متى يكون جوف الليل
موعد جوف الليل
روى عمر بن عبسة -رضيَ الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (أقرَبُ ما يَكونُ الرَّبُّ منَ العبدِ في جوفِ اللَّيلِ الآخرِ، فإن استَطعتَ أن تَكونَ مِمَّن يذكرُ اللَّهَ في تلكَ السَّاعةِ فَكُن)، والمُراد بجوف اللّيل أيّ وسطه، وإن قيل جوف اللّيل الآخِر فالمراد به وسط النّصف الثاني من اللّيل، وهو السدس الخامس من أسداد اللّيل، كما ذكره ابن الأثير في غريب الحديث، وابن منظور في لسان العرب.
ويُحتسب جوف اللّيل من خلال تقسيم ساعات اللّيل من أذان المغرب إلى أذان الفجر إلى ثلاثة أثلاث أو ستة أسداس، فإن تمّ تقسيمه إلى ثلاثة أثلاث؛ فالجوف هو الثلث الثالث، وإن تمّ تقسيمه إلى ستة أسداس؛ فالجوف هو السدس الخامس، ولا يمكن تحديده بساعة معيّنة تبعاً للاختلاف الواقع بين البلدان، والاختلاف بين فصول السنّة.
شرف وقت جوف الليل
يتميّز قيام اللّيل بأنّه من الأعمال الخالصة لله -تعالى-، لما فيه من الخصوصيّة والسرّية بين العبد وربّه، ولما يتحصّل به من التعب بالقيام وترك النوم، ولذلك يعدّ قيام اللّيل من أفضل العبادات، وله شرف يختصّ به عن غيره، وممّا يتميّز به من الفضل:
- إجابة الدّعاء
ثبت عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (إنَّ في اللَّيْلِ لَسَاعَةً لا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ، يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِن أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ، وَذلكَ كُلَّ لَيْلَةٍ).
- صلاة اللّيل تعدّ أفضل صلاة بعد صلاة الفريضة
ثبت عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (أَفْضَلُ الصَّلَاةِ، بَعْدَ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ، الصَّلَاةُ في جَوْفِ اللَّيْلِ).
كيفية حساب جوف الليل
لو تمّ تقدير اللّيل بعشر ساعات، فينام المسلم أوّل خمس ساعات منه وهو النّصف، ثمّ يقوم اللّيل بثلاث ساعات ونصف، ويعود إلى النّوم ساعة ونصف، ويكون بذلك قد قام نصف الثلث الأخير من اللّيل.
أعمال مستحبة في جوف الليل
يكون العبد في جوف اللّيل أقرب ما يكون من الله -تعالى-، ولا تقتصر العبادات في اللّيل على الصّلاة، بل تشمل أيضاً:
- الاستغفار
قال الله -تعالى-: (وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)، ذلك أنّ قيام اللّيل أساسه ذكر الله ، والاستغفار من الذّكر، ومن أعظم الاستغفار؛ الإكثار من تلاوة القرآن الكريم، والتّسبيح، والتّحميد، وتمجيد الله وتوحيده، والثناء عليه بذكر أسمائه وصفاته سبحانه.
- الدّعاء إلى الله، والتوجّه إليه بطلب العفو والمغفرة
جاء في الحديث الصّحيح الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (إذا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ، أوْ ثُلُثاهُ، يَنْزِلُ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى إلى السَّماءِ الدُّنْيا، فيَقولُ: هلْ مِن سائِلٍ يُعْطَى؟ هلْ مِن داعٍ يُسْتَجابُ له؟ هلْ مِن مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ له؟ حتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ).