موضع الذبح الشرعي
معنى الذّبح الشّرعيّ
سخّرّ الله -تعالى- الأنعام والبهائم للإنسان، فمنها ما يركبه، ومنها ما يحرث به، ومنها ما يأكل لحمه، وقد جعل الله -تعالى- شروطاً وضوابط لهذا التّسخير، من ذلك شروط الذّبح الصّحيح شرعاً، والذي يترتّب عليه حلُّ أكل لحم الحيوان.
يعرف الذّبح بالاصطلاح الشّرعيّ بالتذكيّة، وهو إهراق دم الحيوان المأكول المقدور عليه بقطع مريئه وحلقومه وأحد الودجين أو كلاهما، والمريء هو مجرى النّفس، والحلقوم هو مجي الطّعام، والودجين هما الوريدين.
موضع الذّبح الشّرعي (الذّكاة)
يختلف موضع الذّبح الشرعيّ تبعاً لقدرة الإنسان على الحيوان، وهذا ما يتبيّن من تعريف التّذكية فإنّ الموضع الشرعيّ لذبح الحيوان المقدور عليه هو الموضع الفاصل بين الرّأس والرّقبة، والذي يحقق قطع كلٍّ من مريء وحلقوم وأحد ودجيّ الحيوان من العنق، فإن قطع الذّابح أحدهما دون الثالث لا يعدّ الذّبح مذكّاً، وبالتالي لا يكون صحيحاً ولا يحلّ أكله.
أمّا الحيوان غير المقدور عليه، كالحيوانات البريّة والطّيور فتُنال بالصّيد في أيّ موضعٍ من جسدها، فإن تمكّن الصّياد من تذكيتها بقطع المواضع المخصوصة من العنق قبل موتها بالصّيد فعل، وإن لم يتمكّن فإنّ صيدها ذكاتها ويحلّ لحمها.
مشروعيّة التذكية
بيّن الله -تعالى- مشروعيّة الذّكاة ووجوبها لحلّ لحم الحيوان بقوله: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ)، حيث فرّق الله -تعالى- بين الميتة والذّبيحة بشرط التّذكية، فما كان مذكىً فهو ذبيحة، وما لم يذكّى فهو ميتة.
ويشترط في التّذكية القصد والنّيّة، فلو رمى أحدٌ سكيناً وأصابت موضع ذبح حيوانٍ وقتلته فلا يحل أكله، لأنّ الرّامي لم يقصد الذّبح، فلا بد إذن من نيّة الذّبح ليحلّ لحم الحيوان.
حيوانات لا يشترط في أكل لحمها الذّبح
إنّ الأصل في ذبح الحيوان مباح اللّحم أن يكون مذكّى، ولكن يستثنى منها كلّاً من حيوانات البحر والجراد، فلا يشترط فيها التّذكية، فتكون ميتةً مباحةً، قال -صّلى الله عليه وسلّم- عندما سئل عن طهارة ماء البحر: (هو الطّهور ماؤه، الحلّ ميتته). ط
ووردت إباحة حيوانات البحر والجراد مرفوعةً عن ابن عمر -رضي الله عنه-: (أحلّت لنا ميتتان ودمان، فالميتتان السّمك والجراد، والدمان: الكبد والطّحال).
الحكمة من تشريع الذّكاة
إنّ أوامر الله -تعالى- ونواهيه مليئة بالحِكم العظيمة، ومن تفكّر في مشروعيّة التذكية وجد أنّ هذه الطّريقة في ذبح الحيوان تعمل على تصفية الجسم من الدّم ومنع احتقان الدّم، وهذا من شأنه تجنيب الإنسان مضارَّ صحيةٍ عسرةٍ، كما أنها تُجنّب الحيوانَ الألم، فيُذبح بلا تعذيبٍ أو ألم، إلى جانب ذلك فإنّ في تطبيق التّذكية تعظيمٌ لله -تعالى- وتحقيقٌ لمعنى العبوديّة له.
ذبيحة أهل الكتاب
الأصل شرعاً حرمة ذبائح الكافرين، إلّا أنّ الله -تعالى- استثنى ذبائح أهل الكتاب -اليهود والنّصارى- فأباحها في حال الإضطرار وعدم وجود غيرها للمسلم، قال -تعالى-: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۖ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ).