الشجاعة في الإسلام
الشجاعة
إنّ الشجاعة من الأخلاق الحسنة، والخصال الكريمة، وهي وصف جميل مليء بالنّبل والفضل، إذ تحملُ صاحبَها على التحلّي بالصبر والفضائل، وتجنّبه الوقوع في الرذائل، وهي منبع الأخلاق وميزان الخصال، وتعد من أعظم أخلاق الإسلام ، وأعزّ مناقب العرب، وهي من أفخر الصفات البطولية الركيزة، والشجاعة لغةً تعرف على أنها: شدة القلب في البأس، وقد شجُع شجاعة أي: اشتد ساعده عند البأس وقوِيَ قلبه، كما وتعرف الشجاعة اصطلاحاً: ثبات القلب واستقراره حالات الخوف والنوزال، وعدم الالتفات للموت، وهي سرّ استمرار حياة البشر، وبنائهم حياة هادئة سليمة؛ فهي تدفع الإنسان ليكون قادراً في الدفاع عن نفسه وعمن يحب.
الشجاعة في الإسلام
جاء الإسلام العظيم يدعو إلى الخصال الحميدة، والأخلاق الفاضلة؛ فالشجاعة التي دعا إليها الإسلام هي الجوهر الحقيقيّ للشجاعة في الحقّ، لا في الباطل أو الرياء والعجب، إنما الجهاد الخالص في سبيل الله تعالى نصرةً للحقّ والدين، كما أنّ القرآن الكريم قد جاء مربياً في كثير من الآيات على الشجاعة التي هي عنوان المؤمن الحق، فكانت الآيات هي منبع عذب سقى منه الأمة أسمى المعاني والقيم؛ وكان أعظم خلق الله محمد صلى الله عليه وسلَّم أشجع الناس، إذن فالشجاعة الحقيقيّة هي الخلق الحميد الذي دعا إليه الدين الإسلامي الحنيف نصرةً للحقّ في سبيل الله تعالى، ودفاعاً عن النبيّ صلّى الله عليه وسلَّم.
شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم
كان صلى الله عليه وسلَّم أشجع الخلق، إذ من أجلّ المواقف شجاعةً للنبيّ صلى الله عليه وسلَّم هو لجوء الصحابة رضي الله عنهم للاحتماء به في ساحة المعركة عند اشتداد وطيسها؛ ومن ذاك ما قاله البراء رضي الله عنه: (كُنَّا وَاللَّهِ إذَا احْمَرَّ البَأْسُ نَتَّقِي به، وإنَّ الشُّجَاعَ مِنَّا لَلَّذِي يُحَاذِي به، يَعْنِي النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ)، كما ظهرت شجاعة النبيّ صلّى الله عليه وسلَّم يوم حنين بشكل جليّ؛ إذ إن بعض من كان في ساحة المعركة لما رأوا من هزيمة قد لحقت بهم؛ كان رسول الله صلى الله عليه وسلَّم صامداً ثابتاً، وأبو سفيان رضي الله عنه آخذاً بلجام بغلته قائلاً بصوت عالٍ: (أَنَا النبيُّ لا كَذِبْ... أَنَا ابنُ عبدِ المُطَّلِبْ).
شجاعة أبي بكر رضي الله عنه
ظهرت شجاعة أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه بشكل واضح وقتما جاء خبر وفاة النبيّ صلّى الله عليه وسلَّم؛ فكان حال الصحابة رضي الله عنهم في الغالب الانكسار والاستسلام؛ أما هو الصديق فكان موقفه شجاعاً جداً، إذ خطب خطبته المشهورة وقتئذ وقال: "من كان يعبد محمداً، فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله، فإن الله حيّ لا يموت"، وتلا قوله تعالى: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ).
شجاعةُ عمر بن الخطاب رضي الله عنه
إنّ مما يبرز شجاعة عمر رضي الله عنه بشكل جليّ، أنه كان يُهاب منه في الجاهلية والإسلام، ولما أسلم رضي الله عنه قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه فيه: (ما زِلْنَا أعِزَّةً مُنْذُ أسْلَمَ عُمَرُ).