احسن الى الناس تستعبد قلوبهم
البستي (أبو الفتح): أبو الفتح علي. أديب وشاعر فارسي الأصل. شهر بنونيته الحكمية. توفي سنة 1010م. من الشعراء المطبوعين ومن شعره قوله:
قلبي رهين بنيسابور عند أخ ، ما مثله حين تستقرى البلاد أخ
له صحائف أخلاق مهذبة ، من الحجى والعلى والظرف تنتسخ
وله قوله:
ما إن سمعت بنوّار له ثمر ، في الوقت يمنع سمع المرء والبصرا
حتى أتاني كتاب منك مبتسم ، عن كل معنى ولفظ يشبه الدرر
ومن جيد شعره قوله، وهو من المعاني المبتكرة:
ألم تر أن المرء طول حياته ، معنّى بأمر ما يزال يعالجه
كدود غدا للقزّ ينسج دائباً ، ويهلك غمّاً وسط ما هو ناسجه
ومن اشهر قصائده :
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم قصيدة للشاعر أبو الفتح البستي
زيـادة الـمرء فـي دُنياه نقصانُ *** وربحه غير محضِ الخير خسرانُ
أحسن إلى الناسِ تَستعبد قلوبهم *** فطالما استعبدَ الإنسان إحسان
يا خادمَ الجسم كم تَسْعى لخدمتَهِ *** أتطلب الربحَ مما فيه خسران ؟
أقـبل على النفس واستكمل فضائلها *** فأنت بـالنفس لا بـالجسم إنسان
وكـن عـلى الدهر مِعْواناً لذي أملٍ *** يرجو نداك فـإن الـحرّ مِعْوان
واشـدد يـديك بـحبلِ الله معتصما *** فـإنه الـركن إن خـانتك أركـان
مـن يَـتّقِ الله يُـحمد فـي عواقبهِ *** ويـكفهِ شـرّ من عَزُّوا ومن هانوا
مـن اسـتعانَ بـغير الله في طلبٍ *** فــإن نـاصرَه عَـجزٌ وخـذلان
مـن كـان لـلخير مَناعاً فليسَ له *** عـلـى الـحقيقة خـلان وأخـدان
مـن جـادَ بالمال جاد الناس قاطبة *** إلـيـه، والـمال للإنسان فـتّان
مَـنْ سـالم الناس يَسلم من غوائلهم *** وعـاشَ وهـو قرير العين حذلان
مـن يزرع الشرّ يحصدْ في عواقبه *** نـدامة، ولـحصدِ الـزّرع إبـان
مـن اسـتنامَ إلى الأشرار نام وفي *** رِدائــه مـنـهمُ صـلٌ وثـعبان
كـن ريّـق الـبشرِ إن الحرّ همته *** صـحيفةٌ وعـليها الـبشرُ عـنوان
ورافـق الـرّفق في كل الأمور فلم *** يـندم رفـيق ولـم يـذممه إنسان
ولا يـغـرّنك حـظ جـره خـرق فـالخُرق *** هـدمٌ ورفقُ المرء بنيان
أحـسن إذا كـان إمـكان ومـقدرة *** فـلن يـدومَ عـلى الإحسان إمكان
فـالروض يـزدان بالأنوار فاغمهِ *** والـحر بـالعدلِ والإحـسان يزدان
صـنْ حـر وجهك لا تهتك غلالته *** فـكل حـر لـحر الـوجه صوّان
دع الـتكاسل فـي الخيرات تطلبُها *** فـليس يـسعد بـالخيرات كـسلان
لا ظـلّ للمرء يعرى من نهى وتقى *** وإن أظـلـتـهُ أوراقٌ وأفــنـان
والـناس أعـوانُ مـن والتهُ دولته *** وهــم عـليه إذا عـادته أعـوان
(سحبانُ) من غير مال باقلُ حصر *** و(بـاقلٌ) فـي ثَـراءِ المال سحبان
لا تـودِع الـسر وشّـاء بـه مذلاً *** فـما رعـى غنماً في الدّو سرحان
لا تـستشير غـير ندبٍ حازم *** يقظ قـد اسـتوى فـيه إسرار وإعلان
فـلـلتدابير فـرسان إذا ركـضوا *** فـيها أبـرُّوا كـما للحرب فرسان
ولـلأمـور مـواقـيتٌ مُـقـدرةٌ *** وكــل أمـر لـه حـدٌ ومـيزان
فـلا تـكن عـجلاً في الأمر تطلبه *** فـليس يُـحمد قـبل النضج بحران
كـفى من العيش ما قد سدّ من عوز *** فـفـيه لـلـحُر قـنيان وغـنيان
وذو الـقناعةِ راض مـن مـعيشته *** وصاحبُ الحرص إن أثرى فغضبان
حـسب الـفتى عـقله خلاً يُعاشره *** إذا تـحـاماه إخــوان وخُــلاّن
إذا نَـبـا بـكـريمٍ مـوطنٌ فـله *** وراءه فـي بـسيط الأرض أوطان
يـا ظـالماً فـرحاً بـالعزّ ساعده *** إن كـنت فـي سنةٍ فالدهر يقظان
يـا أيـها الـعالم المرضيّ سيرته *** أبـشرْ فـأنت بـغير الـماء ريّان
ويا أخا الجهل لو أصبحت في لجج *** فـأنت مـا بـينها لا شـكّ ظمآن
لا تـحسبن سـروراً دائـماً أبـداً *** مـن سـرّه زمـنٌ سـاءته أزمان
وكـلّ كـسر فـإن الـدين يجبره *** ومـا لـكسر قـناةِ الـدين جبران