منهج الإمام الطبري في التفسير
منهج الإمام الطبري في التفسير
اعتماده التفسير بالمأثور
حيث يجمع ما ورد في الآية من حديث نبوي أو قول الصحابة أو التابعين، فهو من التفسير بالمأثور ، كما يعتبر مرجعًا مهمًا من مراجع التفسير العقلي، لكثرة الاستنباطات وتوجيه الأقوال وترجيحها، وهذا يعتمد على نظر وبحث دقيق، لكن الطبري لا يعلق على الآثار التي يرويها بصحة أو ضعف، وقد قام المحققون بهذه المهمة في تعليقهم على التفسير.
اهتمامه بالقراءات القرآنية وتوجيهها
يعتني الطبري في تفسيره بإيراد القراءات وتوجيهها، وهذا يدل على تمكنه في علم القراءات ، ومن أمثلة ذلك قوله: "واختلفت القرأة في قراءة قوله تعالى: ﴿هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ﴾، فقرأ ذلك جماعة من الصحابة والتابعين: (هَلْ تَسْتَطِيعُ) بالتاء و(رَبَّكَ) بالنصب، بمعنى: هل تستطيع أن تسأل ربك؟ أو: هل تستطيع أن تدعوَ ربَّك؟".
الاهتمام بوجوه اللغة وأشعار العرب
إن الاهتمام بوجوه اللغة وأشعار العرب كثير في الكتاب، فيقف عند الكلمة ويأتي بمعانيها اللغوية، ويستشهد على كل معنى ببيت من الشعر، ثم يسرد بعد ذلك الآثار الواردة في معناها، ومن أمثلة ذلك عند قوله تعالى: ﴿وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً﴾، حيث أورد المعاني اللغوية، وأورد ثلاثة شواهد شعرية على تلك المعاني.
اهتمامه بعلم العقيدة والرد على المخالفين
يهتم الطبري في تفسيره بالرد على الفرق المخالفة كالقدرية، وينتقد المعتزلة في كثير من آرائهم الاعتقادية، والطبري يذهب إلى ما ذهب إليه السَلَف من عدم صرف آيات الصفات عن ظاهرها، مع المعارضة لفكرة التجسيم والتشبيه.
التركيز على المفيد
حيث يركز في التفسير على المعنى المفيد، ويُعرض عما لا فائدة منه، ومن أمثلة ذلك حديثه عن مائدة عيسى عليه السلام، فيقول: "وأما الصواب فأن يقال: كان عليها مأكول، وجائز أن يكون سمكاً وخبزاً، وجائز أن يكون ثمراً من الجنة، وغير نافع العلم به، ولا ضار الجهل به، إذا أقرَّ تالي الآية بظاهر ما احتمله التنزيل".
آراء الطبري الفقهية واجتهاداته
يورد ابن جرير في آيات الأحكام أقوال الفقهاء وأدلتهم، ويرجح رأيًا يراه، ويوضحه بالأدلة والنقول، وهذا يدل على ملكته الفقهية وباعه الواسع في الفقه.
النقل من الإسرائيليات
ينقل الطبري عن كعب الأحبار ووهب بن منبه روايات إسرائيلية، ثم لا يعلق عليها، لا سيما الروايات التي يظهر بطلانها، وهذا كثير في تفسيره، ومن الضروري أن ينتبه أهل العلم إلى خطر الإسرائيليات في كتب التفسير، والتحذير منها حتى لا يخدع بها أحد.
التعريف بابن جرير الطبري
محمد بن جرير بن يزيد الطبري (224- 310هـ)، مؤرخ ومفسر، ولد في طبرستان، واستوطن بغداد وتوفي بها، وله (أخبار الرسل والملوك) ويعرف بتاريخ الطبري، وجامع البيان في تفسير القرآن ويعرف ب تفسير الطبري ، وله (اختلاف الفقهاء) و(المسترشد في علوم الدين)، وغير ذلك.
وهو من ثقات المؤرخين، قال ابن الأثير: "أبو جعفر أوثق من نقل التاريخ". ويعتبر الطبري أباً للتفسير، كما اعتُبِر أباً للتاريخ الإسلامي، وذلك بالنظر لما في كتابيْه -التفسير والتاريخ- من الناحية العلمية العالية.
التعريف بتفسير الإمام الطبري
القرآن الكريم كلام الله، لا يمكن الإحاطة بكل درره وجواهره، وقد كتب العلماء في تفسيره العديد من المؤلفات قديمًا وحديثًا، فهو الذي لا تنقضي عجائبه، ومن كتب التفسير القيمة تفسير الإمام الطبري، فهو كثير النفع، وغزير العلم.
واسم كتاب تفسير الطبري: (جامع البيان في تفسير القرآن)، ويقع في (24) مجلدًا، "وإن شخصية ابن جرير الأدبية والعلمية، جعلت تفسيره مرجعاً مهماً من مراجع التفسير بالرواية، فترجيحاته المختلفة تقوم على نظرات أدبية ولُغوية وعلمية قيِّمة"، وقد قال عنه ابن كثير: وله التفسير الكامل الذي لا يوجد له نظير.