مفهوم الجمعية
مبدأ الجمعية
الجمعيَّة هي مجموعة من الأشخاص يُطلق عليهم الأعضاء، تحكمهم مجموعة من القوانين والقواعد، يسعون بشكل جماعي منظم من خلال أنشطة تعاونيَّة وتحت إشراف شخص واحد لتحقيق هدف أو مجموعة من الأهداف المشتركة، ضمن فترة زمنيَّة محددة، وتعدد أشكال وأنواع الجمعيَّات ومنها: الجمعية الإسلاميَّة، والجمعيَّة العلميَّة، والجمعيَّة الأَدبيَّة، وغيرها.
يعتمد إنشاء الجمعيَّة على تجميع ومشاركة الكفاءات والموارد لمختلف أعضائها من أجل توفير وتقديم الخدمات المتعددة للمجتمع، فعلى سبيل المثال، إنشاء جمعيَّة رياضيَّة أو ما يُعرف بالاتحاد الرياضي سيساهم في خلق بيئة صحيَّة متكاملة من التدريب، وتنظيم المنافسة، وتوفير المرافق والمعدَّات الرياضيَّة، وجمع التبرُّعات والتفاعل الاجتماعي.
لا بُدَّ من التفريق بين الجمعيَّات وأي تجمع آخر غير تطوعي، مثل التجمعات العشائريَّة، والطائفيَّة، والمجتمعيَّة، والطبقات الاجتماعيَّة، ولا بُدَّ من التفريق بين الجمعيَّات وأي مجموعات وفرق عمل أخرى غير رسميَّة، كما أن المبادرات الفرديَّة من أعضاء المجتمع بشكل تلقائي مستمر، دون وجود جهة إشرافيَّة محددة لضبطها، تُشير إلى اختلاف مفهوم الجمعيَّة عن المجتمع.
وفي واقع الأمر، تُعتبر الجمعيَّات وكالات مسّجلة تتمثل مهمتها الرئيسيَّة في تعزيز الوعي والتضامن بين أعضاء المجتمع، لذلك فإنَّها تُدار من قبل لجنة إداريَّة مُنتخبة أو مجلس إدارة، وتتكون اللجنة من رئيس، ونائب الرئيس، وأمين السر، وأمين الخزانة، كما يكون هناك أعضاء آخرون.
تعددت أشكال الجمعيَّات وأهدافها، إلا أنَّها تشترك جميعها في كونها مجموعات منظمة، ورسميَّة، وغير ربحيَّة، ذات فكرة مشتركة، تتضمن وجود أعضاء اجتمعوا لغرض محدد، الغاية من إنشائها تركيز الجهود لخدمة المجتمع وتطويره.
أساس تأسيس الجمعية
يعتمد تأسيس الجمعيَّات على مجموعة من الأسس، يمكن تصنيفها إلى ثلاثة:
- الفترة الزمنية: تقسم الجمعيَّات إلى جمعيَّة دائمة مثل التي تُعنى بشؤون الدولة، وجمعية مؤقتة مثل جمعيَّة الإغاثة من الفيضانات تنتهي مهمتها بانتهاء عملية الإغاثة.
- شكل السلطة ونوع الحكم: تقوم الجمعيَّات على أساس الحكم الذاتي بما يتعلق بشؤون الدولة، أو على أساس الحكم شبه الذاتي مثل الجامعات، بالإضافة إلى أنَّها قد تقوم على أساس الحكم الذاتي غير العشائري مثل التجمعات في الاتحادات وما يوازيها.
- الهدف من إنشائها: يختلف الغرض من إنشاء الجمعيَّة باختلاف المهمة الموكلة إليها، مثلًا اتحاد الأنديَّة الموسيقيَّة يهدف لغرض ترفيهي، والاتحادات الرياضيَّة موجّهة لألعاب القوى وغيرها، ونقابة المعلمين جنبًا إلى جنب والنقابات المهنيَّة تهدف إلى التدريب المهني، بالإضافة إلى الجمعيَّات الخيريَّة ، وهكذا.
الخصائص الأساسية للجمعيات
تتميز الجمعيات على اختلاف أنواعها بمجموعة من الخصائص الأساسيَّة كما هو آت:
- مجموعة من الأشخاص: وجود مجموعة من الأشخاص يُعد عنصرًا أساسيًا لتشكيل الجمعيَّة، ويجب أن تكون المجموعة منظمة بحكم قانون معين، فوجود حشد ما أو تجمهر من الناس ليس بالضرورة أن يُعد جمعيَّة.
- الهدف المشترك: لا تقوم الجمعية على أساس مجموعة من الأشخاص فقط، بل لا بُدَّ من وجود هدف وفكرة واهتمام مشترك، مثلًا من لديه اهتمام سياسي من الممكن أن ينضم إلى جمعية سياسية وهكذا.
- التعاون: يتفاعل أعضاء الجمعية الواحدة من أجل تحقيق الهدف من إنشائها، حيث يعمل الأعضاء معًا من أجل أهداف محددة، مثلًا كافة أعضاء أي حزب سياسي يتعاونون معًا من أجل إيصال حزبهم إلى السلطة بعيدًا عن أيّة أهداف فرديَّة.
- التنظيم: تعتمد الجمعيَّة بشكل أساسي على التنظيم الإداري بين مجموعة الأشخاص المنتمين إليها، حيث يمنحها التنظيم كل من الأمور الآتية: الثباتية، والاستمرارية، والشكل أو الهيكل التنظيمي المناسب؛ من خلال تحديد الأدوار وتوزيع المهام بين الأعضاء.
- القوانين والأنظمة: يعتمد تنظيم أي جمعية على مجموعة من القوانين والأنظمة تكون ضروريَّة لضبط سلوك الأعضاء المنتمين إلى الجمعية، يجب أن يتّبع أعضاء الجمعية الواحدة هذه القوانين، من خلال التزامهم بقواعد ولوائح العمل وتأدية الواجبات الموكلة إليهم.
- العضوية طوعية: عضوية الجمعية طوعية ليست إجبارية، حيث ينضم الناس طواعية إلى جمعية ما لتحقيق أهدافهم المرجّوة، يمكنهم أيضًا سحب عضويتهم وفقًا لرغباتهم الخاصَّة.
- الاستمرارية الزمنية: قد تكون الجمعية دائمة أو مؤقتة في طبيعتها، بعض الجمعيات مثل الدولة والأسرة وما إلى ذلك هي جمعيات دائمة، يتم تنظيم بعض الجمعيات لفترة مؤقتة، مثل جمعية الإغاثة من الفيضانات.
ما قيمة الجمعيات؟
تتيح الجمعيات للنظراء والزملاء الالتقاء
تُسهم الجمعيات في الاتساع والانتشار؛ حيث تتكون الجمعيات من أشخاص يتشاركون تحديات وفرصًا مماثلة، تتيح لك الجمعيات فرصة التفاعل الشخصي مع الأشخاص الأذكياء الآخرين، سواء كان التجمع مؤتمرًا عامًا سنويًا، أو اجتماعًا إقليميًا، أو لقاءً محليًا، أو حتى حدث افتراضي، كما تعمل الجمعيات على تسهيل المحادثات بين كافة الأطراف المعنية، حيث توفر هذه المحادثات فرصًا للتعلم المباشر من الأشخاص الذين سبق لهم وأن خضعوا لنفس التحدي أو التجربة، وفي بعض الحالات، لتعلم ما لا يجب فعله في ظروف مشابهة.
تحفز الجمعيات توحيد المعايير وأفضل الممارسات
تلعب الجمعيات دورًا أساسيًا في التوحيد القياسي للمعايير واعتماد أفضل الممارسات العالميَّة من خلال الاستفادة من تجارب وخبرات النظراء والزملاء، حيث تهدف الجمعيات إلى تسهيل ذلك من خلال:
- التنظيم : تعتمد الجمعيات في عملها على الأفراد المنتمين إليها من ذوي الكفاءة والمهارة اللازمة، والتي تمكنهم من التفريق بين الخيارات المطروحة لمعالجة التحديات، ودراسة الاتجاهات الجديدة في مجال ما، الأمر الذي سيعيد هيكلة الأعمال بشكل جذري.
- إجراء البحوث: غالبًا ما تقوم الجمعيات بإجراء أبحاث مستقلة لتحديد وشرح الخيارات في مجال ما، وقياس الممارسات الحالية وتحديد الثغرات.
- التدريب العملي على أفضل الممارسات: الجمعيات تعالج الثغرات المحددة على شكل تدريب لمساعدة الأفراد على اكتساب المهارات التي يحتاجونها، ينتج عنه تطوير المعايير وأفضل الممارسات والإرشادات وقوائم التفقد وغيرها، والتي تساعد في شرح المشكلات والفجوات والحلول لجماهير مختلفة.
- تطوير الشهادات: تحدِّث الجمعيات وتعيد إصدار شهادات أو أوراق اعتماد أخرى؛ تعكس فهم الفرد لصناعته، و الخطط الاستراتيجيَّة طويلة وقصيرة الأمد، والعمليات والممارسات المقبولة؛ لتلبية احتياجات الأعمال.
- توحيد المعرفة: مع تطور الممارسات والعمليات الصناعية، تلعب الجمعيات دورًا مركزيًا في تحديد وتطوير المعرفة ، يساعد هذا في تسهيل المحادثات بين المنظمات المختلفة، ورفع كفاءة الاتصال الداخلي في المنظمات عبر أقسام ووحدات العمل فيها؛ وذلك من خلال توحيد المفردات وانسجام طرق التفكير.
تتيح الجمعيات فرصاً للتطور الوظيفي وزيادة الانتشار
توفر الجمعيات فرصًا كبيرة للتطور الوظيفي وزيادة الانتشار للأفراد والفرق والمنظمات على حد السواء، يمكن أن تشمل على:
- فرص القيادة: العديد من الجمعيات لها فروع محلية وجميعها تقريبا لديها مجالس إدارة، تعتمد على المتطوعين الذين يؤمنون بمهمة الجمعيَّة ومستعدين لقضاء الوقت لدفعها إلى الأمام.
- التدريب: غالبًا ما تقدم الجمعيات تدريبًا رسميًا حول الموضوعات المتعلقة برؤيتها ورسالتها، لكن التدريب ليس مجرد وضع عشرات الأشخاص في غرفة اجتماعات لبضعة أيام، يمكن أن يكون التدريب بحضور مؤتمر سنوي أو الاستماع إلى ندوة عبر الإنترنت وغيره.
- التوجيه: تقدم العديد من الجمعيات نوعًا من برامج التوجيه التي تربط الممارسين ذوي الخبرة بأولئك الجدد نسبيًا في الصناعة أو الاتحاد، قد يكون برنامج التوجيه رسميًا مع التزامات زمنية محددة، أو شيء أبسط من ذلك وأقل رسميَّة.
- القيادة الفكرية: تحتاج الجمعيات دائمًا إلى محتوى جيد مثل منشور في مدونة أو ندوة عبر الإنترنت أو جلسة فرعية من مؤتمر ما، حيث يُعدُّ التدوين على مدونة الجمعية والذي قد يقرأه الآلاف من القراء أمرًا بالغًا في الأهمية.
- الخبرة في العمل: تحتاج الجمعيات أيضًا بشكل منتظم إلى وجود الخبراء للعمل في اللجان وفرق العمل المسؤولة عن تطوير التدريب والمعايير والمعرفة وما إلى ذلك، وهذا يوفر فرصة للتطور الوظيفي وزيادة الانتشار في مجال ما.
- التخطيط الوظيفي: تساعد الجمعيات الأعضاء على رسم المسار الوظيفي من خلال مساعدتهم على تحسين ما يفعلونه الآن، ومواكبة التطورات الجديدة، حيث تقدم الجمعيات خدمات محددة تساعد في البحث عن عمل مثل إعلانات الوظائف أو المساعدة في كتابة السيرة الذاتية.
- الاحتراف والحصول على الجوائز: كونك عضوًا في جمعية معترف بها هي إحدى السمات المميزة للمحترف في مجال معين، وبالمثل، يعتبر الحصول على جائزة من جمعية إنجاز وظيفي هامًا يؤكد مساهمات الفرد في الجمعية، وفي الوظيفة وفي الصناعة ككل.
الخلاصة
نستنتج مما سبق، بأنَّ الجمعيات تُعد تجمعًا يقوم بشكل أساسي على الأشخاص الذين هم جزءٌ من المجتمع، حيث يجتمعون بشكل رسمي على غاية مشتركة أو أهداف محددة، ويسعون معًا من أجل تحقيقها من خلال التركيز على قطاع معين وتوفير الخدمات وتفعيل البرامج في ذلك القطاع، وعلى الرغم من تعدد أسباب إنشاء الجمعيات؛ إلاّ أنَّها جميعًا تسعى إلى رفع معّدلات الكفاءة والفاعليَّة للأعمال والقضايا والمجالات بأنواعها التي قد تهم المجتمع كوحدة واحدة، أو تهم الفئات المجتمعية فيه كل على حدة.