صحة حديث (أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين)
صحة الحديث
أخرج الألباني في صحيح الترمذي، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أعمارُ أمتي ما بينَ الستِّينَ إلى السبعينَ وأقلُّهم من يجوزُ ذلِكَ)، والحديث أخرجه الألباني في صحيح ابن ماجه وقال حسن صحيح، وابن حبان في صحيحه.
شرح الحديث
معاني مفردات الحديث
في الحديث مفردة نبيّن معناها وهي كلمة يجوزُ وتعني يتجاوز ويتعدّى.
المعنى الإجماليّ للحديث
على المسلم أن يكون فطنًا فلا يركن إلى الدّنيا ومشاغلها التي لا تنتهي وينسى الموت وما بعده، والإنسان بطبعه طويل الأمل، وهذا قد يشغله عن آخرته، فيأتيه أجله بغتة، فتعتريه الحسرة والخزي والندم على تقصيره، والنبي -صلى الله عليه وسلم- حريصٌ دائمًا على تذكير أمته ووعظهم في كثير من الأحاديث النبوية الصحيحة، وفي الحديث ينبّه أمته على الحرص للإكثار من الطاعات قبل بلوغ أجلهم، ويشير إلى أنّ أمته تنتهي آجالهم ما بين الستين إلى السبعين والقليل ما يتجاوزها خلافًا للأمم السابقة، وليس المقصود من العدد الحصر، وإنما على الإجمال، فقد ينتهي عمر الإنسان قبل ذلك، وذكر العدد إنّما لينتبه من وصل إلى هذه الأعمار لنفسه، فينشغل بأمر آخرته، ويكثر من الطاعات و الصدقات ، فلا لا تكون له حجة، ولا يوجد له عذر.
ما يُستفاد من الحديث
في الحديث بيان لبعض ما يستفاد من الحديث:
- الحثّ على تذكر الموت وما بعده.
- الحثّ على الإكثار من الطاعات استعدادًا للموت.
- على المسلم أن لا يركن للدنيا ومشاغلها.
- توجيه لمن بلغ الستين والسبعين أن ينتبه وينشغل بأمر آخرته.
- حرص النّبي -عليه الصلاة والسلام- على أمته ونصحهم بكل ما فيه خير.
- أنّ غالب أعمار أمة النّبي محمد -عليه الصلاة والسلام- بين الستين والسبعين.
الوسائل المُعينة على أداء الطاعات وترك طول الأمل
نذكر فيما يلي بعض الأمور التي تعين المسلم على الثبات على الطّاعة وترك طول الأمل:
أولًا: تذكر الموت وأهواله
وهذا أعظم ما يُقرب العبد من ربه، فحين يستشعر العبد أنّ الموت مُحتَّم على الجميع صغيرهم وكبيرهم، وأنّه قد يأتي بغتة، يتحسر ويندم على ما قدم ويكون دافعًا له للانشغال بالطاعات.
ثانيًا: المبادرة إلى التوبة النصوح
فالذي يتدارك رحمة الله تعالى ومغفرته قبل فوات الأوان وعلم أنّ التسويف والتأجيل في التوبة لا يجرّ إلا الحسرة والندامة إذا ما باغته الموت فجأة، فهذا يجعل العبد متقلبًا ما بين طاعة و توبة إلى الله تعالى على كل تقصير منه.
ثالثًا: رفقة الصالحين والأخيار
وهذه من أكثر الأسباب إعانة للمسلم، والإنسان كثير العثرات كثير الأخطاء و الرفيق الصالح خير واعظ ومذكّر لأخيه، وقد جعل الله تعالى رفقة الصالحين سببًا للاستظلال بعرشه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه، لما في صحبتهم من آثار نافعة في استقامة العبد وصلاحه وما ينعكس بذلك على المجتمع بأكمله.
رابعًا: الإكثار من ذكر الله تعالى
فذكر الله تعالى من أكثر الأسباب التي تعطي رقّة القلب وطمأنينة النّفس وسعادتها، فدائم الذكر والاستغفار مستحضر لرحمة الله تعالى ومغفرته، فيكسب رضاه سبحانه، وهذا من شأنه طرد وساوس الشيطان عنه وبعده عن الوقوع في لغو الكلام وفحشه.