نعيم القبر في القرآن
نعيم القبر في القرآن
سبحان من استروضت بنوره قلوب المتقين تستقي من زمزم الإيمان سلاماً يُنعم الأرواح حتى تموت لتسكن في جنة القبر تستمد نعيمها من جنة الفردوس حتى تلقى ربها.
لقد مَنّ الله على المؤمنين بنعيم القبر بعد الموت تعجيلاً لهم بالثواب، ولقد أخبر الله عن هذا النعيم الذي خصّهَُ -عزّ وجل- لعباده المؤمنين في القرآن الكريم حتى ذَهُل السامعون بعظيم فضل الله -تعالى-، وزادت همتهم في الطاعة لنيل رضاه.
وحتى يضمن المرء أن يكون من الفئة التي سيُنعمها الله في القبر عليه أن يعمل ويكون من أهل الإيمان ويمتثل أمر الله في السرّ والعلن، نسأل الله أن يرزقنا حُسن الختام ونعيم القبر، وأن يُعيذنا من عذاب القبر وضيقه.
القبر روضة من رياض الجنة
بعد الموت في الحياة البرزخية؛ فعندما تُقبض أرواح المؤمنين تُزفُّ أجسادهم كالعروس بالكفن لتتنعم حتى تلقى ربها فتفوز بالجنة، ولقد ذكر الله -عزّ وجل- في القرآن الرجل الذي جاء من أقصى المدينة يسعى يطلب من قومه أن يتبعوا المرسلين فلما قتله قومه: (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ* بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ).
فهو في الجنة؛ جنة القبر المعجلة إذ لم تقم القيامة بعد ليدخل المؤمنون جنة الفردوس،وقال الله -تعالى-: (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ)، فدلت الآية على تثبيت الله -تعالى- للمؤمنين عند السؤال في القبر وما يتبع ذلك من النعيم.
فقد ثبت عن رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلِّم- أنه قال: (المُسْلِمُ إذا سُئِلَ في القَبْرِ، يَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، فَذلكَ قَوْلُهُ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27]).
صفات المتنعمين في القبر
ولقد أخبر الله -عزّ وجل- عن صفات المتنعمين في القبر؛ فقال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ)،فهم الذين يؤمنون بالله -عزّ وجل- ويخافونه؛ فاستقاموا على شريعته حتى تميزوا بإخلاصهم عند الله -عزّ وجل-.
وكما قال -تعالى-: (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ)؛ عن الرجل الذي قتله قومه لأنَّه دعاهم إلى الله -عزّ وجل-، فالجنة للمؤمنين المتقين الصادقين الذين تميزوا بين الناس باستقامتهم، الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر، فتُوسع عليهم قبورهم، ويأتيهم من نعيم الجنة ما تَقِرُّ به عيونهم.
وقال الله -تعالى-: (فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ* فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ* وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ* فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ)؛ فالذي يحب لقاء الله أحب الله لقاءه وغمره بنعيم القبر حتى يدخل الجنة.
منزلة الشهداء في القبر
أفاض الله من ذِكر منزلة الشهداء الذين جاهدوا في سبيله حتى قُتلوا فهؤلاء عظَّم الله مكانتهم بين الناس، وجعل لهم منزلة في نعيم القبر تفوق أي نعيم؛ فقال الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ* سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ* وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ)، فأخبرنا الله أنَّه سيُصلِح حال الشهداء بعد موتهم؛ بسبب ما عانوه من شدة، فوعدهم بأنَّه سيُدخِلهم الجنة.
ولقد ورد في السنة النبوية المطهرة صفات نعيم القبر للشهداء، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أرواحُ المؤمِنينَ في أجوافِ طيْرٍ خُضْرٍ تُعلَّقُ في أشْجارِ الجنةِ ، حتى يَرُدَّها اللهُ إلى أجْسادِها يومَ القيامةِ).
وقال -تعالى-: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ* فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ* يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ)، الآيات تُثبت أنَّ الشهداء أحياءٌ عند ربهم يُرزقون وهم في البرزخ، وأنهم فرِحون بما آتاهم الله من فضله.