ما هي وظيفة الرسل
تبليغ الدين
أوكل الله للرسل مهمة إبلاغ الدين للناس، وإيصال النصوص والأوامر والنواهي التي أُوحيت إليهم كما هي دون أي تحريفٍ، وعلى الرسل أن يتحلّوا بالشجاعة في الوقوف أمام الناس وإخبارهم بالأوامر والنواهي، وتجدر الإشارة إلى أنّ طاعة الرسل طاعةٌ لله تعالى، ومعصيتهم معصيةٌ لله أيضاً، ويتوجّب الإيمان بجميع الرسل وعدم التفريق بين أحدٍ منهم.
الدعوة إلى الله
لا تنتهي مهمة الرسل عند تبيليغ الرسالة؛ بل عليهم حثّ العباد على امتثال ما ورد فيها، وتحقيقها قلباً وقولاً وفعلاً، وإخبارهم بأنّهم عبادٌ لله تعالى، والواجب عليهم عبادته، وقد بذل جميع الرسل جهوداً عظيمةً في الدعوة، فنوح -عليه السلام- دعا قومه تسعمئةٍ وخمسين عاماً في السرّ والعلن والليل والنهار بعدّة أساليب وطرق، ومع ذلك أعرضوا عنه.
وتمثّلت الغاية من إرسال الرسل -عليهم الصلاة والسلام- في إصلاح النفوس دون مخالفة الفطرة التي نشأ عليها الإنسان، ولم يعذّب الله أحداً من الأقوام قبل أن يرسل لهم الرسل.
التبشير والإنذار
قرن الله -تعالى- دعوة الرسل بشكلٍ دائمٍ بالتبشير والإنذار، وورد بيان هذه الوظيفة في العديد من الآيات، ويشمل ذلك الحياة الدنيا والآخرة، فيبشّرون من أطاع الله -تعالى- بالحياة الهانئة والأمن والتمكين في الأرض، وينذرون العصاة من الهلاك والشقاء في الدنيا، أمّا في الآخرة فيبشّر الرسل عباد الله -تعالى- بالجنة وما فيها من نعيمٍ، ويحذّرون العُصاة من عذاب جهنّم، وجاءت هذه الوظيفة موافقةً لطبيعة البشر بحبّهم للخير وبغضهم الشرور.
إصلاح النفوس وتزكيتها
أراد الله أن يخرج العباد من الظلمات إلى النور بتعليمهم أوامره وتزكية نفوسهم ببيان أسمائه وصفاته، وتعريفهم بالملائكة ورسل الله -عليهم السلام- والكتب التي أنزلها عليهم، وتعريفهم بالأمور التي قد تضرهم أو تنفعهم، وبيان الطرق التي توصلهم إلى محبة الله -عزّ وجلّ-.
تقويم الأفكار المنحرفة والعقائد الباطلة
خلق الله الناس على الفطرة السليمة إلّا أنّ البعض منهم انحرفوا عنها، فأرسل الله الرسل ليُرجعوهم إلى الطريق المستقيم، فكان كلّ رسولٍ يقوّم الانحراف الذي كان موجوداً عند قومه؛ فنوح -عليه السلام- نهى قومه عن عبادة الأصنام، ودعا هود قومه إلى ترك الاستعلاء والتجبّر في الأرض، وحارب لوط -عليه السلام- الفساد الذي كان منتشراً في قومه.
إقامة الحُجّة
بعث الله -تعالى- الرسل لِئَلّا يكون هناك حُجّةً للناس يوم القيامة ، فلو أنّ الله لم يرسلهم لخاصم الناس وجادلوا يوم القيامة، ولذلك يُحضر الله كلّ قومٍ يوم القيامة ومعهم رسولهم ليُقيم عليهم الحُجّة بأنّ رسولهم قد بلّغهم الدعوة.
سياسة شؤون الأمة
تحتاج الأمم لمن يدبر أمورها وشؤونها ويقودها؛ فأرسل الله الرسل للقيام بهذه المهمة، ويكون حكمهم بين الناس بحكم الله -عزّ وجلّ-.
صفات الرسل
اتصف الرسل بالعديد من الصفات التي تجعلهم قادرين على إتمام الوظائف المطلوبة منهم، وتمكن الناس من الاهتداء والاستفادة بما جاء به الأنبياء، ومن هذه الصفات:
- البشرية
أراد الله -تعالى- أن يكون الرسل بشراً وليسوا ملائكةً لحِكمٍ عدّةٍ؛ منها: أنّ البشر لا يمكنهم رؤية الملائكة بشكلها الحقيقي.
كما إنّ القدوة تنتفي إن كان الرسل من الملائكة، وقد تُنكَر رسالتهم ودعوتهم إن كانوا من الملائكة إذ إنّ العباد لا يعرفونهم من قبل، وجاءت الآيات لتبين أن الله اصطفى مجموعة من الرسل وأوحى لهم بالنبوة، والدليل قوله تعالى (وَما أَرسَلنا قَبلَكَ إِلّا رِجالًا نوحي إِلَيهِم)، ومن صفات الرسل عليهم السلام:
- الصدق
ويعدّ من أهمّ صفات الرسل ، سواءً قبل النبوة أم بعدها، ويستحيل على الله أن يرسل رسولاً يتّصف بالكذب.
- الأمانة
وهذه الصفة ملازمةٌ للصدق؛ فلا يُمكن للرسول أن يكون خائن وصادق، ومن غير المعقول أن يأتمن الله الخائن على تبليغ رسالته إلى الناس، وتشمل الأمانة أيضاً حفظ حقوق الآخرين، وعدم إفشاء السر، وإيصال رسالة الله كما هي.
- الفطنة
فعلى الرسول أن يتحلّى بالذكاء والفِطنة والسرعة في إدراك الأمور والتصرّف بعقلانيةٍ، وإزالة أي شبهةٍ من العقول، والقدرة على الإقناع بالرسالة.
- العصمة
ويقصد بها الحصانة التي أحاطها الله -تعالى- بجميع الرسل لِئَلّا يقعوا في الخطيئة، كما إنّهم معصمون من نسيان شيءٍ من رسالات ربهم، ومن الوقوع في الكبائر سواءً بقصدٍ أم لا، وبذلك يكون الرسل قدوةً للعباد في التوبة إلى الله، وتجدر الإشارة إلى أنّ التوبة لا تناقض الكمال، إذ إنّها تغفر ما كان من الذنوب.