متى فرضت الزكاة
متى فرضت الزكاة على المسلمين؟
فُرضت الزّكاة مع تقدير أنصبتها في السنة الثانية من الهجرة، في المدينة المنورة، ولكن لاحظ المُفَسّرون أن هناك سور مكية ذُكرت فيها الزّكاة، كقول الله -تعالى-: (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ)، وقوله -تعالى-: (وَآتوا حَقَّهُ يَومَ حَصادِهِ)، وقوله -تعالى-: (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ)، ويمكن تفسير ذلك بأنَّ الزّكاة التي فُرضت في مكة المكرمة هي الزّكاة المُطْلَقة؛ أي دون شروطٍ أو قيودٍ أو أنصبةٍ معيّنة، ولكنَّ الزّكاة التي فُرضت في المدينة المنورة هي الزّكاة ذاتُ المقادير والأنصبة الخاصّة.
ويبيّن هذا قول ابن كثير في تفسير قول الله -تعالى-: (وَآتوا حَقَّهُ يَومَ حَصادِهِ)، وقول الله -تعالى-: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا)، وقول الله -تعالى-: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا)،
كذلك ربَط الله -تعالى- بين الصلاة التي هي حقٌّ له، والتي تشمل توحيده وتمجيده والثّناء عليه واللجوء إليه، وبين الزّكاة المفروضة التي فيها إحسانٌ إلى مخلوقاته ابتداءً من الأهل والمقرّبين، وانتهاءً بالفقراء والمحتاجين عامّةً، وقد ذكر المراغي ورشيد رضا أنَّ الزّكاة المفروضة في مكّة المكرمة كانت متروكةً لقلوب المسلمين وشعورهم ببعضهم البعض، لكن أصبحت في المدينة فريضةً دينيةً محدّدةً بالمقادير والمصارف.
حكم الزكاة والحكمة من مشروعيّتها
تُشكّل الزّكاة الرّكن الثالث من أركان الإسلام، وقد قُرنَت بالصلاة في العديد من الآيات الكريمة، وجعلها الله -تعالى- طُهرةً للمزكّي؛ أي تزكيةً لنفسه، لقوله -تعالى-: (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها)، ويمكن تعريف الزكاة بأنَّها إخراج مقدارٍ معيّنٍ من المال الذي بلغ النّصاب بشروطٍ مخصوصةٍ إلى مستحقّيها، وقد شرعها الله -تعالى- لحِكَمٍ كثيرةٍ منها ما يأتي:
- تطهير النفس البشرية من الطمع والبخل.
- سدّ حاجة الفقير والمحتاج والمحروم ومواساتهم.
- تحقيق سعادة الأمة ومصالحها.
- منع تجمّع وانحسار الأموال في يد الأغنياء فقط.
أما بالنسبة لحُكم الزكاة، فهي فرضٌ على كلِّ مسلم يملك نصاباً من المال بشروط معينة، ووردت العديد من الآيات الكريمة التي تحثّ عليها، منها قول الله -تعالى-: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا)، وقول الله -تعالى-: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا)، بالإضافة إلى قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بُنِيَ الإسْلامُ علَى خَمْسٍ، شَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وحَجِّ البَيْتِ، وصَوْمِ رَمَضانَ)، بالإضافة إلى قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بُنِيَ الإسْلامُ علَى خَمْسٍ، شَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وحَجِّ البَيْتِ، وصَوْمِ رَمَضانَ)، و
وردت العديد من الأحاديث النبوية التي تحثّ على الزّكاة، وتم قرنها بالصلاة في اثنتين وثمانين آية من القرآن الكريم، وثبتت مشروعيتها بإجماع الأمة، وجاء الوعيد الشديد والعذاب الأليم في كتاب الله وسنّة نبيّه لمن لم يؤدّها، سواء تركَها جحوداً وإنكاراً لمشروعيتها أو تكاسلاً وتهاوناً في أدائها، لذلك ينبغي على المسلم أن يتعلّم أحكام الزّكاة، وقد أُطلق على الزكاة أسماءٌ عدّة منها ما يأتي:
- الزكاة؛ لأنَّها تُزكّي صاحبها وتُطهّره.
- الصدقة؛ لأنَّها تُعتبر دليلاً على تصديق صاحبها وصحّة إيمانه، قال -صلى الله عليه وسلم-: (الصَّدَقَةُ بُرْهانٌ).
- الحقّ؛ لقول الله -تعالى-: (وَآتوا حَقَّهُ يَومَ حَصادِهِ).
شروط وجوب الزكاة
أوجب الله -تعالى- الزّكاة على كلِّ من تتوفّر فيه الشروط الآتية: الإسلام، والحريّة، وبلوغ النّصاب، وحولان الحول، والملك المستقل، وتوضيحها فيما يأتي:
الحرية
تجب الزّكاة على الشخص الحرّ، ولا تجب على العبد والمُكاتِب؛ لأنَّ ملكيّتهم على مالهم ناقصة، وذهب جمهور الفقهاء إلى أنَّ زكاة مالهم تكون على سيّدهم، وخالف المالكية ذلك فقالوا لا زكاة عليهم.
الإسلام
أجمع الفقهاء على عدم وجوب الزّكاة على غير المسلم.
البلوغ والعقل
اشترط الحنفية البلوغ والعقل لوجوب الزّكاة، بينما ذهب جمهور الفقهاء إلى عدم اشتراط ذلك، وأوجبوها في مال الصبيّ والمجنون، بحيث يُخرجها عنهم وليّهم؛ لأنَّ في ذلك مصلحةً للفقير، وتحصيناً للمال من الطامعين فيه.
كون المال من الأصناف التي تجب فيها الزكاة
حدَّد الشّرع خمسة أصنافٍ من الأموال التي تجب فيها الزّكاة؛ وهي: النقدان الذهب والفضة وما يُستخدم بدلاً منهم من الأوراق النقدية، والمعدن والرِّكاز، وعروض التجارة، والزروع والثمار، والأنعام، ويُشترط في هذه الأموال أن تكون نامية، بمعنى أن يكون المال معدّاً للاستثمار والنّماء بالتجارة في الأموال، والرّعي للأنعام.
بلوغ النّصاب
حدَّد الشّرع مقداراً مُعيّناً يجب أن يبلغه المال حتى يُعتبر دليلاً على الغنى وتجب فيه الزّكاة، وأُطلق عليه اسم النصاب، وهو عشرون مثقالاً أو ديناراً للذهب، ومئتا درهم للفضة، وخمسة أوسقٍ للثمار والحبوب؛ أي ما يعادل 653 كيلو غرام، وأول نصاب الغنم أربعون شاة، والإبل خمسة، والبقر ثلاثون.
ملكية المال التامة
حيث ذهب الفقهاء إلى اشتراط ملك المال عند صاحبه؛ سواء كان ملكاً له بالأصل، أو بالقدرة على التصرّف التامّ فيه، أو ملكه وحيازته باليدّ.
حولان الحول
أجمع الفقهاء والتابعين على اشتراط حولان الحول على ملك النّصاب حتى تجب فيه الزّكاة، والمقصود هو مُضي عام قمريٍّ على امتلاك المسلم للمال الذي بلغ النّصاب، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (لا زَكاةَ في مالٍ حتَّى يَحولَ عليهِ الحَولُ)،
قد تعدّدت آراء الفقهاء في طرق حساب الحول للمال المستفاد في أثناء العام، فذهب الجمهور إلى احتساب عام جديد لكل مال مستفاد؛ لأنَّ هذا هو العدل، بينما ذهب الحنفية إلى ضمّ المال المستفاد إلى أصل النصاب دفعاً للمشقة والعسر عن المُزكّي.
زيادة المال عن الحاجات الأصلية للمزكي
بأن يكون المال زائداً عن حاجة المالك الأصلية؛ كالنّفقة، والمسكن، واللباس، وسداد الدَّين، وغيرها. أمَّا بالنسبة لشروط صحة أداء الزكاة فقد اتفق الفقهاء على أنَّ النيَّة شرطٌ في صحة أداء الزّكاة، وعدَّ الفقهاء التمليك بإعطائها لمستحقيها من شروط صحة أدائها أيضاً.