تعبير عن التقدم لوظيفة
المقدمة: التقدم للوظيفة
تُعدّ الوظيفة من الآمال المستقبلية التي يطمح إليها كلّ فرد والتي على كل فرد أيضًا أن يبدأ بالتخطيط لها منذ صغره، إذ لا يخفى على أحد أهمية التخطيط للمستقبل الذي تعد الوظيفة أهم مقوماته، فهناك من ينوي أن يُصبح طبيبًا كأبيه، أو مهندسًا كأخيه، أو معلمًا كمعلمه الذي أحبَّه في الفصل، ولا شكّ أنّ اختياره للوظيفة التي تناسبه مرتبطٌ بمهاراته وخبراته التي نشأ عليها، فإنْ تقدّم لوظيفة يُحبّها مناسبة لخبراته ومهاراته أبدع فيها وأسهم في بناء مجتمعه وازدهاره، وإن تقدّمَ لوظيفة لا يُحبّها مخالفة لخبراته ومهاراته نتيجة استجابته لضغط من طرف خارجيّ مثل الأهل أو الأصدقاء فشل فيها، وتسبّب في هدم مجتمعه وانحداره بين المجتمعات الأخرى.
العرض: مقومات الحصول على الوظيفة
يعدّ اختيار المهنة المسقبلية المناسبة لنا أمرًا ليس يسيرًا ، تبعًا لاتفاقها مع ما نملكه من خبرات ومهارات؛ ذلك لأن وقوعنا في خطأ الاختيار كفيل في استنزاف قدراتنا وأعمارنا على نحو خاطئ؛ فالمعلوم أن الموظف يقضي وقتًا طويلًا في وظيفته بعيدًا عن أهله وأبنائه في سبيل تأمين حياة كريمة لهم، فإن كان سعيدًا في وظيفته هانت عليه المتاعب والصعوبات وأصبح عنصرًا بنّاء في مجتمعه، وإن كان مكتئبًا مهمومًا فيها شعر أن كلّ دقيقة يقضيها كأنها يوم، وأصبح عنصر هدم في مجتمعه، وسعادته واكتئابه في الوظيفة مقترن في مدى تلاؤمها مع المهارات وتشابها مع الميول التي عنده.
إنّ الحصول على وظيفةٍ مناسبة يسبقه مقومات مهمة عند المتقدم لها ومن ذلك: الدافعيّة للعمل والنجاح؛ فإن تقدم الشخص لوظيفة دون أن ينبع من ذاته الدافعية للعمل والابتكار والنجاح كان سببًا في فشله، وسببًا في ضياع الوقت بدون فائدة تذكر؛ لأنّ الدافعية هي أساس كل نجاح وأساس كل إبداع وأساس للحماس، لذلك ينبغي أن يحرص المتقدم للوظيفة أن ينظر في نفسه هل يملك دافعية للعمل؟ وهل هذه الدافعية نابعة من ذاته أم أنها نابعة من ضغط الأهل أو الصديق؟
تعد معرفة الاهتمامات المقوّم الثاني من مقومات الحصول على الوظيفة المناسبة ، وهو أمر داخل الفرد يذهب به اتجاه عمل ما يرى فيه نفسه ويرى فيه الإبداع والتميز إن حصل عليه، ويسخّر كل طاقته لأجله ولأجل إنجاحه بسائر الطرق، فلا يدخر وقتًا ولا جهدًا إلا ويبذله في سبيل هذا العمل، ويعدّ الميول والدافعية عنصرين متلازمين لا ينفكان عن بعضهما، فإن كان ميول الشخص لعمل ما كبيرًا كانت دافعيته له كبيرة، وإن كان ميوله ضعيفًا كانت دافعيته ضعيفة مما يؤثر سلبًا على حجم الإنتاج والإبداع، لذلك يحرص على اختيار الوظيفة التي تناسب ميوله، ولا يكترث لاختيار الأهل أو الأصدقاء ما دام اختيارهم يخالف ميوله واهتماماته.
ومن مقومات الحصول على الوظيفة توفّر الخبرات والمهارات المناسبة، فلا يعقل أن يتقدّم الشخص لوظيفة طبيب وهو لا يمتلك شهادة الطب وخبراته مثلًا، كذلك لا يمكن لمهندس أن يتقدم لوظيفة معلم وهو لا يمتلك الخبرة المناسبة لذلك، فتوافُق الخبرة مع الوظيفة أمر مهم جدًا حتى لا نهدر الطاقات في غير محلها، فالرجل المناسب في المكان المناسب، كذلك ينبغي على المتقدم أن يمتلك مهارات عدة مثل: مهارات التواصل الاجتماعي، مهارات العمل الجماعي، والقدرة على حل المشاكل والصعوبات التي يتعرض لها في العمل، والقدرة على العمل تحت الضغوطات، ومهارات إدارة الوقت وتحديد أولوياته وأولويات عمله، كذلك يمتلك مهارات القيادة والمثابرة.
إنّ الاهتمام بالمظهر والشخصية من مقومات الحصول على الوظيفة؛ ذلك لأنّ من أبرز ما يُصب إليه الاهتمام في المقابلات الوظيفية هو النظر إلى شخصية المتقدم وهيئته، فإن كان صاحب شخصية قوية وهيئة حسنة كان الحظ حليفه في الحصول على وظيفته، وإن كان صاحب شخصية ضعيفة وهيئة رثة فشل في الوصول لما يريده؛ إذ إنه من غير المعقول أن نساوي بين قوي الشخصية وضعيفها في وظيفة التدريس مثلًا؛ لأن الأول يسهل عليه التحكم في طلابه وإدارة صفه بنجاح، والثاني يفشل في ذلك.
ولا نغفل الأخلاق الإسلامية التي يجب أن يتحلى بها المتقدم للوظيفة، ذلك لأن الأخلاق أساس الخير كله، وأساس كل توفيق، فإن غابت الأخلاق غاب النجاح وساد الفساد، ومن ينظر إلى الواقع يُدرك أنّ هناك من يخادع الناس في عمله ومن مات ضميره فلم يُبالِ بما اقترفت يداه ظلمًا، ومَن غشّ وسرق وشتم ونهب، ومرجع ذلك كله غياب الأخلاق، والحقيقة كلما حسنت أخلاق المتقدم حسن عمله، وحسنت بين الناس سيرته، وكلما ساءت أخلاق المتقدم ساء عمله، وساءت بين الناس سيرته، فيحرص على أخلاقه لينال الأجر من ربه، ويسمو بين الناس ذكره.
لا شك أنّ مقومات الحصول على وظيفة تختلف من شخص لآخر ومن مؤسسة لأخرى، لكن ما ذُكِر سابقًا مقومات رئيسة لا يختلف عليها اثنان، وممّا لا يُمكن الاختلاف عليه أيضًا أن ثمرات اختيار الوظيفة المناسبة بناء على المقومات الرئيسة كثيرة ومن ذلك: شعور الفرد بثقة كبيرة في نفسه مما يدفعه للإبداع والابتكار، كذلك حصوله على الترقيات في عمله وزيادة في دخله، نيل رضا الله عز وجل لإخلاصه في عمله، ومن الثمرات أيضًا التي تعود على المجتمع: تقدمه وازدهاره، رقيه وتطوره، منافسته على المراتب الأولى بين المجتمعات الأخرى، كذلك تعزيز روح المنافسة بين أفراد المجتمع الواحد.
الخاتمة: الاستعداد للوظيفة
من أهمّ ما يمكّن الفرد في وظيفته هو مدى استعداده لها، فإن كان استعداده جيّدًا من خلال التوكل على الله، ودراسة وجمع المعلومات عن الشركة المقبل عليها، واتزان حركته وقوة شخصيته، معرفته بطبيعة العمل المقبل عليه كانت حظوظه قوية في وظيفته، وإن كان استعداده سيئًا غير مبالٍ بما هو مقدم عليه كان ذلك سببًا في فشله في وظيفته، كذلك فشله في تمكنه فيها، فيسعى المتقدم إلى الحضور بقوة إلى مكان عمله ليحظى بخير كثير فيه، ويكون عاملًا قويًّا في بناء مجتمعه.