رسائل إخوانية قصيرة
الرسائل الإخوانية
حديثنا اليوم هو الرسائل الإخوانية، بدايةً سنوضِّح مفهوم الرسائل الإخوانية، فهي : نوعٌ من أنواع النثر الأدبي وهي تلك الرسائل التي تتخذ طابعًا أخويًّا ووديًّا، بحيث تُساعد على تقوية العلاقات الاجتماعية وتطويرها.
وهي نوعٌ من الكتابات التي تتناول العلاقات الإنسانية الخاصة بين الأفراد وتصوّر عواطفهم في حالات التهنئة، الشوق، العتاب، الاعتذار والنصح، إذ لها وقعٌ وتأثيرٌ بالغٌ في النفوس.
نماذج من الرسائل الإخوانية
رسالة الحسن بن وهب إلى المتوكل فى عيد النيروز
«أسعدك الله يا أمير المؤمنين بكرّ الدهور، وتكامل السرور، وبارك لك فى إقبال الزمان، وبسط بيمن خلافتك الآمال، وخصّك بالمزيد، وأبهجك بكل عيد، وشدّ بك أزر التوحيد، ووصل لك بشاشة أزهار الربيع المونق، بطيب أيام الخريف المغدق (كثير المياه) وبمواقع تمكين لا يجاوزه الأمل، وغبطة إليها نهاية ضارب المثل، وعمّر ببلائك الإسلام، وفسح لك فى القدرة والمدة، وأمتع برأفتك وعدلك الأمة، وسربلك (ألبسك) العافية، وردّاك السلامة، ودرّعك العزّ والكرامة، وجعل الشهور لك بالإقبال متصدّية، والأزمنة إليك راغبة متشوقة، والقلوب نحوك سامية، تلاحظك عشقًا، وترفرف نحوك طربًا وشوقًا».
رسالة الجاحظ إلى أحمد بن داود
" ليس عندي - أعزك الله - سبب، ولا أقدر على شفيع، إلا ما طبعك الله عليه من الكرم والرحمة والتأميل الذي لا يكون إلا من نتاج حُسن الظن، وإثبات الفضل في مجال المأمول، وأرجو أن أكون من العُتقاء الشاكرين فتكون خيرَ مُعتب، وأكون أفضل شاكر،.... من عاقب فقد أخذ حظَّه، وإنَّما الأجر في الآخرة، وطيبُ الذِّكر في الدنيا، على الاحتمال وتجرُّع المرار، وأرجو ألَّا أضيع وأهلك بين كرمك وعقلك "
رسالة ابن المعتز لعُبيد الله بن وهب وزير المعتمد
" أخّرتني العلَّةُ عن الوزير - أعزَّه الله - فحضرت بالدعاء في كتابي لينوب عنِّي، ويعمر ما أخلَّته العوائق مني، وأنا أسأل الله تعالى أن يجعل هذا العيد أعظم الأعياد السالفة بركةً على الوزير، ودون الأعياد المستقبلة فيما يحبّ ويحبّ له، ويقبل ما توسَّل به إلى مرضاته، ويُضاعف الإحسان إليه على الإحسان منه، ويُمتِّعه بصُحبة النعمة ولِباس العافية، ولا يُريه في مسرَّةٍ نقصًا، ولا يقطع عنه مزيدًا، ويجعلني من كلِّ سوءٍ فداءهُ، ويصرف عيون الغدر (حوادث الدهر ) عنه وعن حظِّي منه "
رسالة يحيى البرمكي إلى هارون الرشيد
" من شخصٍ أسلمتْه ذنوبُه وأوثقتْه عيوبُه، ورفضَه صديقه، ومالَ به الزمان، ونزل به الحدثان، فحلَّ في الضّيق بعد السّعة، وعالج البؤس بعد الدّعة، وافترش السّخط بعد الرضا، واكتحل السّهاد بعد الهجود، ساعتُه شهر، وليلتُه دهرٌ، قد عاين الموت، وشارف الفوتَ، جزعًا لموجدتك يا أمير المؤمنين وأسفًا على ما فات من قربك ".
رسالة البديع إلى بعض إخوانه يعزيه وينصح له
" وصلت رقعتك (يا سيدي) والمصاب لعمر الله كبير، وأنت بالجزع جدير، ولكنَّك بالصبر أجدر، والعزاء عن الأحبة رشد كأنَّه الغي، قد مات الميت فليحيى الحي، فاشدد على مالك بالخمس، فأنت ال يوم غيرك بالأمس، قد كان ذلك الشيخ - رحمه الله - وكيلك تضحك ويبكي لك، وقد مولك مما ألف بين سراه وسيره وخلفك فقيرًا إلى الله غنيًا عن غيره، وسيعجم الشيطان عودك، فإن استلانك رماك بقوم يقولون : خير المال ما تتلفه بين الشراب والشباب وتنفقه بين الحباب والأحباب، والعيش بين القداح والأقداح، ولولا الاستعمال لما أريد المال، فإن أطعتهم فاليوم في الشراب وغدا في الخراب، واليوم واطربا للكاس وغدا واحربا من الإفلاس".
موضوعات الرسائل الإخوانية
تعدد الموضوعات التي تناولتها الرسائل الإخوانية، وفيما يأتي أهم موضوعاتها:
رسائل الشكر
تُرسل عند الشعور بالامتنان تجاه أحد الأشخاص الذين قدموا لك معروفًا.
- رسائل التهنئة
وهي تلك الرسائل التي يتبادلها النَّاس فيما بينهم عند وجود إحدى المناسبات الاجتماعية، مثل: الزواج، النجاح، السفر. فتُعبِّر عن المشاعر الراقية التي يكنُّها كاتبها للمُرسل إليه.
- رسائل العتاب
وهي التي تُرسل بين الأشخاص الذين تربط بينهم علاقات ودِّيَّة ويُفرِّقهم خلافٌ بسيط وقع بينهم، ف العتاب من أصل المحبة، ودومًا ما تحمل هذه الرسائل عبارات اللوم من المُرسل إلى المُرسَل إليه.
- رسائل التعزية
هي التي يتم تبادلها بين النَّاس في المواقف الصعبة، كالمرض أو الموت. يجب أن تكون عبارات هذه الرسائل قصيرة موجزة وليست طويلة.
- رسائل الشوق
هي التي تُكتب ويتم تداولها بين الأحبة في العلاقات المتباعدة، وتكون خير دليل على مشاعر الحب والمودَّة، وفي هذا النوع من الرسائل يتم استخدام العبارات التي تحمل المعاني الرومنسية المؤثرة.
- رسائل الاعتذار
وهي الرسائل التي يُرسلها شخص إلى شخص آخر بهدف إنهاء الخلافات و تقديم الاعتذار إليه في حال أنه المُخطئ، ويهدف هذا النوع من الرسائل إلى الإقرار بالخطأ المُرتكب.
خصائص الرسالة الإخوانية (الاستهلال والمتن)
إنَّ هذا النوع من الرسائل دائمًا ما تبدأ بالتحميدات، وتُكتب الرسالة الإخوانية في صياغة لُغويَّة أدبية فائقة الجودة، وبناء بلاغي قوي، تتنوّع فيه العلوم البلاغية من البديع والبيان من بداية الرسالة حتى نهايتها، إضافةً إلا أنّ عبارات هذه الرسائل لابدَّ من أن تشتمل على معاني التفخيم والتعظيم وأن تكون سهلة وبسيطة في نفس الوقت حتى تصل إلى القارئ.
بالرُّغم من أنَّ هذه الرسائل تتخذ الطابع الودِّي، إلا أنه لا يُستخدم فيها المصطلحات العامَّة والكلمات متعددة المعاني.