ما يستفاد من سورة المدثر
ما يستفاد من سورة المدثر
سأذكر بعضاً من الدروس والعبر المستفادة من سورة المدثر:
- كانت حالة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بداية البعثة عن الخوف مما قد حدث، وهذا جليّ فيما بدأت به السورة من وصف رسول الله بالمتدثر بغطائه، وفي سورة المزمل بالمتزمل، فهنا يدرك المسلم ما مرّ به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليوصل الرسالة الربانية.
- يحرص المسلم على أن يكبّر الله -تعالى- في كل حال له، وفي كل موضع، فالآيات الكريمة أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأن يقوم بتكبير الله في كل أمر وحال هو في.
- يحرص المسلم على أن يطهر قلبه وجسده من كل نجس حسّي ومعنوي، قبل أن يبدأ بمهمة الدعوة إلى الله -تعالى- فهو القدوة لغيره.
- يحرص المسلم على أن يجعل كل ما يقوم به من أمر الدعوة إلى الله في ميزات حسناته، فلا يتمنن على الناس بأنه يقضي وقته في دعوتهم إلى الخير أو التمنّن على الله بسلك طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
- يستبشر المؤمن بأن نهاية الكافرين المفسدين في يوم القيامة ستكون عسيرة مهما علوا واستكبروا في الأرض، وبالتالي الجزاء الحسن سيكون للمؤمنين المحسنين.
- يدرك المسلم بأن النعم تزول بالكفر، وتزيد بالشكر، فيحرص المسلم على أن يؤدي حق الله -تعالى- في شكر النعمة .
- يدرك المسلم بأن إعطاء النعم في الحياة الدنيا لا تدل على زيادة في درجة الإنسان، فالنعم تكون في الحياة الدنيا للابتلاء.
- يدرك المسلم أن عاقبة بعض الكفار المفسدين تبدأ بالحياة الدنا بحرمانه من النعم التي أنعم عليه بها من قبل، وفي الحياة الآخرة يلقى أشد العذاب من الله -تعالى-.
- يدرك المسلم أن بعض الأمور الدينية قد ترد لفتنة الناس عن دينهم، فإما أن يثبتوا وإما أن يكفروا، ومن ذلك ما حدث من استنكار كفار قريش على أن عدد ملائكة الناس تسعة عشر ملكًا.
تعريف سورة المدثر
سورة مكية باتّفاق أمة المسلمين، وتعتبر من أوائل لسور القرآنية نزولا بعد سورة العلق، ففي قول بأنها نزلت بعد العلق، وقول أن سورة المزمل قد نزلت قبلها، ويبلغ عدد آياتها ست وخمسين آية، وقد بينت السورة الكريمة حال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد نزول الوحي عليه.
سبب نزول سورة المدثر
عن جابر بن عبدالله عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (جاوَرْتُ بحِراءٍ شَهْرًا، فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوارِي نَزَلْتُ فاسْتَبْطَنْتُ بَطْنَ الوادِي، فَنُودِيتُ فَنَظَرْتُ أمامِي وخَلْفِي، وعَنْ يَمِينِي، وعَنْ شِمالِي، فَلَمْ أرَ أحَدًا، ثُمَّ نُودِيتُ فَنَظَرْتُ فَلَمْ أرَ أحَدًا، ثُمَّ نُودِيتُ فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فإذا هو علَى العَرْشِ في الهَواءِ، يَعْنِي جِبْرِيلَ عليه السَّلامُ، فأخَذَتْنِي رَجْفَةٌ شَدِيدَةٌ، فأتَيْتُ خَدِيجَةَ، فَقُلتُ: دَثِّرُونِي، فَدَثَّرُونِي، فَصَبُّوا عَلَيَّ ماءً، فأنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {يا أيُّها المُدَّثِّرُ* قُمْ فأنْذِرْ* ورَبَّكَ فَكَبِّرْ *وثِيابَكَ فَطَهِّرْ}).
مضامين سورة المدثر
اشتملت السورة الكريمة على محاور رئيسيّة، ومنها ما يأتي:
- أمر رسول الله بالدعوة، والتهيّؤ لها بتفريغ قلبه ونفسه من كل نجس ودرن حسي ومعنوي، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ).
- أمر رسول الله بالاستعانة على تكاليف الدعوة ومشاقها بالصبر والصدقة، قال -تعالى-: (وَلا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ).
- التحذير من أهوال يوم القيامة ، قال -تعالى-: (فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ).
- التطريق لقصة الوليد بن المغيرة حينما اجتمع مع أبي جهل ليتناقش معه في أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال -تعالى-: (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَّمْدُودًا وَبَنِينَ شُهُودًا وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلاَّ إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ).
- الحديث عن بعض الظواهر الكونية الدالة على قدرة الله تعالى، قال -تعالى-: (كَلاَّ وَالْقَمَرِ وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ).
- الحديث عن الأسباب التي منعت الكفار عن الإيمان، قال -تعالى-: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ).