ما هي معجزة سيدنا سليمان
ما هي معجزة سيدنا سليمان
توجَّهَ سيّدنا سُليْمان -عليه السلام- إلى الله -تعالى- بالدّعاءِ بأنْ يَهبَ له مُلكًا لا يَنالُه أحدٌ بعدَه، قال الله -تعالى- على لسان سُليْمان -عليه السّلام-: (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)، فاستجابَ الله له، ووَهبَ له مُلكًا ليس له مثيلٌ، وأيّده بالكثير من المُعجزات، وهي كما يأتي:
تسخير الريح
سخّرَ الله لسُليْمان -عليه السلام- الرّياح، فكانت الرّياح تَسير وتتَحرّك بأمرِه حيثُ يَشاء، مُستمرةً في طاعتِها لسليمان -عليه السلام- طيلةَ فترةِ حياتِه، ومن صفات هذه الرّياح أنّها قويّة شديدة، لكن في شدّتِها النفع وليس الضَرر، وكانت الرّياح تتميّز بالسّرعة الفائقة، فالمسافةُ التي يقطعُها النّاس في شهريْن تقطعُها الرّياح في يومٍ واحد، حتّى ولو كانتْ حُمولتُها ثقيلةً.
كما كانَ سيّدنا سُليْمان -عليه السلام- يأمرُ الرّياحَ أنْ تسوقَ الماء إلى الجهة التي يريد، وتقوم بتحريك السحاب وتوجيه السفن، قال -تعالى-: (ولسليمان الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ)، وقال -تعالى-: (فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ).
تسخير الجن
كان الجنّ يعملونَ بأمرٍ من سيّدنا سُليْمان -عليه السلام- كما يشاء، بقدرةٍ من الله -عز وجل- وتسخيرِه إيّاهم لسيّدنا سُليْمان، فكانوا طائعينَ لأمرِه، يعملون ويَبْنون القُصورَ العالية والرّفيعة، والتّماثيل، و يصنعون القدورَ الثّقيلة التي لا يُستطاع تحريكُها من شدّة ثقلها وثباتها، والصّور المُجسّمة المصنوعة من النّحاس والزّجاج، وغيرها الكثير.
وقد توعّدهم الله بأنّ من خَرجَ منهم عن طاعة نبيّهم سُليْمان- عليه السّلام- فله العذابُ الأليم في الدّنيا والآخرة، قال تعالى: (وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ* يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ).
فهم لغة الحيوان
كان سيّدنا سليمان -عليه السلام- يفهمُ لغةَ الحيواناتِ المُختلفة ويفهم أصواتَها، ومنها الطّيور، قال -تعالى- على لسان سُليْمان -عليه السّلام-: (وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ)، ووَردَ في قصّة سيدنا سُليمان -عليه السّلام- مع طائر الهُدهد الذي غاب فترةً من الزّمن.
حيث تفقّده سُليْمان -عليه السّلام- فلم يجدْه، فغَضِب، ثمّ عادَ الهدهدُ مخبرًا إيّاه بما رآه من قوم سَبأ الذين يَعبدون الشّمس من دون الله، قال تعالى: (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ* لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ* فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ).
وقد وَرد في القرآن الكريم أيضاً قصّة النّملة التي حذّرت النّمل من قُدوم جيش سُليْمان -عليه السّلام-، وطَلَبتْ منهم الدَّخول إلى مَساكنِهم وبيوتِهم، خشيةَ أنْ يُحطّمهم سُليْمان -عليه السلام- وجنوده دون أنْ يشعروا بهم، فسَمعَ سُليمان حديثَ النّملة، فتبسّم مُتعجبًا، وشكرَ الله -تعالى- على النّعم التي أنعمَها عليه، وتوجّه إليه بالدّعاء بأن يدخله في رحمته، ويجعله من الصالحين.
قال -تعالى-: (وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ* حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ* فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ).
إسالة النحاس
قال الله -تعالى-: (وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ)، والقِطْر هو النّحاس، فقد أذاب الله -تعالى- بقُدرته النّحاسَ لسُليمان -عليه السلام-، وأسالَه كما يَسيل الماء، ليعملُ به ما يَشاء دون الحاجةِ إلى نارٍ أو مِطرقة، فحوّل الله -تعالى- له بقدرته المعدن الصّلب لسائل يُشكّله كيفَ يشاء، وقيل أيضًا: إنّ عينَ النّحاس كانتْ بأرض اليَمن، وأخرجَها الله لسُليمان -عليه السلام- لينتفعَ بها.