مفهوم الخصوصية في الإسلام
مفهوم الخصوصية في الإسلام
للخصوصية عدد من التعريفات والتي تصب في نفس المعنى ومنها ما يأتي:
- تعرف الخصوصية بأنها الصفة التي توجد في الشيء ولا توجد في غيره.
- أما خصوصيات الشخص: فهي شؤونه الخاصّة به.
- التجسس: التفتيش عن العورات الخفية.
- تجسس على شخص ما: بحث في خبره وسره.
مما سبق يتضح لنا أن الخصوصيات هي أمور خاصة يبتعد بها الإنسان عن أعين الناس الآخرين، فإن قاموا بالتجسس عليه فقد انتهكوا خصوصياته وأسراره وما يخفيه، وقد نهى الله -تعالى- عن التجسس في سورات الحجرات في قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا).
لا تجسسوا
نهى الله -تعالى- عن البحث عن المستور من أمور الناس وتتبع عوراتهم حتى لا ينظر أو يطلع على ما ستره الله من أمور الناس، ولا ينبغي للمسلم أو حتى الحكام تتبع عورات الناس ، ولا البحث عن السرائر ابتغاء الظهور على عيوبهم وما يخفونه من أمور دينهم ودنياهم، ولكن على المسلمين أن يقتنعوا بما ظهر لهم من أمور الآخرين، ولا يقحموا أنفسهم في خصوصيات الآخرين وسرائرهم.
الخصوصية في زمن الصحابة
أخرج الطبراني عن أبي قِلابة أن عمر بن الخطاب -رضي الله- عنه حُدِّث أن أبا محجن الثقفي يشرب الخمر في بيته هو وأصحاب له، ولأن عمر -رضي الله عنه- لم يشاهده سكرانًا فقد أراد أن يتأكد إن كان ما يُنقل عن أبي محجن صحيح أم خاطئ؛ فانطلق عمر -رضي الله عنه- حتى دخل عليه، فإذا هو وحده ليس عنده إلا رجل.
فقال أبو محجن: يا أمير المؤمنين إن هذا لا يحل لك فقد نهاك الله عن التجسس؛ فقال عمر: ماذا يقول؟ فقال له زيد بن ثابت وعبد الرحمن بن الأرقم ـ رضي الله عنهما ـ: صدق يا أمير المؤمنين، هذا من التجسس، فخرج عمر وتركه، وهذه القصة تدلنا على عدم التجسس وأن الإنسان طالما كانت معصيته بينه وبين الله ولم يجاهر بها فليس لأحد حتى لو كان خليفة المسلمين أن يتجسس عليه.
وعن زيد الجهني قال: (أُتِيَ ابنُ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، فقيل: هذا فلانٌ تَقطُرُ لحيتُهُ خَمرًا، فقال عبدُ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنه: إنَّا قد نُهينا عَنِ التَّجسُّسِ، ولكنْ إنْ يَظهَرْ لنا شيءٌ نأخُذْ به)، يعلمنا ابن مسعود -رضي الله عنه - أن المسلم لا يتجسس على إخوانه المسلمين، ولا يتتبع عوراتهم، ويأخذ بظاهر أحوالهم ويترك لهم مساحة من الخصوصية و ستر الله -تعالى عليهم-.
وعندما جاءه هذا الرجل يقطر الخمر من لحيته، لم يحكم عليه بشرب الخمر لأن تساقط الخمر على لحية الرجل ليس قرينة ثابتة بأنه شرب الخمر، وتتبع الأمر من وجهة نظر ابن مسعود -رضي الله عنه- يعتبر من التجسس المنهي عنه، ولا يحكم عليه بالعقوبة وما يقتضيه شرب الخمر من حد أو تعزير أو غيرها، وفي هذا الحديث نهي عن تتبع عورات المسلمين وخصوصياتهم واكتشاف ما يخفونه، بل على المسلم ستر أخيه المسلم .