مفهوم الروح في القرآن الكريم
مفهوم الروح في القرآن الكريم
الرّوح مما استأثر الله بعلمه بها، واختصّ بعلمها، ولا أحد يعلم ماهيتها ولا كنهها إلّا هو -سبحانه-، مع اليقين التَّام بوجودها، لقوله -تعالى-: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أمر ربي وما أوتيتم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾،ومتفق عليها في جميع الأديان السماوية .
وعند أهل السنة الروح هي الذات بنفسها تصعد وتنزل، تنفصل وتخرج، تتحرك وتسكن، وعند الفلاسفة هي نور روحاني، وحياة في البدن، وآلة النفس، تبقى بوجودها فيها، وقد أجمع المسلمون أنَّ الروح مظهر للذات، وهي حادثة، تحدث عند تسوية الجسم وتَحل فيه وهو جنين.
الفرق بين النفس والروح
تعدّدت الآراء في مسمى النفس والروح، منهم من قال إنّها مسمى واحد، ومنهم من فصَّل فيها، وبيَّن أنَّ كلاً منهما له معنى محدد، ومن ذلك ما يأتي:
- إنَّ مسماهما واحد، ف النفس تُطلق على الروح إذا اتصلت بالبدن، وإذا انفصلت عنه تُسمّى روحاً.
- النفس هي الدَّم، وهي العَين، يُقال أصبت فلاناً بالنفس أي العين، والروح القوى في البدن، والهواء الخارج منه، والمتردد في بدنه، وهي القرآن، وجبريل.
- النفس ماهيَّة الشيء وذات الإنسان، فهي نفس لوَّامة، ونفس أمَّارة، ونفس مطمئنة، أمَّا الروح ما دامت في الجسد، فهي تسمى نفساً وروحاً.
- قيل إنّ الروح قديمة، وأجمع الرسل أنها مخلوقة، ومصنوعة، ومدبرة، وأهل السنة هي مخلوقة، قال -تعالى-: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ۖ وهو على كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾.
- وقال البعض: إنَّ النفس هي الروح التي تقبضها الملائكة، وتصعد بها إلى السماء، وإذا خرجت من الجسد تبعها البصر، والمخلوق الذي تكون به الحياة وتُفقد، هي روحا وجسداً.
- النفس أخص من الروح، وجاءت بصيغ المفرد والجمع، الأنفس، والنفوس، والنفس، ولها عدة أوجه في القرآن.
دلالة الروح في القرآن
استعمل القرآن الكريم لفظ الروح مفردة، ووردت في القرآن في ثلاثة وعشرين موضعاً، وجميعها جاءت في عدة مواضع، ومن هذه المدلولات ما يأتي:
- جاءت بمعنى الماهية المجهولة للإنسان، كما في قوله -تعالى-: (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أمر ربي).
- الوحي جبريل عليه السلام - الذي أنزله الله، كما قال -تعالى-: ﴿قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾.
- القرآن وكلمات الله، في قوله -تعالى-: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا) .
- الروح هي النصر، ومنه قوله -تعالى-: (وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ)،وبّينها الله تعالىـ بالقدرة الإلهية فقال -تعالى-: (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ .
- الروح هي الرحمة، ومنه قوله -تعالى-: (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ) .
الحكمة من إخفاء الروح عن الإنسان
أخفى الله حقيقتها وماهيَّتها عن المخلوقات، حتى يتأمل الإنسان، ويعلم أنَّ الروح هي المحرك له، جعل الله بها الحياة، والقوة، والحركة، والحِس، ومهما وصل من علم، فلا يصل إلى علم الله ولا حقيقة هذه الروح، وبالتالي استشعار عظمة الله ، وتفرده بألوهيته، وأنها أمرٌ منه.