تحليل كتاب دمعة وابتسامة لجبران خليل جبران
التحليل الموضوعي لكتاب دمعة وابتسامة
يعد كتاب دمعة وابتسامة واحدًا من أهم مؤلفات الأديب والرسام و الشاعر جبران خليل جبران ، وهو عبارة عن مجموعة من المقالات التي تعبر عن الحالات النفسية التي مرّ فيها جبران خليل جبران إلى جانب ظروف حياته الاجتماعية التي واجهها في بداية حياته، وتتميز أغلب مؤلفات جبران خليل جبرا ن بنوعية أدب ما بين التنوع والثراء الفني.
منها ما يتضمن تأملات الكاتب في الحياة والوجود وتصوراته عن خفايا النفس البشرية في أهوائها كافة ونزعاتها، كما تركز بعض موضوعاته على نظراته الفلسفية وما يدور في دواخله، ويحتوي الكتاب على مجموعة من القصائد النثرية والقصص، حيث خصَّها جبران خليل جبران لجريدة المهاجر ولكنه بعدئذ جمعها في كتاب واحد بتشجيعٍ من أصدقائه.
التحليل الأسلوبي ل كتاب دمعة وابتسامة
إن كل من قرأ كتاب دمعة وابتسامة شعر بمذاق خاص لا يجده عند كاتب آخر، إذ اتبع الكاتب في هذا الكتاب أسلوب فريد من نوعه في العالم العربي الحديث، فقد خالف بأسلوبه وتراكيبه ودقة بيانه ما كان شائعًا في ذلك الوقت حول الكتابة الأدبية العربية، وقد مَهَد الكتاب لحركة عربية جديدة تمتاز بالشاعرية من نوع خاص التي ابتكرها جبران خليل جبران.
كما قدم (جبران) من خلاله لونًا جديدًا من الأدب، الذي أطرب الآذان بألفاظه البديعة، وأخضع القلوب لجلال معانيه، كما أذهل الألباب بروعة الخيال فيه، وعمومًا فإن الكتاب يعتبر أنشودة ذات مستوى رفيع، ورسالة إنسانية سامية غاية في الروعة والجمال والإبداع.
الاستعارة والصور الفنية في كتاب دمعة وابتسامة
خالف كتاب دمعة وابتسامة بتراكيبه ودقة بيانه كل ما سبقه من كتابات فقد كان بداية لحركة عربية جديدة يتأثر بها كل من قرأ أدبه من طلاب وقرّاء وحتى صحافيين وكتّاب، وعندما برز جبران خليل جبران بكتابه دمعة وابتسامة كان الكتاب والشعراء يملؤون العديد من البلدان مثل؛ مصر وسوريا والمهجر.
كما كانوا يملؤون الصحف والمجلات بكل ما لا يمت للأدب بصلة فهي عقيمة بليدة تخلو من الشعور كما أنها لا تمسُّ شغاف القلب، ولكن في الوقت الذي تم نشر كتاب دمعة وابتسامة فيه، قرأه الناس وتبدلت أفكارهم وعرفوا للمرّة الأولى من هو الشاعر الحقيقي هو الذي يعزف على أوتار قلوبهم الثكلى بأصابع من ذهب.
برزت في كتاب دمعة وابتسامة العديد من الصور الفنية وعبارات الاستعارة، وفيما يلي اقتباسات منها:
- "تحملنا الحياة مِنْ مكان إِلَى مكان وتنتقل بنا التقادير مِنْ مُحِيْطٍ إِلَىْ آَخَرْ، ونحن لا نَرَىْ إلا ما وَقَفَ عَثَرَةً فِيْ سَبِيْلِ سيرنا ولا نَسْمَعُ سِوَىْ صَوْتٍ يخيفنا".
- "وأنت أيها القلب سلام لك لأنك تستطيع أن تهزأ بالسلام وأنت غارق بالدموع وأنت أيتها الشفاه سلام لك لأنك تتلفظين بالسلام وأنت تتذوقين طعم المرارة".
- "من لا يرى الأحزان لا يرى الفرح".
- "فالزهرة لا تعود إلى الحياة إلَّا بالموت، والمحبة لا تصير عظيمة إلا بعد الفراق".
- "هكذا تمر الليالي ونحن غافلون وتصافحنا الأيام ونحن خائفون من الليال".
- "أنا ابنة العناصر التي حبل بها الشتاء وتمخَّض بها الربيع ورباها الصيف ونومها الخريف، أنا هدية المحبين".
الحوار والسرد في كتاب دمعة وابتسامة
ركز جبران خليل جبران في تلك المجموعة من المقالات التي يتضمنها الكتاب على مشكلة الفقر والغنى، إّذ أشار إلى المأساة بالدمعة أما الابتسامة فهي الفرح وكأنه يصور للقارئ لوحة حزينة لشخص غني في "الأمس واليوم" كما أنه لم ينس الفقير، فقد بدأ صراعًا بينهما أي الغني والفقير.
ورسم لنا صورة تدل على قربه الشد من الفقراء، ومن نفوسهم وأرواحهم البريئة، فناداه مرةً ب"خليلي" و" يا خليلي الفقير" وكل ذلك يدل على قربه منهم، وكذلك تحدث عن ضعفهم وأسبابه الذي نتج عن بغي القوي وظلم الحكام، والأنانية المفرطة من عبَّاد الشهداء، ولكنه طمأنهم بأن وراء كل ذلك قوة تجلب لهم العدل والنور والحياة.
كما وصف في قصة أخرى حال الفقراء الذين يعملون في قصور الأغنياء الذين كانوا يلهون ويرقصون، كما جاء في قصة الكوخ والقصر، ووصف استيقاظ الفقير من نومه وكيف تناول طعامه البسيط مع زوجته وعياله، وانطلق تحت أشعة الشمس اللافحة، والأنباء يبرحون صروحهم العالية.
آراء النقاد حول كتاب دمعة وابتسامة
حصل جبران خليل جبران على سمعة متباينة عند الأشخاص الذين يتحدثون اللغة الإنجليزية كما احتلت أعماله مكانة عالية وشات بين الكثيرين، مما جعله الشاعر الأمريكي الأكثر مبيعًا في القرن العشرين، لكن النقاد لم يشاركوا هذا الحماس، إذ تعود لوحاته إلى الرمزية والفن الحديث، وبناء على ذلك فهو بقاء لتقليد رفضه كل من الواقعيين الأمريكيين والتجريديين الأوروبيين كتبه الإنجليزية.
وقد أكد كبار نقاد الأدب والمفكرين الأوروبيين مثل جيمس جويس، وتي إس إليوت أو لإرنست همنغواي أن جبران خليل في كتابه دمعة وابتسامة، قدم تجربة أدبية رائعة وقد أذاب جبران فيها الفواصل التقليدية التي طالما استحدامها الرواد فيما بين النثر والشعر؛ وذلك ما ناهضته التقليدية رغم اعترافها أن إعجاز وحداثة الأمم الحديثة تكمن في الممارسة غير الشعريّة؛ والمقصود به النثر.