مفهوم القيم الروحية في الإسلام لغة واصطلاحاً
القيم الإسلامية
أنزل الله -سبحانه وتعالى- على نبيّه محمّد -عليه الصلاة والسلام- شريعةً كاملةً شاملةً ؛ لم تدع جانبًا من جوانب الحياة، إلّا وتطرّقت إليه ونظّمته بمنهج سليمٍ، بصورةٍ تضمن للإنسان أن يسيّر حياته وفق ما أراد الله تعالى، وبما يحقّق له السّعادة في الدّنيا والآخرة، وكانت القيم بمختلف مجالاتها من الأمور التي أقرّتها الشريعة، وأولتها اهتمامًا؛ لتنظيم حياة المسلم وضبطها، وفيما يأتي حديثٌ عن مجالٍ ونوعٍ من أنواع القيم، وهي القيم الروحية: مفهومها، ونماذج عليها.
مفهوم القيم الروحيّة لغةً واصطلاحًا
القيم في اللغة جمعٌ مفردها قيمةٌ، والقيمة القدر والثمن، وتطلق القيمة كذلك على ما ثبت واستقرّ؛ فيقال: أقام الرجل إذا ثبت واستقرّ في مكانٍ، وأمّا في الاصطلاح؛ فإنّ تعريفات العلماء للقيم متنوّعةٌ؛ حيث يعرّفها كلٌّ بحسب مجال اختصاصه، والزاوية التي ينظر منها للقيم، وبشكلٍ عامٍّ، يمكن تعريف القيم في الإسلام بأنّها: مجموعةٌ من المبادئ والمُثل والمعايير، المستمدّة من الشريعة الإسلاميّة وتصوّراتها، والتي تحكم حياة الأفراد، وتنظم توجّهات وتصرّفاتهم في مجالات الحياة المختلفة، من خلال تجسّدها في أفعاله وسلوكاته بصورةٍ مباشرةٍ أو غير مباشرةٍ.
أمّا القيم الروحيّة؛ فهي نوعٌ من أنواع القيم، وتصنيفٌ من تصنيفاتها المتعدّدة، ويمكن تعريفها بأنّها: مجموعة القيم التي تنظّم علاقة الإنسان بالله -سبحانه وتعالى- وصلته به، فتكون علاقة الإنسان مع خالقه محكومةً بمجموعةٍ من المبادئ التي ترتقي بالإنسان في هذه العلاقة، وتقرّبها من الله -سبحانه وتعالى- بالتزامه بها.
نبذة عن بعض القيم الرّوحيّة في الإسلام
يمكن إدراج كثيرٍ من القيم ضمن دائرة القيم الروحيّة التي تنظم وتزكّي علاقة الإنسان بالله -سبحانه وتعالى-، وفيما يأتي ذكر جملةٍ منها:
قيمة الإخلاص
إنّ الإخلاص قيمةٌ روحيَّةٌ من أجل القيم؛ فهي نابعةٌ من وجدان المسلم، ويُقصد بها أن يقصد المسلم وجه الله -سبحانه وتعالى- وحده في أفعاله وأقواله بعيدًا عن الشرك والرياء، وقد جاء الأمر بالإخلاص والحثّ عليه في مواطن عديدة من القرآن الكريم والسنة، ومن ذلك قوله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)، ولقيمة الإخلاص والالتزام بها ثمراتٌ وفوائد عظيمةٌ؛ فهي سببٌ لقبول الأعمال عند الله تعالى، وبها يتحرَّر الإنسان من العبوديّة والتعلّق بغير الله، وهي وسيلةٌ لرفع الدرجات في الدنيا والآخرة.
قيمة المراقبة
وهي قيمةٌ من أجل القيم الروحيَّة، وتعني استشعار العبد وتيقّنه باطلاع الله -سبحانه وتعالى- عليه في كلّ أوقاته وأحواله، وأنّه -تعالى- قريبٌ منه، وعليمٌ بكلّ تصرّفاته، ولهذه القيمة فوائد جليلةٌ تعود على المسلم الملتزم بها، ومن فوائدها ما يأتي:
- تجعل المسلم يحسّن أفعاله وتصرّفاته، ويترقّى فيها ليصل إلى درجة الإحسان ؛ وذلك لشعوره بأنّ الله -تعالى- رقيبٌ عليه.
- تجنّب المسلم عن الوقوع في الذنوب والزلّات؛ لعلمه واستحضاره رقابة الله -تعالى- له، وأنّه معه.
- الفوز برضا الله -سبحانه وتعالى- وجنّته، والتنعّم في ظلّه يوم القيامة.