وسائل الشيطان في إغواء بني آدم
وسائل الشيطان في إغواء الإنسان
يعمل الشيطان جاهداً على إيقاع المسلم في الخطأ والزلل، كما يعمل أيضاً على تصعيب رجوعه إلى الله -تعالى- وصده عن التوبة النصوح إليه -سبحانه وتعالى-، ومن أجل التمكن من فعل ذلك يستخدم الشيطان وسائل عديدة، نبينها بشيء من التفصيل على النحو الآتي:
الوسوسة
تعد الوسوسة السلاح الأقدم للشيطان الرجيم، وهو ما أخرج به آدم وحواء من الجنة؛ قال تعالى: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ)، والمقصود بالوسوسة الكلام الخفي الذي لا يُسمع والذي يتردد في الصدر، فيكون أثره نفسي فقط ولا أثر مادي يعقبه إن لم يستجب المسلم له.
ومن فضل الله -سبحانه وتعالى- أن رد كيد الشيطان إلى الوسوسة فقط، وقد جاء في الحديث الشريف قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اللهُ أكبَرُ الحمدُ للهِ الَّذي ردَّ أمرَه إلى الوسوسةِ)، لذا فاستجابة المسلم لوسوسة الشيطان ليست حتمية، وليس للشيطان من سلطان أو قدرة على الإنسان إلا بالوسوسة التي يلقيها في صدره والتي يستطيع المسلم الإعراض عنها بكل سهولة ويسر.
تزيين المعصية
يعمل الشيطان على تزيين المعصية في عين الإنسان ليجعلها على خلاف ما هي في الواقع عليه، ومثال ذلك ما حدث مع آدم وحواء عندما زين لهما الشيطان الشجرة العادية في الجنة والتي مُنعا من الأكل منها على أنها شجرة مميزة وستمنحهما الخلد عند الأكل منها ولذلك تم حرمانهما منها.
قال تعالى: (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ)، فبدلاً من أن تكون مجرد شجرة عادية صورها لهما الشيطان على أنها جماع الخير كله، وأن الأكل منها سيورث لهما الخلد ويمنحهما ملكاً لا يبلى، وعلى هذا المثال يتم قياس بقية المعاصي التي لا تتضمن أي منفعة للإنسان ولكن الشيطان يزينها له ليجعله يشعر وكأنه فقد الدنيا بأجمعها بتركه لهذه المعصية.
التسويف وطول الأمل
يقصد بالتسويف وطول الأمل ما يليقه الشيطان في قلب المسلم من الخداع بطول الحياة التي تنتظره، وأنه يملك الوقت الكافي للتوبة من ذنوبه فيما بعد؛ لذا فلا داعي للعجلة والمبادرة والإسراع إلى التوبة.
وهذا من خدع الشيطان؛ إذ لا يعرف الإنسان متى ينتهي أجله، لذا فالمبادرة إلى التوبة وترك الذنب أمر ضروري، وقد أشار الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى طول الأمل وخطروته في الحديث الضعيف: (إنَّ أخوَفَ ما أخافُ علَى أمَّتي الهوى وطولُ الأمَلِ).
التهوين من المعصية
قد يشعر المسلم بالذنب وتأنيب الضمير من معصية ما يقوم بها، وعندما ينوي تركها والتوبة إلى الله -سبحانه وتعالى- يأتيه الشيطان ليصده عن ذلك؛ ويكون هذا من خلال تهوين المعصية في عينيه، ومقارنة معصيته بمعاصٍ أخرى أكبر يقترفها غيره، ليجعله هذا الأمر يشعر أن حاله أفضل من حال غيره، فيقل الحافز عنده لترك هذه المعصية.
تصعيب التوبة
يوسوس الشيطان للمسلم بأفكار عديدة مغلوطة، ومن هذه الأفكار أن التوبة إلى الله -تبارك وتعالى- ستكون لا محالة أمراً صعباً -إن لم يكن مستحيلاً-، وأن الشخص غير قادر على تحمل تبعات هذه التوبة، وأنه حالته الإيمانية قد لا تعينه على الثبات على التوبة؛ لذا فمن الأفضل عدم التوبة أصلاً أو تأجيلها لحين يكون مستعداً، وهذه كلها من الأفكار الشيطانية التي لا تمت للواقع بأي صلة.
التيئيس من رحمة الله
يأتي الشيطان للمسلم بعد وقوعه في الذنب ويجعله يظن أن ذنبه لن يُغفر، وأن حاله أسوأ من أن يعود إلى الله -تبارك وتعالى- وأن الله لن يقبله، وهذا من وساوس الشيطان لا أكثر؛ إذ إن الله تعالى قال في كتابه الكريم: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).