ماذا افعل اذا فاتتني صلاة الفجر
ماذا أفعل إذا فاتتني صلاة الفجر
قد يغلب النّوم على المسلم في بعض الأحيان فتفوته صلاة الفجر ، ولا يستيقظ حتّى يخرج وقتها وتطلع الشّمس، فينبغي عليه في هذه الحالة القيام بأمرين:
- الأول: قضاء صلاة الفجر
وقد دلّ على ذلك ما ثبت عن عمرو بن أميّة -رضيَ الله عنه- قال: (كنا مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في بعضِ أسفارِه، فنام عن الصبحِ حتى طلعتِ الشمسُ، فاستيقظ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال: تنحُّوا عن هذا المكانِ، قال: ثم أمر بلالاً فأذَّنَ، ثم توضؤوا وصلوا ركعتي الفجرِ، ثم أمر بلالاً فأقام الصلاةَ، فصلى بهم صلاةَ الصبحِ).
ويكون قضاؤها كما تُصلّى في وقتها، فيُصلّي المسلم ركعتيّ السّنة ثمّ ركعتيّ الفرض.
- التّوبة والإنابة إلى الله -تعالى-
والتي من شروطها الإقلاع عن الذّنب، وهو ما يكون بقضاء الفائتة.
وتجدر الإشارة إلى توضيح عدّة أمورٍ متعلّقة بكيفيّة قضاء الصلاة الفائتة، نذكرها فيما يأتي:
- أوّلها
لا يسقط الأذان للصّلاة الفائتة إلّا إذا تمّ الأذان لها، وقد دلّ على ذلك اللّفظ الوارد في الحديث السّابق في قول النبيّ -عليه الصلاة والسّلام-: (ثم أمر بلالاً فأذَّنَ).
- ثانيها
يجوز للمسلم قضاء السّنن الرّواتب في حال فواتها منفردة، كمن لا يتمكّن من أداء السّنة القبليّة لصلاة الظّهر لشروع الإمام في صلاة الفرض، فإنّه يقضيها بعد سلام الإمام، وكذلك في حال فواتها مع الفريضة؛ كمن فاتته فريضة الظّهر، وقد دلّ على ذلك اللّفظ الوارد في الحديث السّابق في قول النبيّ -عليه الصلاة والسّلام-: (ثم توضّؤوا وصلوا ركعتي الفجرِ ثم أمر بلالاً فأقام الصلاةَ فصلى بهم صلاةَ الصبحِ).
حكم قضاء الصلاة الفائتة على الفور
تعدّدت آراء الفقهاء في وجوب قضاء الصّلاة الفائتة المفروضة على الفَوْر على قولين، نذكرهما فيما يأتي:
- قول الجمهور
قال جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة بوجوب قضاء الصّلاة الفائتة المفروضة على الفور، سواء فاتت بعذرٍ أو بدونه، إلّا إذا وُجِدَ ما يمنع قضاءها على الفور؛ وذلك كتحصيل رزق، أو علم توجّب تحصيله وجوباً عينيّاً.
- قول الشافعيّة
قالوا بوجوب قضاء الصّلاة الفائتة المفروضة على الفور إن كان فواتها بغير عذر، وممّا يُستثنى من ذلك تذكّر قضاء الفائتة أثناء خطبة الجمعة، أو بعد الشّروع في الصّلاة الحاضرة، وضيق وقت الحاضرة، فتُقدَّم في الأداء حتى لا يَخرج وقتها، وأمّا إن كان فوات الصّلاة الفائتة لعذرٍ جاز التّراخي في قضائها.
صفة قضاء الصلاة الفائتة
تعدّدت آراء الفقهاء في كون قضاء الصّلاة الفائتة يكون على الصّفة التي فاتت عليها على قولين كما يأتي:
- الحنفيّة والمالكيّة
قالوا إنّ قضاء الصّلاة الفائتة يكون على الصّفة التي فاتت عليها، فمَن فاتته صلاة رباعيّة في السّفر قضاها ركعتين، سواء كان القضاء في السّفر أو الحضر، وكذلك لو كانت الصّلاة الفائتة سريّة فإنّه يُسرّ بها، سواء كان القضاء نهاراً أو ليلاً.
- الشافعيّة والحنابلة
قالوا إنّ قضاء الصّلاة الفائتة لا يكون على الصّفة التي فاتت عليها، فمَن فاتته صلاةً رباعيّة في السّفر قضاها ركعتين إن كان القضاء في السّفر، وإلّا فإنّه يقضيها أربعة لكون الإتمام هو الأصل، لّا أنّهم تعدّدت آراءهم في قضاء الصّلاة الفائتة على الصّفة التي فاتت عليها من حيث كونها سريّة أو جهريّة كالآتي:
- ذهب الشافعيّة إلى أنّ المُعتَبَر في القضاء هو وقته، فمَن صلّى فائتة الظّهر ليلاً جهر بها وإلّا فإنّه يُسرّ.
- وذهب الحنابلة إلى أنّه يُسرّ بالفائتة مطلقاً إن كان قضاءها نهاراً، وإن كان ليلاً فلا يَجهر بها إلّا إذا كانت صلاةً جهريّة وكان إماماً.
حكم التريب في قضاء الصلاة
تعدّدت آراء الفقهاء في وجوب التّرتيب في قضاء الفوائت على قولين كما يأتي:
- الجمهور
قالوا بوجوب التّرتيب في قضاء الفوائت في نفسها، وفي قضاء الفوائت مع الصّلاة الحاضرة؛ بحيث لا يجوز قضاء فائتة الظّهر قبل فائتة الصّبح، وكذا لا يجوز أداء الصّلاة الحاضرة أو الوقتيّة قبل قضاء الفائتة، وقال الحنفيّة بسقوط وجوب التّرتيب في حالاتٍ ثلاثة، وهي كما يأتي:
- أوّلها: كون عدد الفوائت ستّاً وأكثر من غير النّوافل والوتر.
- ثانيها: نسيان قضاء الفائتة وقت الأداء.
- ثالثها: ضيق الوقت والخوف من فوات وقت الحاضرة.
- الشافعيّة
قالوا إنّ التّرتيب في قضاء الفوائت في نفسها سنّة، وكذلك في قضائها مع الصّلاة الحاضرة، ولكن بشرطين:
- أوّلهما: انتفاء الخوف من فوات وقت الصّلاة الحاضرة، وهو ما يكون بعدم إدراك ركعة واحدة منها في الوقت.
- ثانيهما: تذكّر الفوائت قبل الشّروع في الصّلاة الحاضرة، فإن تذكّرها بعد ذلك فإنّه يتمّ الحاضرة وإن اتّسع الوقت.
هل الاشتغال بصلاة النوافل يعد منافيا للقضاء على الفور؟
تعدّدت آراء الفقهاء في كون الاشتغال بصلاة النّوافل يعدّ منافياً للقضاء على الفور على ثلاثة أقوال كما يأتي:
- الحنفيّة
قالوا إنّ الاشتغال بصلاة النّوافل لا يعدّ منافياً للقضاء على الفور، إلّا أنّه من الأفضل والأوْلى للمسلم الاشتغال بقضاء الفوائت ويدع النّوافل باستثناء السّنن الرّواتب، صلاة الضحى ، و تحيّة المسجد ، والأربع ركعات قبل الظّهر، والستّ بعد المغرب.
- المالكيّة والحنابلة
قالوا إنّ الاشتغال بصلاة النّوافل يعدّ منافياً للقضاء على الفور، ويحرُم الاشتغال بها على مَن كان عليه قضاء فوائت إلّا إذا كان النّفل مقيّداً؛ كالسُّنن الرّواتب، والوتر، وتحيّة المسجد، كما قال الحنابلة بأنّ الأولى للمسلم ترك النّوافل المقيّدة إذا كثرت الفوائت، باستثناء نافلة الفجر لكثرة التأكيد والحثّ عليها الوارد في الشّرع.
- الشافعيّة
قالوا إنّ الاشتغال بالنّوافل يعدّ منافياً للقضاء على الفور، ويحرُم الاشتغال بها سواء كانت راتبة أم غيرها على مَن كان عليه قضاء فوائت، فمَن فاتته صلاة الفجر يبدأ بقضاء ركعتي فرض الفجر، ثمّ ركعتي راتبتها، حيث قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن نسي صلاةً أو نام عنها فلْيُصَلِّها إذا ذكَرها).
وتجدر الإشارة إلى توضيح عدّة أمورٍ متعلّقة بكيفيّة قضاء الصلاة الفائتة، نذكرها فيما يأتي:
الأسباب المعينة على المحافظة على صلاة الفجر
هناك العديد من الوسائل والأسباب التي تُعين المسلم على المحافظة على صلاة الفجر، نذكر بعضها فيما يأتي:
- استحضار النيّة
حيث إنّ الله -تعالى- يُوفِّق الإنسان ويُعطيه حسب نيّته وقصده، فقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (الأعْمَالُ بالنِّيَّةِ، ولِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى)، فمَن نوى قبل نومه الاستيقاظ لأداء صلاة الفجر وفّقه الله -تعالى- لذلك.
- مجانبة إرهاق الجسد نهاراً
بحيث يُحاول المسلم جاهداً ألّا يُتعب جسده بكثرة الأعمال والأشغال التي يقوم بها نهاراً؛ لِأنّ ذلك من شأنه أن يكون سبباً في غلبة النّوم.
- مجانبة المعاصي والذّنوب
حيث إنّ كثرتها سببٌ في قسوة القلب وشدّته.
- مجانبة الإكثار من الأكل والشّرب خاصة قبل النوم
لِأنّ ذلك يُثقل الجسم ويُرهقه فيكون سبباً في غلبة النّوم، لذا حثّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على تجنّب ذلك بقوله: (ما ملأَ آدميٌّ وعاءً شرًّا من بطنٍ بحسبِ ابنِ آدمَ أُكْلاتٌ يُقْمِنَ صلبَهُ، فإن كانَ لا محالةَ فثُلثٌ لطعامِهِ وثُلثٌ لشرابِهِ وثلثٌ لنفسِهِ).
- المحافظة على قيلولة النّهار
وذلك لتحقيق أمرين:
- أوّلهما: الاستعانة بها على قيام اللّيل وصلاة الفجر.
- وثانيهما: مخالفة الشّياطين التي لا تَقيل، وقد دلّ على ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (قِيلُوا، فإنَّ الشياطينَ لا تُقِيلُ).
- المحافظة على آداب النّوم
ومن ذلك الوضوء، وصلاة سنّة الوضوء، وقراءة المأثورات.
- الحرص على التّبكير في النّوم:
لا شكّ بأنّ النوم عذرٌ قهريّ، فقد يتغلّب على الإنسان في بعض الأحيان، حيث قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (أَما إنَّه ليسَ فِيَّ النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إنَّما التَّفْرِيطُ علَى مَن لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةَ الأُخْرَى)، خاصة إذا كان السهر لحاجة كالمرض أو طلب العلم، ثم غلبه النوم، على أن لا يكون طلب العلم سببا لتأخير الصلاة كل مرة.
ويظهر أثر النوم المبكر في المحافظة على الصلاة من خلال أمرين:
- أوّلهما: إنّ المسلم الذي عادته وسِمة حياته الحرص على الاستيقاظ لصلاة الفجر وتأديتها في وقتها، ولكن غلبه النّوم في إحدى اللّيالي فلم ينتبه ويشعر بوقت الصّلاة ولم يسمع الأذان؛ كُتب له أجر صلاته وكان نومه صدقة له، وهذا على خلاف المُفرّط الذي سَمع الأذان وانتبه لوقت الصّلاة لكنّه عاد للنّوم، فإنّه يشمله قول الله -تعالى-: (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ).
- ثانيهما: إنّ من مظاهر ربوبية الله -تعالى- أنّه أودع في جسم الإنسان بما يُعرَف بالسّاعة الحيويّة، فمَن اعتاد على النّوم المبكر والاستيقاظ لصلاة الفجر في وقتٍ معيّنٍ لا يحتاج لمن يوقظه لها لاعتياد الجسم على ذلك.
- الحرص على الوسائل المنبّهة لصلاة الفجر
ومن ذلك أن يقوم المسلم بتوصية أهله أو والديه أو زوجته بإيقاظه للصّلاة في حال غلبه النّوم، وأن يستعمل ساعة المنبّه ويضعها بالقرب من رأسه، ونحو ذلك.
- تعزيز الإيمان في القلب وتقويته
حيث إنّ زيادة الإيمان وتعزيزه في القلب من شأنه أن يجعل المسلم مقبلاً على الطّاعات والصّلوات ومبادراً لها، ومن الأمور التي تُسهم في تحقيق ذلك: تذكّر الأجر والثّواب الذي أعدّه الله -تعالى-، والدّرجات العالية من الجنّة لمَن حافظ على صلاته وتمسّك بها.
وتذكّر الآيات القرآنية والأحاديث النّبويّة التي تحثّ على المحافظة على الصّلاة، وتُشيد بفضل صلاة الفجر على وجه الخصوص وتُرغّب بها، ومن ذلك قول الله -تعالى-: (وَقُرآنَ الفَجرِ إِنَّ قُرآنَ الفَجرِ كانَ مَشهودًا).
ودل عليه كذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (بشِّرِ المشَّائينَ في الظُّلمِ إلى المساجدِ بالنُّورِ التَّامِّ يومَ القيامةِ).
- تعظيم الصّلاة ورفع قدرها في القلب
فمّن عظّم الصّلاة في قلبه سهُل عليه الاستيقاظ لها.