مفهوم الطفولة عند جان جاك روسو
فلسفة الطفولة عند جان جاك روسو
تمتع جان جاك روسو بنظرة فلسفية عميقة للتربية والنظرة إلى الطفولة، ورأى أن أزمة الإنسان الحديث تتمثل في افتقاره إلى النظرة الفلسفية العميقة للأمور بما يجعله بانسجام دائم مع الآخرين في المجتمع. اهتم جان جاك روسو بفكرة الطفولة وفلسفتها وألّف في ذلك كتابه "إميل" أو ما يعرَف بتربية الطفل من المهد إلى اللحد، ويدور هذا الكتاب حول قصة مربي يتفرّغ لتربية طفل من المهد إلى الرشد، وركز في هذا الكتاب في التربية على أهمية تعزيز التجربة لترسيخ المعلومة و استكشاف جدوى العلم بالتطبيق العملي للتجارب والبحث عن استخداماته في واقع الحياة. حمل هذا الكتاب في طياته مشروعًا تربويًا وركّز في حديثه عن الطفولة على إكساب الطفل مجموعة من القيم الجوهرية التي تتمحور حول الحرية والعدالة والسعي للارتقاء بفكر الإنسان وعقله وتفكيره خلال نشأته؛ فالطفولة هي إعداد الإنسان لمراحل مهمة بعدها. وقف جان جاك روسو على طبيعة الطفل وماهية الطفولة، وحاول أن يعالج موضوع الطفولة بصورة مغايرة عن كل ما سبق. ورأى روسو أن المشكلة في تربية الطفل تكمن في كوننا ننشد الإنسان البالغ فيه ونعِد هذا الشخص دون أن نأبه بقيمة الطفولة ذاتها. وفي ذلك يقول روسو: "أنّنا لن نعرف شيئًا عن الطفولة ما دمنا ننشد الرجل في الطفل، من غير مراعاة ماذا يكون هذا الطفل قبل أن يغدو رجلًا. فالطفل لا يملك التفتح الذهني الذي يملكه الراشدون لفهم العالم؛ إذ يختلف عنهم في مستوى قدرته على الإدراك والنظر والتحليل والحكم. تكمن المهمة الحقيقية للتربية عند روسو في القدرة على تنشئة إنسان سوي يقدر على مجابهة الحياة بكل معطياتها، وتخطي صعابها مهما كان الطريق الذي يختار أن يمشيه أو المكان الذي يختاره. فهو يرى أن الطفولة مقدّسة لأنها اللبنة الأساسية في تنشئة الفرد وتأهيله، لذا يجب أن تقوم التربية على مبدأ الحرية بصورة رئيسية. وأن توفر للطفل الشروط التي تحميه من المخاطر أو المنابع التي يأتي منها الشر الذي يهدد براءة الطفل. وكذلك يقسم التربية إلى ثلاثة أنواع وهي: تربية الطبيعة، وتربية الأشياء، وتربية الأسرة.
الطفولة عند جان جاك روسو
قسّم جان جاك روسو الطفولة لعدد من المراحل، وذلك على النحو التالي:
المرحلة الأولى
المرحلة الأساسية في تربية الطفل تمتد من السنة الأول إلى السنة الخامسة، ترتكز هذه المرحلة على بناء الطفل جسدياً وتلبية رغباته وحاجاته الطبيعية، يرى روسو أنها مرحلة التربية السلبية حيث يترك الطفل وفق طبيعته الخيرة حيث تكون إرادة واستقلالية وحريته بيده لا تحت إرادة المربي.
المرحلة الثانية
تكون هذه المرحلة من سن الخامسة حتى الثانية عشرة، ترتكز هذه المرحلة على تمرين الحواس وتقوية الجسم حيث يكتسب الطفل التجارب من احتكاكه مع الطبيعة دون تدخل المربي أو تعليم المعارف الجاهزة.
المرحلة الثالثة
تبدأ هذه المرحلة من سن الثانية عشرة إلى سن الخامسة عشرة، يبدأ فيها تعليم الطفل المعارف الجاهزة مثل العلوم و الجغرافيا والفيزياء وغيرها.
المرحلة الرابعة
الفترة ما بين سن الخامسة عشرة إلى سن العشرين، يرى روسو أن إدراكات الطفل قد نضجت ليتعلم الطفل المفاهيم والأمور الدينية مع تخصيص بعض الوقت للتربية الجنسية إضافةً إلى تعلم كيفية التأقلم داخل المجتمع.
المرحلة الخامسة
وصل الطفل في هذه المرحلة إلى سن العشرين، عمر الجنس والزواج فيلتقي بشريكة حياته، يتشاركان أمورا مختلفة ليصلا إلى اتفاقٍ مشترك بينهما يؤدي إلى زواجٍ مستقبلي.
أهمية فلسفة التربية عند روسو
- فجّرت آراء روسو ثورةً إعادة الاعتبار إلى حيثية ومكانة الطفل.
- دعت نظرته إلى أهمية احترام خصوصية الطفل العقلية والنمائية.
- شكلت كلماته قطب الرحى في منهاج التربية الحديث.
- ارتكزت المناهج التربوية الحديثة من بعد فلسفة التربية لروسو على رغبات الطفل وحاجاته كعنصر أساسي في بناء التعليمات.