بحث عن ذكر الله
تعريف ذكر الله
إنَّ معنى الذِّكر هو الثَّناء على الله وتنزيهه وتمجيده وتقديسه وحمده وتسبيحه وشكره على ما أنعم، فما خلق الله من خلق على هذه الأرض إلَّا ليذكره ويعبده ويحمده ويثني عليه، حيث قال الله -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).
ويقول الله -سبحانه وتعالى-: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)، فاطمئنان القلب يرتبط بذكر الله -تعالى-؛ لأنَّ الذِّكر مفتاح الأمان والاطمئنان، وهو سرٌ بين العبد وربِّه، وفيه يستشعر العبد قربه من الله ويزيد من روحانيته ورقَّة قلبه، وشغل العبد لسانه بذكر الله خيرٌ له من أن يشغله في الكلام العادي الذي قد يكون من الغيبة والنَّميمة.
أنواع الذكر
للذكر أنواعٌ عديدةٌ، نورد منها ما يأتي:
- أفضل الذِّكر وأعلاه مرتبةً هو القرآن الكريم، فتلاوته وتدبره وترديده من أفضل ما يذكر به العبد ربَّه -سبحانه وتعالى-، فهو كتاب ذكرٍ كما وصفه الله -تعالى- في قوله: (وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ).
- ذكر أسماء الله -سبحانه وتعالى- وصفاته، والثَّناء عليه بها، وتنزيهه وتقديسه عمَّا لا يليق به -سبحانه وتعالى-، كقول: "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر".
- الإخبار عن الله بأحكام أسمائه وصفاته، وهو ثلاثة أنواع:
- الحمد: وهو الإخبار عنه -سبحانه وتعالى- بكمال صفاته مع محبَّته والرِّضا به.
- الثَّناء: وتكرار الحمد ثناء.
- التَّمجيد: وهو المدح بصفات الجلال والعظمة والكبرياء والملك.
- ذكر أمره ونهيه وأحكامه، ولذلك قالوا: "إن لم تكن مجالس الحلال والحرام هي مجالس الذكر فلا أدري ما هي".
- ذكر آلائه وإنعامه ومواقع فضله على عبيده، وكذلك أمر الله في محكم كتابه حيث قال: (فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
- ذكر الدُّعاء والاستغفار، وبهذا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَفْضَلُ الذِّكْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ الحَمْدُ لِلَّهِ).
- ذكر الرِّعاية؛ مثل قول: الله معي، الله حافظي، الله ناظري، الله شاهدي، ففيه رعاية لمصلحة القلب، ولحفظ الأدب مع الله، والتحرز من الغفلة، والاعتصام من النفس والشيطان.
أفضل الذكر
أفضل الذِّكر الاشتغال بالقرآن الكريم ، فهو أفضل من التَّهليل والتَّسبيح المطلق، ثمَّ الكلمات الأربع، ثمَّ سائر أنواع الذِّكر، وفيما يأي التَّفصيل:
- أفضل الذِّكر القرآن الكريم
لأنَّه مشتملٌ على جميع أنواع الذِّكر من تذكيرٍ، وتهليلٍ، وتحميدٍ، وتسبيحٍ، وتمجيدٍ، حيث أسماها الله في محكم آياته باسم الذِّكر، قال -تعالى-: (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ).
- أفضل الكلمات لا إله إلَّا الله
وذلك لما ورد عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: (خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
- التَّسبيح المطلق
حيث روى أبو ذرٍ الغفاري عن رسول الله قال: (أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَحَبِّ الْكَلَامِ إِلَى اللهِ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَخْبِرْنِي بِأَحَبِّ الْكَلَامِ إِلَى اللهِ، فَقَالَ: إِنَّ أَحَبَّ الْكَلَامِ إِلَى اللهِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ).
- قول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر
وذلك لما ورد في الحديث الصَّحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَأَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ).
فضائل ذكر الله
هناك من الفضائل ما لا يعدُّ ولا يحصى لذكر الله -تعالى-، ومن هذه الفضائل ما يأتي:
- مَن يذكر الله يذكره الله -تعالى- بالمقابل، كما قال -تعالى-: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ).
- ذكر الله -تعالى- يوجب الأمان من نسيان الله -تعالى- للذّاكر، والذي هو سبب شقاء العبد في المعاش والمعاد، قال الله -تعالى-: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).
- ذكر الله يُذهب عن القلب المخاوف، قال -تعالى-: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
- يُجلِب الرِّزق، حيث قال -تعالى-: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا).
- مجالس الذِّكر رياض الجنَّة في الدنيا
حيث يباهي الله -تعالى- بالذَّاكرين ملائكته، فقد جاء في الحديث الصحيح: (إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: «مَا أَجْلَسَكُمْ؟» قَالُوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللهَ وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ، وَمَنَّ بِهِ عَلَيْنَا، قَالَ: «آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَاكَ؟ قَالُوا: وَاللهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلَّا ذَاكَ، قَالَ: «أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ، وَلَكِنَّهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِي، أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي بِكُمُ الْمَلَائِكَةَ).
كيف يكون العبد من الذاكرين
القرب من الله أفضل وأجمل ما يفعله المؤمن في حياته، فهو سعادةٌ في الدَّارين الدُّنيا والآخرة، والذِّكر من أكثر العبادات التي يتقرَّب بها المؤمن إلى ربِّه، ومن أفضل الطُّرُق التي يكون فيها العبد من الذَّاكرين ما يأتي:
- المحافظة على الصَّلوات الخمس
قال الله -تعالى-: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا).
- المحافظة على الأذكار دبر كل صلاة
جاء في السنة النبوية الكثير من الأذكار، ولكلِّ ذكرٍ موضعه الذي يقال فيه، ومن هذه الأذكار أذكار الصَّلاة، والتي منها ما يقال بعد الصَّلاة، ومنها ما ورد في الحديث الصَّحيح: (عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ لَمْ يَقْعُدْ إِلَّا مِقْدَارَ مَا يَقُولُ: «اللهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ» وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ نُمَيْرٍ: يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ).
- الإكثار من قراءة القرآن الكريم
وما ذكر الذاكرون الله بأفضل من كتابه العزيز: (عن عَبْد اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ).
- المحافظة على الأذكار
فإذا خرج المسلم من منزله فليقل دعاء الخروج، وإذا ركب سيارته يقول دعاء الرُّكوب، وهكذا في سائر الأعمال.
- المحافظة على الأذكار التي ورد فضلها نصوص شرعيّة
عن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيمِ، سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ).
أحوال الذاكرين
هناك الذَّاكرين الله كثيراً في كلِّ حالٍ من أحوالهم ، وهناك الذَّاكرين لله قليلا، وهناك الغافلين عن ذكر الله، وفيما يأتي ذكر أفضل حالين للذاكرين وهما:
- من ورد في قوله -تعالى-: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)، وهذا حال الذين يذكرون الله سبحانه في الصلاة، وفي غير الصلاة، ويحافظون على تلاوة القرآن في أغلب أوقاتهم.
- من ورد في قوله -تعالى-: (فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ)، وهذا حال الذين يذكرون الله في كلِّ أحوالهم مهما اختلفت وتنوَّعت.