ما يقال عند زيارة القبور
زيارة القبور
تُسنّ زيارة القبور، فقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (إِنَّي كنتُ نهيتكم عنْ زيارة القبور، فزوروها، لُتذكّركم زيارتُها خيراً)، ويسُنَّ أن يقف لزائر أمام القبر، حيث شرع الله -تعالى- زيارة القبور لحكم عديدة منها؛ الاتّعاظ، وتذكّر الآخرة، والدعاء للموتى.
وذهب كثير من أهل العلم إلى كراهية زيارة النساء للقبور لاعتبارات عديدة، لِما عند المرأة من رِقَّةٍ في القلب، وعدم تحمّلٍ للمصائب؛ وهذا مظنة البكاء، ورفع الصوت بالنحيب، بينما ذهب الحنفية في الأصح عندهم إلى أنّ حكم زيارة القبور للنساء مندوبةً، كما يُندب زيارتها للرجال.
شروط زيارة القبور
يشترط في زيارة النساء للقبور مجموعة من الشروط، فيما يأتي ذكرها:
- ألّا تخرج المرأة التي تريد زيارة المقابر مُتزيِّنةً أو مُتعطِّرةً، بل يجب عليها أن تخرج مُتستِّرةً مُحتشمةً، وهو الحال الذي يجب أن تكون عليه في أحوالها جميعها أمام غير مَحارمها.
- ألّا تختلط المرأة أثناء زيارتها للقبور والمقابر بالرّجال.
- أن تكون زيارتها للمقابر والقبور برفقة أحد محارمها إذا كانت المقبرة بعيدةً نائيةً عن الناس، أو موحِشةً.
- أن تلتزم السّكينة والوقار أثناء زيارتها للمقابر والقبور، فلا تصدر صوت عويل، ولا بكاء، ولا ما يُشابه ذلك.
- أن تكون غايتها الأولى من زيارة المقابر أخذ العِظة، والاعتبار بما آل إليه حال سكّانها من الأموات.
زيارة قبر غير المسلم
يجوز زيارة قبر غير المسلم؛ للاتعاظ وتذكر الآخرة، ولا يدعو لغير المسلم ولا يُسلّم عليه، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة، واستدلوا بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (استأذَنْتُ ربِّي أن أستغْفِرَ لأُمِّي فلم يأَذَنْ لي، واستأذَنْتُه أن أزورَ قَبرَها فأَذِنَ لي).
ما يُنهى عنه عند زيارة القبور
تشتمل زيارة القبور على مجموعة من النواهي التي لا بدّ للمسلم من امتثالها:
- اجتناب المسلم عند زيارة القبور المشي بينها في حذائه، عن بشير بن معبد بن الخصاصية قال: (فحانت من النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نظرةٌ، فرأى رجلاً يمشي في القبورِ، وعليه نعلان، فقال: يا صاحب السبتِيَّتين، ألق سبتِيَّتيك، فنظر الرجل، فلما رأى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خلع نعليه، فرمى بهما)، والأفضل للمسلم أن يخلع حذائه إذا مشى بين القبور، إلا لحاجة؛ كأن تكون أرض المقبرة فيها شوك، أو يكون الجو شديد البرودة أو الحر، أو تكون أرض المقبرة من الحصى ويتأذى بخلع حذائه.
- لا يُشرع عند زيارة القبور وضع جريد النخل، والرياحين، والزهور على القبور؛ لأنّ هذا الفعل لم يُنقل عن أحدٍ من الصحابة أو التابعين.
- لا يجوز للمسلم قراءة القرآن عند زيارة المقابر، فعن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تجعلوا بيوتكم مقابِر؛ فإنَّ الشيطان يفرُّ من البيت، أن يسمع سورة البقرة تُقرأُ فيه)، فدّل الحديث على أنّ المقابر لا يُقرأ فيها القرآن.
- يحرم على المسلم الذبح عند القبور، حتى لو نوى بذبحه وجه الله تعالى.
- يحرم على المسلم عند زيارة القبور الجلوس عليها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أن يجلِس أحدكُم على جمرةٍ فَتحرِق ثيابهُ، فتخلص إلى جلده، خيرٌ له من أن يجلِس على قبرٍ).
- يحرم على المسلم الصلاة إلى القبور، فعن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (لا تُصلُّوا إلى القُبور، ولا تجلسوا عليها).
- يحرم على المسلم أن يجعل للقبور أعياداً، وإن كانت للصالحين، ومواسم خاصةً يأتي إليها، لأنّ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تتَّخذوا قبري عيداً، ولا تجعلوا بُيوتكم قُبوراً، وحيثما كنتم فصلُّوا عليَّ؛ فإنَّ صلاتكم تبلغُني).
ما يُقال عند زيارة القبور
جاء في سنة النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- بيانُ ما يُشرع للمسلم أن يقوله عند زيارة القبور، منها ما يأتي:
- جاء في الحديث: (مرَّ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم بقبورٍ بالمدينة، فأقبل عليهم بوجهه، فقال: السَّلام عليكم يا أهل القُبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثرِ).
- ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فإنَّ جبرِيل أتاني، فقال: إنَّ ربَّك يأمرُك أن تأتي أَهل البقيع فتستغفر لهم، قالت: قُلتُ: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال قُولي: السَّلام على أهل الدِّيار من المؤْمنين والمسلمين، ويرحمُ اللَّهُ المُستقدمِين منَّا والمُستأخرِين، وإنَّا إن شاء اللَّهُ بكُم للاحقُونَ).
- وقيل يُندب أن يقول الزائر: "سلامٌ عليكُم دار قومٍ مُؤْمنِين وإِنَّا إن شاء اللَّهُ بكُم لاحقُون اللَّهمَّ لا تحرِمنا أجرهُم ولا تفتنَّا بعدهُم".
زيارة قبر النبي
أجمعت الأمة الإسلامية على جواز زيارة قبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وذهب جمهور العلماء إلى أنّها سنةٌ مستحبةٌ، وقال بعضهم: زيارة قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- سنةٌ مؤكدةٌ.
وصفة زيارة قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- كالآتي:
- ينوي المسلم عند زيارة قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- زيارة المسجد النبوي كذلك؛ حتى ينال الأجر، والمثوبة على ذلك.
- يقول الزائر عند وصوله باب المسجد النبوي: "اللَّهُمَّ صلّ على محمَّدٍ، رب اغفر لي ذُنوبي وافتح لي أبواب رحمتك".
- يصلي المسلم بعد دخوله المسجد ركعتين؛ تحيةً للمسجد، ثم يتوجه إلى الحُجرة الشريفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام.
- يستقبل المسلم عند وصوله إلى الحُجرة الشريفة قبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويقف أمام النافذة الدائرية اليُسرى مبتعداً عنها مسافة أربعةِ أذرعٍ تأدباً وإجلالاً للنبي صلى الله عليه وسلم، ثم يُسلّم الزائر على النبي- صلى الله عليه وسلم- بصوتٍ معتدل دون أن يرفع صوته، ويُسلّم على النبي -صلى الله عليه وسلم- بأي صيغةٍ تحضره من صيغ التسليم على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يُصلّي على النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
- يوصل الزائر سلام من أوصاه بالسلام على النبي -صلى الله عليه وسلم- من المسلمين، كأنّ يقول: السلام عليك يا رسول الله من فلانٍ أو فلانة.
- يُسلم الزائر بعد ذلك على صاحبي النبي -صلى الله عليه وسلم- أبي بكرٍ، وعمر رضي الله عنهما.
زيارات القبور في المناسبات الدينية
شرع الله -تعالى- زيارة القبور؛ لما فيها من الموعظة للزائر، وفيها دعاء للميّت بالرحمة ، ولكن لم يرد في الشريعة الإسلامية تخصيص يومٍ من أيام السنة لزيارة المقابر؛ كأيام العيد، ويوم الجمعة، بل يزورها متى تسنّت له الفرصة لذلك.
وإنّ زيارة المقابر في يوم العيد يحصل فيها تجديد الأحزان، وتذكر الأيام الماضية؛ مما يُثير الألم في نفس الزائر في يومٍ ينبغي أن يكون يوم فرحٍ وسرورٍ، وتخصيص زيارة الميّت في يوم العيد لم يرد فيه نفعٌ خاصٌ ينتفع به الميّت، فلا يُشرع للمسلم زيارة المقابر في يوم العيد.