آثار الوحي
آثار تنزل الوحي على النبي
يُعدّ الوحي بشكل عامّ أمر ثقيل على من يتنزّل عليه وبأيّ صورة ومَرتبة كان، ذلك أنّ الإنسان حين نزول الوحي عليه يخرج من عالم المادة ويدخل في عالم الغيب والملائكة، وإنّ ذلك الأمر يتطلّب من الإنسان استعداداً يمدّه الله به، وقد كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يُلاقي مشقةً شديدةً أثناء نزول الوحي عليه.
تصبب جبهة النبي عرقا
تختلف الطبيعة والحالة التي يتكوّن منها الملَك عن حالة الرّسول وطبيعته البشريّة، ولكي يحصل الالتقاء بينهما لا بدّ أن تتغير طبيعة أحدهما لتنسجم مع الآخر، فإمّا يتغيّر الملَك إلى صورة بشريةٍ، أو يتغيّر الرسول إلى حالة ملائكيّة.
وبناءً على ذلك كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يتعرّض لتغيرات كيماويّة في طبيعته تتسبّب بتعرّقه، فيقول لمن حوله: دثّروني دثّروني، وقد وصف الصّحابة -رضوان الله عليهم- حاله حين نزول الوحي عليه فقالوا: وكان جبينه يتفصّد عرقاً.
ثقل وزن النبي
كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يثقل حين نزول الوحي عليه، ذلك أنّ الوحي كلام ثقيل، قال -تعالى-: (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلً) ، وقال -تعالى-: (لَوْ أَنزَلْنَا هَـذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّـهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) ، فإذا نزل عليه الوحي حال ركوبه على دابةٍ تبرّك من شدة الثقل عليها.
وإذا كان واضعاً رجله فوق رجل أحدٍ فلا يستطيع الشخص أن يُحرّك رجله أو يُغير مكانها، وفي ذلك يقول زيد بن ثابت -رضيَ الله عنه-: (أنْزَلَ اللَّهُ علَى رَسولِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وفَخِذُهُ علَى فَخِذِي، فَثَقُلَتْ عَلَيَّ حتَّى خِفْتُ أنْ تَرُضَّ فَخِذِي)، وتقول أمّ المؤمنين عائشة -رضيَ الله عنها-: (إنْ كان لَيُوحى إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو على راحلَتِه، فتَضرِبُ بجِرانِها).
سماع صوت صلصة الجرس
كان الوحي في بعض المرات يتمثّل لرسول الله بصوت صلصلة جرس، وفي هذا قالت عائشة -رضيَ الله عنها-: (أنَّ الحارِثَ بنَ هِشامٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه سَأَلَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، كيفَ يَأْتِيكَ الوَحْيُ؟ فقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أحْيانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الجَرَسِ، وهو أشَدُّهُ عَلَيَّ، فيُفْصَمُ عَنِّي وقدْ وعَيْتُ عنْه ما قالَ).
والذي يسمع هذا الصوت إن كان غير رسول الله لا يفهم المراد منه، لكنّ رسول الله حين كان يسمعه يعلم أنّ الوحي سيأتيه فور انتهاء الصوت، والمُراد بصلصلة الجرس؛ أنّ الوحي يُكلّم النبي بصوت يُشبه صوت اهتزاز الجرس، والوحي بصوتٍ كصلصلة الجرس هو من أشدّ أنواع الوحي وأثقله على النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام-.
سماع صوت دوي النحل
ورد عن عمر بن الخطّاب -رضيَ الله عنه- أنه قال: (كان إذا نزَل على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الوحيُ يُسمَعُ عِندَ وَجهِه دَوِيٌّ كدَوِيِّ النحلِ)، فصوت نزول جبريل -عليه السلام- يكون كدويّ النحل ، فقد كان الصّحابة من حول رسول الله يسمعون الصوت من جانب وجهه سماعاً خفيفاً لا يفهمون معناه.
تنفس النبي بقوة
ثبت عن يعلى بن أمية في الحديث الصحيح أنه قال: (فأشَارَ عُمَرُ إلى يَعْلَى: أنْ تَعَالَ، فَجَاءَ يَعْلَى فأدْخَلَ رَأْسَهُ، فَإِذَا هو مُحْمَرُّ الوَجْهِ، يَغِطُّ كَذلكَ سَاعَةً، ثُمَّ سُرِّيَ عنْه)، وذلك لِما يحدث للنبيّ من القوة التي يحملها، وما يبذله من الجهد ليدخل عالم الروح غير المحدود، وخروجه من العالم الذي يعيش به، فيُصم عنه حتى ينتهي الوحي عنه ثمّ يعود لوعيه.
آثار الوحي على المسلم
تعود قراءة الوحي -القرآن الكريم والسنة- والاستماع إليه على صاحبها بفوائد عديدة في الدنيا والآخرة، منها ما يأتي:
- الوحي يعصم صاحبه من الوقوع في المعاصي، ويحجب مَن اعتصم به عن الدخول في النّار يوم القيامة.
- تلاوة القرآن مع نية الحصول على رضا الله تُدخل صاحبها في زمرة المفلحين.
- تهدي صاحبها إلى صراط الله المستقيم، وتشفي صدور قوم مؤمنين.
- القرآن والسنة هما حبل الله القوي المتين، مَن تمسّك بهما فقد فاز في دنياه وآخرته معاً ونالهما.
- إنّ الله -تعالى- قد صنّف عباده الذين يستمعون القول ويتّبعون أحسنه بأنّهم على هُدىً من الله -تعالى-.
- نزول الرحمة وعمومها على من يستمع للقرآن، ويُصغي بأدبٍ إليه.
- سببٌ من الأسباب التي تؤدي إلى انشراح الصدر.
- القرآن دواءٌ لكلِّ ما يُصيب الجسد، والنّفس من الأسقام والأمراض.