حكم ضرب الزوجة
ما حكم ضرب الزوجة؟
اتّفق الفقهاء على عدم جواز ضرب الزوجة؛ فيجب على الزوج أن يعامل زوجته باللين والكلمة الطبية، وأن يعاشرها بالمعروف، قال الله -تعالى-: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا).
والمعاشرة بالمعروف تتنافى مع الضرب والإيذاء، وتدعو إلى الرحمة والمودة بين الزوجين، وثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلُقًا، وخيارُكم خيارُكم لنسائِهم)، فلا يجوز للزوج إيذاء زوجته بأي نوعٍ من أنواع الإيذاء اللفظي أو الجسدي، ولا يجوز له ضربها إلا في حالة واحدة محاطة بضوابط عدّة سنبيّنها في الفقرة الآتية.
الحالة التي يجوز فيها ضرب الزوجة
يجوز ضرب الزوجة في حالة واحدة فقط وهي النشوز؛ ونشوز الزوجة يعني: خروجها عن الطاعة الواجبة لزوجها، وقد حرّم الفقهاء نشوز الزوجة؛ لِما لزوجها من حق عليها، وقد فصّل الفقهاء في الحالات التي يقع فيها النشوز من المرأة؛ فيقع نشوزها بخروجها من بيتها بغير إذن الزوج، فتمنع نفسها عن زوجها بخروجها بغير رضاه، أو أن تمنع نفسها منه بإعراضها عنه فتمنعه من الوطء والاستمتاع بها بغير عذر، ففي هذه الحلات تكون المرأة ناشزاً، وقد قال الفقهاء بجواز تأديبها بالضرب لا بالوجوب، وفي الفقرة الآتية خطوات التأديب للمرأة الناشز وضوابطه.
شرط الحالة التي يجوز فيها ضرب الزوجة
في حالة نشوز الزوجة؛ يجوز للزوج تأديبها؛ ولا يبدأ بضربها، بل يكون تأديبها بالوعظ والكلمة الطيبة أولاً، وتذكيرها بالثواب المترتب على طاعتها له، والعقاب المترتب على عصيانها ونشوزها، فإن استجابت الزوجة فيحرم على الزوج حينئذ الهجر والضرب لزوجته، لكن إذا لم تستجب هَجَرها زوجها في الفراش وامتنع عن وطئها، فإن استجابت الزوجة فيحرم عليه الضرب حينئذٍ، قال الله -تعالى-: (وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا)،
فإذا لم تستجب بالوعظ والهجر فيجوز للزوج ضرب الزوجة الناشز لكن بشرط إن كان ذلك سبباً لصلاحها، فإن علم أن الضرب لن يصلحها لم يجز له ضربها، ولا يجوز الضرب المبرح الشديد المخيف الذي يؤلم الجسد، بل الضرب الخفيف الذي يحقق المقصود من فعله، وهو الإصلاح، بعيداً عن الوجه، كالضرب بالسواك أو بمنديل خفيف ملفوف.
وذهب الفقهاء إلى القول بأن الأفضل للزوج ترك الضرب بالكلية حفاظاً على المودة بين الزوجين، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (اتَّقُوا اللَّهَ في النِّسَاءِ، فإنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بكَلِمَةِ اللهِ، وَلَكُمْ عليهنَّ أَنْ لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فإنْ فَعَلْنَ ذلكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غيرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ علَيْكُم رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بالمَعروفِ).
واجبات الزوج تجاه زوجته
جعل العلماء للزوجة على زوجها مجموعة من الحقوق هي:
- المهران المعجّل والمؤجّل: فإذا تم إجراء عقد الزّواج استحقّ للزوجة على زوجها المهران المعجّل والمُؤجّل، لقوله -تعالى-: (وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً).
- حقّ الزّوجة في النّفقة: وتشمل النفقة؛ المطعم، والمأكل، والملبس، والمشرب، والمسكن، والتّطبيب؛ وعلى الزوج أن يؤمّن للزوجة النّفقة بكل تفاصيلها لاحتباسها عنده فقد قال -تعالى-: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)، ولقوله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ).
- المُعاشرة بالحُسنى: والمعاشرة بالمعروف من أولى حقوق الزوجة التي يجب أن يهبها الزوج لزوجته، فيحفظ كرامتها، ويسدّ حاجتها، ويوفر لها الأمن والاستقرار، قال -تعالى-: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيراً).
- أن يعفّها من الوقوع في الحرام: ويكون ذلك بتحقيق المَقصود من عقد النّكاح، ويشمل جميع ما يضمن بُعدها عن الوقوع في الحرام ويكون من مقتضيات عقد النّكاح، ومن ذلك أن يعفها بالجماع فلا يهجرها فترة يجعلها تبحث عن حاجتها في غير رضى الله.
خلاصة المقال: اتفق الفقهاء على عدم جواز ضرب الزوجة إلا في حالة واحدة فقط؛ وهي نشوز الزوجة؛ أي بخروجها عن طاعته، فإن علم أن الضرب لن يصلحها لم يجز له ضربها، ولا بد قبل الضرب من الوعظ والإرشاد، ثم الهجر إذا لم تستجب بالكلام واللين، ثم بالضرب الخفيف الذي يُصلح من أحوالها من غير شدة ولا عنف إذا لم تستجب بالوعظ والهجر، والأَوْلى عند الفقهاء ترك ضرب الزوجة حفاظاً على المودة والرحمة بينهما، فالضرب حكمه الجواز لا الوجوب في حالة النشوز فقط.