متى يكون الوضوء مستحبًا؟
الوضوء قبل تلاوة القرآن
يُستحبّ الوضوء قبل تلاوة القرآن من باب والوقار والتعظيم لكتاب وكلام الله -تعالى-، استدلالاً بما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن أبي جهيم بن الحارث بن الصمة الأنصاري -رضي الله عنه- قال: (أَقْبَلْتُ أنَا وعَبْدُ اللَّهِ بنُ يَسَارٍ، مَوْلَى مَيْمُونَةَ زَوْجِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حتَّى دَخَلْنَا علَى أبِي جُهَيْمِ بنِ الحَارِثِ بنِ الصِّمَّةِ الأنْصَارِيِّ).
(فَقالَ أبو الجُهَيْمِ الأنْصَارِيُّ أقْبَلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن نَحْوِ بئْرِ جَمَلٍ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عليه فَلَمْ يَرُدَّ عليه النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى أقْبَلَ علَى الجِدَارِ، فَمَسَحَ بوَجْهِهِ ويَدَيْهِ، ثُمَّ رَدَّ عليه السَّلَامَ).
فالقرآن كلام الله وهو أفضل الذكر فكان من المستحب أن يتوضأ المسلم استعداداً لقراءته.
الوضوء قبل النوم
أمر النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ندباً واستحباباً الوضوء قبل النوم ، أخرج البخاري في صحيحه عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (إِذَا أتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ علَى شِقِّكَ الأيْمَنِ، ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ أسْلَمْتُ وجْهِي إلَيْكَ، وفَوَّضْتُ أمْرِي إلَيْكَ، وأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إلَيْكَ، رَغْبَةً ورَهْبَةً إلَيْكَ، لا مَلْجَأَ ولَا مَنْجَا مِنْكَ إلَّا إلَيْكَ).
(اللَّهُمَّ آمَنْتُ بكِتَابِكَ الذي أنْزَلْتَ، وبِنَبِيِّكَ الذي أرْسَلْتَ، فإنْ مُتَّ مِن لَيْلَتِكَ، فأنْتَ علَى الفِطْرَةِ، واجْعَلْهُنَّ آخِرَ ما تَتَكَلَّمُ بهِ. قالَ: فَرَدَّدْتُهَا علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا بَلَغْتُ: اللَّهُمَّ آمَنْتُ بكِتَابِكَ الذي أنْزَلْتَ، قُلتُ: ورَسولِكَ، قالَ: لَا، ونَبِيِّكَ الذي أرْسَلْتَ).
الوضوء للبقاء على طهارة
دلّ الشرع على استحباب الوضوء للبقاء على طهارةٍ، وذلك سببٌ من أسباب دخول الجنّة ، ورد عن بريد بن الحصيب -رضي الله عنه-: (أصبح رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم -، فدَعَا بلالًا، فقال: بِمَ سَبَقْتَنِي إلى الجنةِ؟ ما دَخَلْتُ الجنةَ قَطُّ إلا سَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ أمامي، قال: يا رسولَ اللهِ ما أَذَّنْتُ قَطُّ إلا صَلَّيْتُ ركعتينِ، وما أصابني حَدَثٌ قَطُّ إلا توضأتُ عنده، ورأيتُ أن للهِ عَلَيَّ ركعتينِ، فقال رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: بِهِما).
الوضوء لكل صلاة
يندب للمسلم أن يتوضأ لكلّ صلاةٍ وإن كان على طهارةٍ أو كان وضوءه من الصلاة التي قبلها لم ينتقض بعد، وذلك موافقةً لفعل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، أخرج البخاري عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ)، كما أنّ ذلك دليل صدق العبد وإخلاصه في العباده.
الوضوء عند الغُسل من الجنابة
دلّت أحاديث النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في بيان سنن وضوء غُسل الجنابة أن يتوضأ الجنُب قبل أن يغتسل ويدع غسل قدَميه لآخر الغسل، كما كان من فعل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، أخرج البخاري في صحيحه.
حيث جاء عن السيدة عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها-: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كما يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يُدْخِلُ أصَابِعَهُ في المَاءِ، فيُخَلِّلُ بهَا أُصُولَ شَعَرِهِ، ثُمَّ يَصُبُّ علَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ غُرَفٍ بيَدَيْهِ، ثُمَّ يُفِيضُ المَاءَ علَى جِلْدِهِ كُلِّهِ).
وقد وردت أحاديث صحيحة في استحباب وضوء الجنُب إن أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام قبل أن يغتسل.