معنى الطاغية في القرآن الكريم
معنى الطاغية في القرآن الكريم
يدور الأصل اللغوي لمعنى طاغية حول علو الشيء الطاغي بصورة كبيرة مبالغ بها متجاوزاً كل حد، وذكر الله -تعالى- هذه الكلمة في عدد من المواضع في القرآن الكريم وبسياقات مختلفة، يمكن بيانها كما يأتي:
الصيحة
الطاغية: هي الصيحة التي علت وتجاوزت الحد والمقدار الذي نسمعه للصيحات، وذكر في القرآن التعبير بذلك عن عذاب قوم ثمود (فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ)، فصار التعبير (بِالطَّاغِيَةِ) يدل على: "الواقعة التي جاوزت الحد في الشدة والقوة، وهي الصيحة"، وورد في بعض التفاسير أنَّ الطاغية بمعنى بسبب طغيانهم، لكنَّه خطأ لا يناسب المقابلة ب قوم عاد في الآية بعدها.
الذي يحمل غيره على الطغيان
الطاغية: فاعل من الفعل (أطغى) وهو الذي يحمل غيره على الطغيان، فيجعله يتجاوز الحدَّ: نقول فلان أطغاه السلطان أو المال أو الجاه أو أصحاب السوء، وهذا المعنى ورد في قوله -تعالى-: (قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ)، ومعنى (مَا أَطْغَيْتُهُ): "ما أَضللته وأغويته"، أي لم أتولَّ ذلك من نفسي، ولكنه كان في ضلال عن الحق بخذلانك إياه، كأنه يقول: "لم أكن سبب طغيانه".
تجاوز الحد في الضلال
الطاغية: أحد الطاغين المتجاوزين الحدَّ في الطغيان، وهذا المعنى ذكره الله -تعالى- في قوله: (وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ)، أي: لم تكن لنا عليكم أيَّة قدرة ولا حجة في أنكم تركتم الحق، بل كنتم قوماً طاغين ضالين متجاوزين الحد، ومصير الطاغين نار جهنم : (هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ)، فالمتجاوزين الحد في الكفر والمعاصي لهم شر مرجع ومصير.
معنى الطاغوت في القرآن الكريم
يستعمل القرآن الكريم أحياناً كلمة (طاغوت) في أماكن استعمال كلمة (طاغية)، وتكرر ذكر كلمة (طاغوت) في القرآن ثمان مرات، وأول استعمال لها بحسب ترتيب المصحف هو قوله -تعالى-: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
ويرى المفسر ابن عاشور أنَّ كلمة طاغوت من مبتكرات القرآن التي لم تعرفها العرب في استخداماتها قبل نزوله، فقال: "ولا أحسبه إلاّ من مصطلحات القرآن وهو مشتق من الطغيان وهو الارتفاع والغلو في الكبر وهو مذموم ومكروه، ووزن طاغوت على التحقيق: طَغَيُوت فَعَلُوت، من أوزان المصادر مثل: مَلَكوت ورَهَبوت وَرَحَمُوت".
وأحسن تعريف اصطلاحي للطاغوت هو: كل ما تجاوز به العبد حدَّه مِن معبود أو متبوع أو مطاع مِن غير الصالحين، أما الصالحون فليسوا بطواغيت وإن عُبدوا، وأبرز الموصوفين بأنهم طاغوت في الاستعمال القرآني ما يأتي:
- الشّيطان، وذلك في قوله -تعالى-: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ).
- الأوثان الّتي تعبد من دون الله، وذلك في قوله -تعالى-: (وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ).
- كعب بن الأشرف اليهودي، وذلك في قوله -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ).