واجبنا نحو رسول الله
محبته
إن محبة النبي -صلى الله عليه وسلم- ليست مسألة ميلٍ قلبيٍّ فقط بل هي أعظم من ذلك بكثير إذ يجب على المسلم محبة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقد ثبت عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إِليه من والده وولده والناس أجمعين).
ومحبةُ النبي لا يصح أن ينافسه فيها أحدٌ من الخلق أبداً مهما كانت منزلته ودرجته، ويجب أن تكون محبة النبي -عليه الصلاة والسلام- مُقدمةً على النفس والمال والولد والناس أجمعين فمن فعل ذلك فقد غدا مُحباً للنبي -صلى الله عليه وسلم-.
وعلى المسلم أن يُحب نبيه طاعةً وامتثالاً لأمر لله -تعالى-: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)، ونبي الله محمد يستحق من أمته الحب، وذلك لكمال صورته وجماله، ولكمال أخلاقه التي اتصف بها، ثم لكمال إحسانه على أمّة الإسلام، فكل هذا يقود إلى الشوق إليه وإيثاره على سائر الخلق.
طاعته
تجب علينا طاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي من حقوقه التي أُمرنا بتنفيذها، وقد قرن الله -تعالى- طاعته بطاعة نبيه في مواضع عديدة من القرآن الكريم، كقوله -تعالى-: (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين) ، وفي هذا دليل على ضرورة وأهمية طاعة النبي.
وهذه الطاعة خاصةٌ بالنبي -عليه الصلاة والسلام- دون كل الخلائق، وعلى المسلم أن يُطيع النبي -صلى الله عليه وسلم- استجابةً لأمر الله -تعالى- في قوله: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا).
ومن صور الطاعة للنبي -صلى الله عليه وسلم-؛ الإلتزام بهديه وسنته والتمسك بها، وعدم تقديم عادات الناس وتقاليدهم على سنة -رسول الله صلى الله عليه وسلم-، والحرص على السير على نهجه في شؤون الحياة كلها كالمأكل والمشرب والملبس وغيره.
الاقتداء به واتباعه
مما أكرم الله -تعالى- على نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- أنه جعل اتباع النبي وطاعته طريقاً مؤدياً لحب الله -تعالى- لعباده، قال -تعالى-: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ). فبقدر اتباعك للنبي -صلى الله عليه وسلم- واقتدائك به يكون حب لله -تعالى- لك.
ويؤدي ذلك إلى مغفرة ذنوب العباد، والاقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- واتباعه يكون في كلّ ما نقدر عليه فنقتدي بمكارم أخلاقه كالكرم والشجاعة والعطف والرفق واللين وغيرها، ونقتدي بأسلوب عبادته وسائر أحواله وشؤون حياته.
محبة آل بيته وأصحابه
من الواجب علينا حب آل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ وصّانا بهم فقال: (أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتي)، وهم أزواجُ النبي وذريَّتُه، وكلُّ مسلمٍ ومسلمةٍ من بنُو هاشِم بن عبد مَناف نَسْل عبد المطلب.
ومن صور محبة النبي -صلى الله عليه وسلم- محبة آلهِ وإنزالهم منازلهم التي تليق بهم، والثناء عليهم، ومعرفة فضلهم، ومحبة صحابة النبي -صلى الله عليه وسلم- واجبةٌ؛ لأنه يجب على المسلم حب من أحبه النبي، وصحابة رسول الله أول من حمل هذا الدين.
وقاموا بنشر الدين الى مشارق الأرض ومغاربها، وضحوا بأموالهم وانفسهم في سبيل الإسلام ورسالته، لذا كان ثواب الصحابة -رضوان الله عليهم- يفوق ثواب غيرهم من البشر بأضعافٍ كثيرةٍ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تَسُبُّوا أصْحابِي؛ فلوْ أنَّ أحَدَكُمْ أنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً، ما بَلَغَ مُدَّ أحَدِهِمْ ولا نَصِيفَهُ).
نصرته والدفاع عنه
ويكون ذلك بنصرة سنة النبي؛ بالدفاع عنها، والتمسك بها، ونشرها، وإحياء ما نُسي وهُجر منها، ونشر الأحاديث الصحيحة فيها والإعراض عن المكذوب منها، وعلى المسلم دفع الشبهات عن نبيه -صلى الله عليه وسلم- وعن سيرته وعن آل بيته، قال -تعالى-: (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ)، والنبي غنيٌّ عن نصرة العباد له فإن تقاعس المسلم عن نصرته فالله -تعالى- ناصر نبيه لا محالة.
كثرة الصلاة عليه
اصطفى الله -تعالى- نبيه محمد وشرّفه على جميع خلقه بأنّه -تعالى- صلّى عليه هو وملائكته، وقد ذكر الله -تعالى- ذلك في كتابه الكريم: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، والصلاة عليه واجبةٌ وهي حق من حقوقه علينا ولا يصح التهاون بها أبداً، إذ نتقرب بها إلى الله -تعالى-.
وصلاتُنا عليه فيها احترام له، وإظهارٌ للمحبة له ولآلهِ الكرام، ويجب على المسلم أن يحرص على الإكثار من الصلاة على النبي والمداومة عليها، فالصلاة عليه علامةٌ من علامات صدق الإيمان، وعلامةٌ على صدق محبة النبي -صلى الله عيه وسلم-.