المرأة في شعر عنترة بن شداد
المرأة في شعر عنترة بن شداد
تطرّق الشاعر الجاهلي عنترة بن شداد في قصائده إلى المرأة بسبب الأثر النفسي الذي تركته محبوبته عبلة، فانعكس ذلك على شعره، كما عُرف بالغزل العذري ، حيث المعاناة من الحب والعفة فيه.
ومن قصائد عنترة بن شداد التي يصف فيها عبلة ما يأتي:
إِذا الريحُ هَبَّت مِن رُبى العَلَمَ السَعدي
يتغزل عنترة بن شداد بمحبوبته عبلة، ويصفها بأروع الصفات، فيقول:
إِذا الريحُ هَبَّت مِن رُبى العَلَمَ السَعدي
- طَفا بَردُها حَرَّ الصَبابَةِ وَالوَجدِ
وَذَكَّرَني قَوماً حَفِظتُ عُهودَهُم
- فَما عَرِفوا قَدري وَلا حَفِظوا عَهدي
وَلَولا فَتاةٌ في الخِيامِ مُقيمَةٌ
- لَما اِختَرتُ قُربَ الدارِ يَوماً عَلى البُعدِ
مُهَفهَفَةٌ وَالسِحرُ مِن لَحَظاتِها
- إِذا كَلَّمَت مَيتاً يَقومُ مِنَ اللَحدِ
أَشارَت إِلَيها الشَمسُ عِندَ غُروبِها
- تَقولُ إِذا اِسوَدَّ الدُجى فَاِطلِعي بَعدي
وَقالَ لَها البَدرُ المُنيرُ أَلا اِسفِري
- فَإِنَّكِ مِثلي في الكَمالِ وَفي السَعدِ
فَوَلَّت حَياءً ثُمَّ أَرخَت لِثامَها
- وَقَد نَثَرَت مِن خَدِّها رَطِبَ الوَردِ
وَسَلَّت حُساماً مِن سَواجي جُفونِها
- كَسَيفِ أَبيها القاطِعِ المُرهَفِ الحَدِّ
تُقاتِلُ عَيناها بِهِ وَهوَ مُغمَدٌ
- وَمِن عَجَبٍ أَن يَقطَعَ السيفُ في الغِمدِ
مُرَنَّحَةُ الأَعطافِ مَهضومَةُ الحَشا
- مُنَعَّمَةُ الأَطرافِ مائِسَةُ القَدِّ
يَبيتُ فُتاتُ المِسكِ تَحتَ لِثامِها
- فَيَزدادُ مِن أَنفاسِها أَرَجُ النَدِّ
وَيَطلَعُ ضَوءُ الصُبحِ تَحتَ جَبينِها
- فَيَغشاهُ لَيلٌ مِن دُجى شَعرِها الجَعدِ
وَبَينَ ثَناياها إِذا ما تَبَسَّمَت
- مُديرُ مُدامٍ يَمزُجُ الراحَ بِالشَهدِ
شَكا نَحرُها مِن عَقدِها مُتَظَلِّماً
- فَواحَرَبا مِن ذَلِكَ النَحرِ وَالعِقدِ
فَهَل تَسمَحُ الأَيّامُ يا اِبنَةَ مالِكٍ
- بِوَصلٍ يُداوي القَلبَ مِن أَلَمِ الصَدِّ
سَأَحلُمُ عَن قَومي وَلَو سَفَكوا دَمي
- وَأَجرَعُ فيكِ الصَبرَ دونَ المَلا وَحدي
وَحَقِّكِ أَشجاني التَباعُدُ بَعدَكُم
- فَهَل أَنتُمُ أَشجاكُمُ البُعدُ مِن بَعدي
حَذِرتُ مِنَ البَينِ المُفَرِّقِ بَينَنا
- وَقَد كانَ ظَنّي لا أُفارِقُكُم جَهدي
فَإِن عايَنَت عَيني المَطايا وَرَكبُها
- فَرَشتُ لَدى أَخفافِها صَفحَةَ الخَدِّ
إِذا كانَ دَمعي شاهِدي كَيفَ أَجحَدُ
يعبر عنترة بن شداد فيها عن شدة شوقه لمحبوبته عبلة، فهو يتجدد كل يوم، ويسلب من النوم، ويذرف الدمع لتخفيف معاناته، فيقول:
إِذا كانَ دَمعي شاهِدي كَيفَ أَجحَدُ
- وَنارُ اِشتِياقي في الحَشا تَتَوَقَّدُ
وَهَيهاتَ يَخفى ما أُكِنُّ مِنَ الهَوى
- وَثَوبُ سِقامي كُلَّ يَومٍ يُجَدَّدُ
أُقاتِلُ أَشواقي بِصَبري تَجَلُّداً
- وَقَلبِيَ في قَيدِ الغَرامِ مُقَيَّدُ
إِلى اللَهِ أَشكو جَورَ قَومي وَظُلمَهُم
- إِذا لَم أَجِد خِلّاً عَلى البُعدِ يَعضُدُ
خَليلَيَّ أَمسى حُبُّ عَبلَةَ قاتِلي
- وَبَأسي شَديدٌ وَالحُسامُ مُهَنَّدُ
حَرامٌ عَلَيَّ النَومُ يا اِبنَةَ مالِكٍ
- وَمِن فَرشُهُ جَمرُ الغَضا كَيفَ يَرقُدُ
سَأَندُبُ حَتّى يَعلَمَ الطَيرُ أَنَّني
- حَزينٌ وَيَرثي لي الحَمامُ المُغَرِّدُ
وَأَلثِمُ أَرضاً أَنتِ فيها مُقيمَةٌ
- لَعَلَّ لَهيبي مِن ثَرى الأَرضِ يَبرُدُ
رَحَلتِ وَقَلبي يا اِبنَةِ العَمِّ تائِهٌ
- عَلى أَثَرِ الأَظعانِ لِلرَكبِ يَنشُدُ
لَئِن يَشمَتِ الأَعداءُ يا بِنتَ مالِكٍ
- فَإِنَّ وِدادي مِثلَما كانَ يَعهَدُ
لَعوبُ بِأَلبابِ الرِجالِ كَأَنَّها
هي قصيدة غزلية من البحر الطويل ، ويبلغ عدد أبياتها 6 أبيات، فيقول:
لَعوبُ بِأَلبابِ الرِجالِ كَأَنَّها
- إِذا أَسفَرَت بَدرٌ بَدا في المَحاشِدِ
شَكَت سَقَماً كَيما تُعادُ وَما بِها
- سِوى فَترَةِ العَينَينِ سُقمٌ لِعائِدِ
مِنَ البيضِ لا تَلقاكَ إِلّا مَصونَةً
- وَتَمشي كَغُصنِ البانِ بَينَ الوَلائِدِ
كَأَنَّ الثُرَيّا حَينَ لاحَت عَشِيَّةً
- عَلى نَحرِها مَنظومَةٌ في القَلائِدِ
مُنَعَّمَةُ الأَطرافِ خَودٌ كَأَنَّها
- هِلالٌ عَلى غُصنٍ مِنَ البانِ مائِدِ
حَوى كُلَّ حُسنٍ في الكَواعِبِ شَخصُها
- فَلَيسَ بِها إِلّا عُيوبُ الحَواسِدِ