أين تقع مدائن صالح
موقع مدائن صالح
تقع مدائن صالح أو ما تُدعى بالحِجر في مدينة العُلا داخل منطقة المدينة المنورة في المملكة العربية السعوديّة ، بحيث تبُعد 20 كم شمال مدينة العُلا، وعلى بُعد 400 كم من الشمال الغربيّ للمدينة المنورة، وبالتحديد على بُعد 1043 من الشمال الغربيّ للعاصمة الرياض، كما يُشار إلى أنّها في مُنتصف الطريق بين مدينة البتراء ومكة المكرمة، إذ تبعد 500 كم من الجنوب الشرقي لمدينة البتراء في الأردن، ويجدر الإشارة إلى أنّه تعود غالبية الآثار في ذلك الموقع الأثري إلى المملكة النبطيّة خلال فترة القرن الأول ميلادي، حيث تُعدّ مدائن صالح أكبر مُدن الأنباط بعد عاصمتهم البتراء .
أهمية موقع مدائن صالح
يُشكّل موقع مدائن صالح نقطة التقاء بين الحضارات المختلفة في العصور القديمة، حيث كانت تشهد التبادلات الثقافيّة المهمّة؛ كالهندسة المعمارية، والديكور، واستخدام اللُّغة، وتجارة القوافل؛ إذ أنّها تقع على طريق تجاريّ بين شبه الجزيرة العربية والبحر الأبيض المتوسط وقارة أسيا.
كان موقع مدائن صالح الجغرافي يُشكّل مفترق طرق، إذ كان طريق البخور الرئيسي بين الشمال والجنوب يتقاطع مع طريق من البحر الأحمر إلى الخليج العربي، وبذلك نجح الأنباط في سيطرتهم على تجارة التوابل بالإضافة إلى تجارة البخور، حيث قاموا بجلبها من مناطق جنوب الجزيرة العربية إلى الشمال على طول طرق التجارة ليتمّ بيعها للإغريق، والرومان، والمصريين، والفينيقيين، والحضارات الأخرى المُحيطة بالبحر الأبيض المتوسط والشرق الأدنى.
يُشار إلى أنَّ مدائن صالح لَعِبت دورها التجاريّ في عهد العديد من الممالك قبل أن يختارها الأنباط كأقصى نقطة جنوبية لقوافلهم، ومنها مملكة دادان ومملكة لحيان، كما أشار القرآن الكريم إلى وجود منطقة قوم ثمود عليه السلام فيها حتى قبل تلك الفترة، فيما تمّ ضمّ المناطق التي كان يُسيطر عليها الأنباط للإمبراطورية الرومانية في عام 106م، حيث تعرّضت المنطقة للإهمال؛ وذلك لأنّ الرومان فضّلوا الموانىء البحرية على طول البحر الأحمر عن طرق القوافل البريّة، لكن يُشار إلى أنّه خلال فترة قبل مجيء الإسلام استمرت في لعِب دورها كطريق للقوافل، ثُمّ كطريق للحج إلى مكة، كما جرى تحديثها ببناء سكة حديد في بداية القرن العشرين.
موقع مدائن صالح الأثري
يُعدُّ موقع مدائن صالح أول موقع أثريّ يتمّ إدراجه كموقع تراث عالمي من قبل اليونسكو في المملكة العربية السعوديّة، إذ يُمثّل الموقع أكبر موقع محفوظ كما هو للحضارة النبطيّة التي تقع جنوب البتراء في الأردن، كما يُعدُّ الموقع واحداً من أكثر المواقع الأثريّة غموضاً في شبه الجزيرة العربية، حيث ترتفع مجموعة من الصخور الكبيرة فجأة في عِدّة مناظر طبيعيّة صحروايّة مسطّحة، كما يُشار إلى أنّ مُعظم الهياكل التي يُمكن رؤيتها اليوم في ذلك الموقع الأثري كانت تُستخدَم للأغراض الجنائزيّة فقط.
يضّم الموقع 131 مقبرة تمّ نحتها وبناؤها في الصخور المُحيطة، حيث تجمع المقابر ما بين عناصر العمارة الرومانية مع الصور النبطيّة والبابليّة، إذ يُقدّم الموقع شهادةً فريدةً من نوعها عن الحضارة النبطيّة وفن العمارة فيها، إذ أنّ من بين تلك المقابر يوجد 111 مقبرة نبطية ضخمة ومن ضمنها 94 مقبرة مُزخرفة، التي يعود تاريخها إلى الفترة الممتدّة ما بين القرن الأول قبل الميلاد إلى القرن الأول ميلادي، كما يحتوي الموقع على 50 نقش من النقوش التي تعود إلى فترة ما قبل الحضارة النبطيّة وبعض رسومات للكهوف، بالإضافة إلى ذلك يُقدّم الموقع صورة عن الخبرة الهيدروليكيّة لدى الأنباط؛ حيث أنّهم حفروا آبار المياه في الصخور.
علاوةً على ذلك يحتوي الموقع أيضاً على مكان للعبادة يُسمى الديوان، إلى جانب السيق الذي يُمثّل ممر ضيّق بين صخرتين كبيرتين يتخلّله مذبحان صغيران؛ إشارةً إلى طبيعة المنطقة الدينيّة ما قبل الإسلام، ويجدر الإشارة إلى أنّه كشفت الحفريات وعمليات التنقيب الأخيرة في الموقع عن منطقة سوق للتجار والقوافل، وبعض المنازل المبنيّة من الطوب اللبن التي كانت تُستخدَم للمعيشة في المدينة.