قصص عن الغفلة
قصص عن الغفلة
غفلة المال وسوء عاقبة قارون
على الرغم من أن قارون كان من قوم موسى، إلا أنه كان مقرباً من فرعون بسبب ثروته المالية الهائلة، ودائما يميل الطغاة إلى بعضهم ليكمل طغيان المال طغيان السلطة، فكان يتمتع بكنوزه ورفاهيته وقد جمعت له ملذات الدنيا فأسكرته عن الاعتراف بنعم الله عليه، فأنكر فضل الله عليه.
وقد جاء وصف ضخامة ثروته في القرآن في قول الله -تعالى-: (وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ)، وكان يقف في صف فرعون في ظلمه لقومه، بل ويمارس ظلمه الخاص بالتكبر عليهم حتى صار فتنة لهم.
وقد بيّن القرآن خاتمة السوء التي ختم قارون بها حياته، قال -تعالى-: (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ)، فقد خسف الله به وبداره وكنوزه، فدفن معها تحت التراب، ولم تغن عنه شيئاً، ولم تنقذه من عقاب الله له في الدنيا قبل الآخرة، وقد كانت هذه النهاية عبرة لقومه الذين كادوا يفتنون بماله، والسعيد من اتعظ بغيره.
غفلة السلطة وسوء عاقبة فرعون
تحدّث القرآن عن طغيان فرعون في عدد من السور، حتى صار فرعون مصر رمزاً للطغيان والظلم، فقد أسكرته نشوة السلطة حتى استعبد بني إسرائيل، ومنعهم حقوقهم، وأعمل القتل بأطفالهم، ووصلت به الغفلة أن قال: (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى)،
ولما أقام موسى -عليه السلام- الحجة على فرعون بأنه مجرد بشر وليس إلها أراد أن يصعد إلى السماء ليثبت أنه لا يوجد إله غيره، ولما عجز عن مقارعة الحجة بالحجة لجأ إلى التهديد بالسجن والقتل لموسى -عليه السلام- ومن آمن معه.
وخرج مع جنوده للقضاء عليهم، ولما وجد الماء انشق بموسى -عليه السلام- ومن آمن معه اقتحم الماء مع جنوده طمعاً في اللحاق بهم فغرق مع جنوده، ولما رأى الملائكة تنزل لقبض روحه أيقن أنه هالك، واستفاق من غفلته.
وقد سجل القرآن حسرة فرعون عند موته وندمه على غفلته، فقال -تعالى-: (حَتّى إِذا أَدرَكَهُ الغَرَقُ قالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلـهَ إِلَّا الَّذي آمَنَت بِهِ بَنو إِسرائيلَ وَأَنا مِنَ المُسلِمينَ آلآنَ وَقَد عَصَيتَ قَبلُ وَكُنتَ مِنَ المُفسِدينَ).
تعريف الغفلة
الغفلة في ترك الشيء وإهماله مع تذكره والعلم به، ومن هنا جاء تعريف آخر للغفلة بأنها متابعة النفس على شهواتها المحرّمة دون لجمها عن الحرام، فالغافل هو الغارق في شهواته دون أن يحسب حسابا لمقامه يوم الحساب وعقوبة الله له لتفريطه في الطاعة وإفراطه في المعصية.
سوء عاقبة الغفلة
إن لم يتدارك الله -سبحانه وتعالى- الغافل برحمته فسوف يبوء بسوء العاقبة، ومن أعظم أسباب الغفلة غلبة طغيان السلطة، وغلبة طغيان المال، وقد قصّ الله -عز وجل- علينا سوء منقلب قارون الذي أعماه المال عن شكر ربه، وقصّ علينا سوء منقلب فرعون الذي أطغته القوة والمنصب عن مراقبة الله -تعالى-، فهما من أشهر رموز الغفلة الذين خُتم لهم بخاتمة سوء.