المتواتر ؛ وهو ما رواه جمعٌ كبيرٌ عن مثلهم، في كلّ طبقةٍ من طبقات السند، ممّا يجعل تواطؤهم على الكذب أمراً مستحيلاً، وأسندوه إلى شيءٍ محسوسٍ، فإذا أمكن اجتماعهم على الكذب لم يكن الحديث عندها متواتراً، والمُراد بإسنادهم للحديث إلى شيءٍ محسوسٍ؛ أي قولهم: سمعنا، أو رأينا، أو لفظة أخرى تدلّ على الحواس، وللحديث المتواتر قسمان، بيانهما على النحو الآتي:
- المتواتر لفظاً ومعنىً؛ وهو ما اتفق الرواة جميعاً على ألفاظه ومعناه، ومثاله: قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (مَن كذبَ عليَّ مُتعمِّداً فليتَبوَّأْ مَقعدَهُ مِن النَّارِ).
- المتواتر معنىً فقط؛ وهو ما اتفق الرواة على معناه الكليّ، إلّا أنّهم اختلفوا في ألفاظه، ومثاله: أحاديث المسح على الخفين .
- حديث الآحاد ؛ وحديث الآحاد هو ما لم تتحقّق فيه شروط التواتر، فهو يأتي بطرقٍ محصورةٍ يمكن إحصاؤها لقلّتها، وله أقسام ثلاثة، وهي:
- المشهور؛ وهو ما رواه ثلاثة رواةٍ أو أكثر في كلّ طبقةٍ من طبقاته، على ألّا يصل حدّ التواتر، ومثاله: قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (إنّ اللهَ لا يقبضُ العلمَ انتزاعاً ينتزِعُهُ من العبادِ، ولكن يقبضُ العلمَ بقبضِ العلماءِ).
- العزيز؛ وهو ما لا يقلّ عدد رواته عن اثنين، في كلّ طبقةٍ من طبقات السند، ومثاله: قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليهِ من والدِه وولدِه والناسِ أجمعينَ).
- الغريب؛ وهو ما رواه راوٍ واحد ولو في طبقةٍ واحدةٍ من طبقات السند، ومثاله: قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إنّما الأعمالُ بالنياتِ، وإنّما لكلِّ امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرتُه إلى دنيا يصيُبها، أو إلى امرأةٍ ينكحها، فهجرتُه إلى ما هاجر إليه).