مفهوم العقيدة لغة واصطلاحاً
مفهوم العقيدة لغةً
تُعرّف العقيدة في اللغة بأنها: الشدّ والإحكام والربط والإبرام، ولفظ العقيدة مأخوذ من العقد، ومعناه التشابك بقوّة، والعقدة عكس الحلّ، حيث يُقال: عقدة اليمين أو النكاح، ومن الأمثلة الواردة في القرآن الكريم، قوله تعالى: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ}.
مفهوم العقيدة اصطلاحًا
تُعرّف العقيدة بأنها: أمور راسخة في القلب ولها أساسات ثابتة يقوم عليها الناس، فمن المعلوم أن مصدر العقيدة الإسلامية هو الله -تعالى- ، لذلك هي غير قابلة للتبديل أو التغيير أو التحريف، كما أنها غير قابلة للمجادلة، أو إيجاد العثرات فيها أو الانتقاد.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الإنسان كلّما فهم العقيدة ودرسها دراسة جيّدة تقرّب إلى الله -تعالى- أكثر، لا سيّما بالنّوافل، كما يُصبح محاطًا بكافة مفاهيمها ومتطلباتها، بالإضافة إلى معرفة دورها في مواجهة الآفات التي يتعرض لها المجتمع؛ كالفتن والشبهات وغيرها.
مصادر العقيدة الإسلامية
إن المصادر الأصيلة للعقيدة الإسلامية هي: القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والإجماع والقياس، وذلك متفقٌ عليه بين العلماء، وفيما يأتي بيان ذلك بشيءٍ من التفصيل:
القرآن الكريم
هو كلام الله -تعالى- الذي أُنزل على الرسول -عليه السلام- بواسطة الملك جبريل -عليه السلام-، ومن الجدير بالذّكر أن القرآن الكريم يُسمى بالكتاب أيضًا، ودليل ذلك قوله -تعالى-: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ}.
إلى قوله تعالى: {قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ}، والقرآن هو الدّستور الأول لكافة الناس، وهو أوّل مصدر من مصادر التشريع.
السنة النبوية
تُعدّ السنّة النبوية الشريفة المصدر الثاني من مصادر الشريعة الإسلاميّة، حيث اختار الله -تعالى- الرسول -عليه السلام- لتبليغ رسالة الإسلام، فأنزل عليه القرآن ليكون رحمة وهداية للنّاس، وليطبق أحكامه ويُنفّذ ما ورد فيه، ويكون مرشدًا للأمّة، ممّا يعني أنّ كافة أفعاله وأقواله مصدرًا رئيسًا للتشريع، وتُعرّف السّنّة بأنها: ما ورد عن الرسول -عليه السّلام- من قول وفعل وتقرير.
الإجماع
يُعرّف الإجماع بأنّه: القطع والعزم على أمر من الأمور، ومعناه: اتّفاق القوم، ويُعرّف بصورة عامّة على أنه: اتفاق العلماء من أمّة محمد -صلى الله عليه وسلّم- في عصر معيّن على حكم شرعي، ويكون ذلك من خلال حدوث نازلة معيّنة بالأمة، ولم يرد عليها دليل منصوص في القرآن الكريم، فيُعرض حينها على العلماء المختصين بالعلم الشرعي والاستنباط؛ فإن اتّفقوا على حكم معيّن وواضح يؤخذ به.
ويكون الإجماع هو الدليل بعينه، وكذلك الحكم المتعلّق بالنّازلة، ومثال ذلك: توريث الجدّة السدس، ومن الأدلة الواردة في القرآن الكريم على حجّية الإجماع والأخذ به قوله -تعالى-: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}، فتدلّ الآية الكريمة على وجوب اتباع سبيل المؤمنين وعدم المخالفة.
القياس
يُعدّ القياس المصدر الرابع من مصادر التشريع، ويُعرّف في اللغة بأنه: مساواة الشيء بالشيء، وأمّا بالنّسبة للقياس في الاصطلاح الشرعي، فيُعرّف بأنه: مساواة الفرع على الأصل لاتحادهما بالعلّة ذاتها، ممّا يعني انتقال العلة الثابتة من الفرع إلى الأصل، ومثال ذلك: قياس علة شرب النبيذ على علّة شرب الخمر وهي الإسكار، فيصبح حكم النبيذ كحكم شرب الخمر لاتحادهما بعلّة الإسكار وذهاب العقل.
أثر العقيدة في سلوك الفرد والمجتمع
يمتاز صاحب العقيدة السليمة بالعديد من الأمور وكذلك المجتمع، بيانها فيما يأتي:
- العقيدة تمنح صاحبها الشعور بالثّقة وعزة النفس، فمن المعلوم أن عزة المؤمن هي عزة حق، ودليل ذلك قوله -تعالى-: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِين}.
- صاحب العقيدة السليمة يقتصر على الأحكام الواردة فيها، ولا يلتفت إلى أحكام شرعية أخرى، ودليل ذلك قوله -تعالى-: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً}.
- صاحب العقيدة يتميّز بالشجاعة والإيثار والتضحية، واليقين التام بأنّ كافة الأمور بيد الله وحده، فهو يُعطي ويمنع.
- أمة العقيدة بعيدة عن التواكل، ممّا يعني أنها تُعدّ نشيطة ومنتجة، حيث تعبد الله -تعالى- بإتقان؛ لقوله -تبارك وتعالى-: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّه}.
- أمّة العقيدة أساسها الأوّل السعي للقضاء على طرق الضّلال ونشر سبيل الهداية في المجتمع.